لماذا تعيق إيران عبور شاحنات الأردن للعراق؟… أوراق برفقة السيسي أهمها «موقف أبعد» عن الإخوان
سفيرة بغداد النشطة غادرت موقعها وطهران مسؤولة عن «زحف» نمو العلاقات
غادرت سفيرة العراق النشطة في عمان، صفية السهيل، موقعها الدبلوماسي وهي تشعر بقدر من الاسترخاء عن دورها في دفع وتنشيط العلاقات بين البلدين، وعدم الرضا في الوقت نفسه عن تحقيق إنجازات على أرض الواقع في السياق، في الوقت الذي يستعد فيه العاهل الأردني على الأرجح، الملك عبد الله الثاني، لزيارة خاطفة وسريعة إلى مصر.
على الأجندة الأردنية في مصر، ومنذ نحو خمسة أشهر، بند واحد أساسي في برنامج عمل مشترك خلافاً لبقية الكلاسيكيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وعملية السلام، والوضع الإقليمي المفتوح على الاحتمالات.
ذلك البند تحدث عنه ملك الأردن علناً، وفاوض من أجله المصريين رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ونخبة من طاقمه، وعلى رأسهم وزير الصناعة والتجارة الدكتور طارق الحموري. وتتمسك عمان برؤيتها لعنصر رابط في التعاون يجمع مصر والعراق والأردن.
وأغلب التقدير أن الجانب الأردني يريد الحفاظ على مستوى متقدم من الحوار مع المصريين من أجل التعاون والتشبيك الثلاثي، حيث مشاريع طموحة لها علاقة بقطاع النقل البحري والنقل البري، ولها علاقة بتجارة ترانزيت ثلاثية يمكن أن تخدم كل الأطراف.
تحاول عمان هنا مع القاهرة بعدما قامت بتوقيع 15 اتفاقية مع حكومة العراق التي تواجه سلسلة من التداعيات الداخلية الآن.
تبدي الحكومة المصرية من جانبها استعداداً للتعاون في المجالات التي يقترحها الأردن مع العراق. لكن لاحظ مسؤولون أردنيون مؤخراً نمطاً من البرود والفتور عند المؤسسة المصرية التي تصغي وتسمع باهتمام، لكنها حتى اللحظة تحتاج إلى تحفيز وتنشيط بين الحين والآخر؛ لأن الأردن وفي مرحلة استعصاء المساعدات من دول حليفة مثل السعودية والإمارات، يراهن على نشاط استيرادي وتصدير وتجارة عبر التشبيك بين مصر والعراق مستثمراً في موقعه الجغرافي.
ثمة تحديات، حسب الخبراء، تواجه المشروع الأردني لا علاقة لها فقط بإنتاجية التحفيز مع المصريين، ولكن لها علاقة بالتنفيذ الفعلي البطيء جداً والزاحف للاتفاقيات التي تم توقيعها سابقاً مع حكومة العراق، وشملت تجارة الترانزيت، وتبادل السلع والنفط، وبروتوكول عبور الشاحنات، وغيرها من الترتيبات الحدودية.
يكثر الوزير الحموري من زيارة بغداد، ويخصص وقتاً كبيراً للدفع باتجاه تنشيط العلاقات التجارية والصناعية، ويعتبر حتى عندما ناقشته «القدس العربي» بأن حزمة الاتفاقيات الموقعة تعكس عمق العلاقة مع الشقيق العراقي وتفتح آفاقاً للتعاون.
لكن في النطاق العملي، تلاحظ شخصيات خبيرة وعميقة بأن قطار التعاون الحدودي والتجاري مع بغداد يمشي اليوم ببطء شديد، والسبب هجمات منظمة على كل مظاهر التعاون بين البلدين من قبل اللوبي الإيراني النافذ في بغداد. وهي على الأرجح هجمات سياسية الطابع، تحاول لفت نظر عمان إلى أنها لا تستطيع، حتى بعد توقيع بروتوكولات، النفاذ في مصالحها إلى السوق العراقية، وهي تحجب في الوقت ذاته عن تسمية وإرسال سفير لها في طهران.
في مربع القرار الأردني، وتحديداً في الاستراتيجية الأمنية السياسية، لا تريد عمان الخضوع لهذا النمط من الابتزاز الدبلوماسي، وتتصور بأن الاختراق للجبهة الإيرانية الصلبة المستحكمة في بغداد ممكن دوماً عبر تأسيس علاقة أوسع وأعمق مع الحكومة العراقية الحالية وتأسيس شراكة برفقة مصر.
لكن في الواقع، النفوذ الإيراني في البيروقراطية العراقية وحتى بعد توقيع اتفاقيات مع الأردن، تحرش برلمانياً باتفاقية أنبوب النفط وأعاقها مرات عدة، والنفوذ نفسه هو المسؤول عملياً حتى في تقديرات المؤسسة الأردنية عن تأخير شاحنات على الحدود تحمل البضائع الأردنية.
ويبدو أن لوبي طهران في مؤسسات بغداد مسؤول في الوقت ذاته عن تقليص نمو الصادرات بين البلدين ويساهم في ضعف التبادل التجاري والتعاون في القطاع الصناعي خلافاً، لأنه وعبر أذرعه الإعلامية، كلما تطورت العلاقات قليلاً يحقن المناخ العام بقصص وحكايات معرقلة ومثيرة للجدل من وزن إعادة ابنة صدام حسين السيدة رغد المقيمة في الأردن لأنها مطلوبة. أو من وزن استعادة أموال صادرها الأردن في الماضي ينبغي أن تعود للشعب العراقي.
مثل هذه التحرشات يقدر سياسي مخضرم وثقيل الوزن من طراز عبد الكريم الكباريتي بأنها ستبقى في نطاق إعاقة نمو المصالح مقترحاً أن تنتبه البوصلة السياسية الأردنية أكثر، لأن إيران موجودة بنفوذ كبير في بلدين مجاورين لدى المملكة أطول حدود معهما، ويقصد العراق وسوريا بطبيعة الحال.
لسبب أو لآخر، تصر مؤسسة القرار اليوم ونخبتها في الأردن على أن استمرار المحاولة عبر التشبيك بمشاريع تجارية مع العراق ومصر أقل كلفة من ملامسة الحضن الإيراني. هذا ما حاولت شخصيات أردنية وعراقية متعددة الذهاب إليه مرات عدة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقفة الملك الوشيكة في القاهرة يفترض أن تدفع بهذا الاتجاه، فالأردن يلتقي نظام السيسي اليوم وهو يحتفظ بثلاث أوراق أو يحاول الاستثمار فيها، تتمثل في موقف عدائي أكبر من جماعة الإخوان المسلمين بعد أزمة المعلمين الداخلية الأخيرة. ثم محاولات للغزل عن بعد، على أمل استعادة العلاقات والاتصالات مع السعودية والإمارات، ولو حتى عبر الذراع المصري. والورقة الأخيرة والثالثة هي التشبيك مع العراق قدر الإمكان.