اراء و مقالات

متاهات أردنية: أيهما يحفز الشارع أكثر الصفدي أم «أبو عبيدة»؟ عندما تعفنت «وادي عربة» مثل «الخبز المصري»

«ننتظر ونرى». هذا ما قاله وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي على محطة «بي بي سي» العالمية، ردا على سؤال حول «توسيع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة».
بعد ثلاثة أيام من بيان للجيش الإسرائيلي بأنه سيدخل مساعدات أردنية من جسر «اللينبي» الشهير، لم تدخل، ولو «ربطة خبز» مع أن تلفزيون الواقع نقل بحماس صورة طفل نازح، وهو يقلب عبوات كرتونية كتب عليها «الهلال الأحمر المصري» مليئة «بالخبز المعفن».
ما دام ممثل الدبلوماسية الأردنية «لا يصدق» علنا، ما تقوله إسرائيل، ويضيف «سمعنا هذه الوعود سابقا» على أي أساس تتطوع شخصيات أردنية لإطلاق سهام التهجم في كل الاتجاهات، باستثناء الإسرائيلية.
سؤال الإجابة عليه تدخلك في «متاهات» أردنية، ويستنسخ أمثاله بالطن: تلفزيون «المملكة» مثلا ترافق كاميراته مسيرات الاحتجاج للأردنيين بصورة دائمة.
وتفرد المحطة – المعروف أنها «تبع الدولة» – مساحات واسعة لتغطية «نبض الأردنيين»، حتى أن صبية في حارتنا غادروا للاعتصام في «الرابية» للظهور على شاشة» المملكة»، التي تستضيف في الوقت نفسه وزيرا سابقا يريد «سحب جنسيات» أحفاد قادة الفصائل.
أحدهم أبلغني، وهو يشاهد السرد الإخباري للتلفزيون الأردني عن إنزالات جوية: «يا رجل فصمونا بالاتجاهات المتعاكسة».
عمليا، عندما يصرح وزير خارجية «حيل قوي»، على الطريقة العراقية، بأنه «لا يصدق جيش إسرائيل»، بمعنى أن الكيان «كذاب»، فإن مثل هذا التصريح يعكس «نبض وقناعة الشعب والقيادة»، بل يساهم في حراك الرابية، ويحرض عليه بوضوح أكثر بكثير من «أبو عبيدة».
الصفدي والإنزالات وقناة المملكة هذه عناصر تساهم في تحفيز الأردني على النزول للشارع. لماذا بذلت مجموعة «كتاب التدخل السريع» كل هذا المجهود الوطني لتنشيط وتفعيل حفلة شيطنة الحراك الشعبي ومعه المقاومة؟
بصراحة أكثر: أي نفير أو استنفار في الشارع موجود أصلا في وجدان كل أردني خائف على المستقبل من برامج «القتل الذكي» الإسرائيلية، التي جربت على لحم أطفال غزة!

الصفدي أم «أبو عبيدة»؟

تسهيلات التظاهر التي قررتها الحكومة لأسباب تخصها، مساهمة في «تأليب» الأردنيين أكثر من كل أشرطة «الإعلام العسكري للقسام».
وما يقوله في التحريض لأسباب أردنية – مشايخ عشائر ومساجد ومنابر وأصحاب لقب «معالي» متقاعدين – لا يقارن قياسا بما يقوله جنرال تحت القصف قتل جميع أقاربه وجيرانهم، مثل محمد ضيف.
القيمة التي يزرعها لواء ميكانيكي متقاعد من الجيش العربي نجم «حلل يا دويري» العائد إلى شاشة «الجزيرة» جالسا لأسباب صحية الآن أهم كثيرا محليا وعشائريا ومناطقيا من شريط الناطق «أبو حمزة»، وهو يمتدح مؤخرا على قناة «الأقصى» نخوة النشامى.
الفريق قاصد محمود – أيضا عسكري متقاعد رفيع المستوى ونجم الوصلات الليلية على «الجزيرة» و»سكاي نيوز» وغيرهما – يقول في المقاومة ما يدفع الشعب للتصفيق لها، وقد قال مباشرة لكاتب هذه السطور إن كل من يقترح رؤية لا تتضمن «صمود المقاومة» لدعم المصالح الأردنية ينبغي عرضه على «طبيب نفسي».
الجنرالات أيضا لديهم فهم «تحفيزي» يغذي الاحتجاج ضد الجريمة.
المواطن الأردني محبط، لا يفهم على الأدوات، التي اختيرت لقيادته، ولا يعلم أصلا إلى أين تقوده؟
الدم الغزاوي موجع، ومن وصف بالأمس على قناة «الجزيرة» اتفاقية «وادي عربه» بأنها «مجرد ورقة في متحف يعلوها الغبار»، وزير الخارجية، وليس مراد عضايلة، واليوم يريد البعض إقناع الشعب بربط مصيره باتفاقية تعفنت على المعابر، مثل بعض «الخبز المصري» إياه المرسل لأطفال غزة.

«تكشيرة» في وجه من؟

حسنا. تريدون إظهار «تكشيرة» في وجه من «يؤلب الأردنيين» وتعزفون لحن «التصدي لكل من تسول له نفسه ..إلخ» في مواجهة المقاومة وشعبكم، افعلوا ذلك بأنصاف و»مروءة» وفروسية أيضا مع «العناصر الرسمية» التي هزت أوتار «أحزان الشعب وأشواقه».
ما تقدمه شاشة» المملكة» في «التذكير والتأليب» أهم مما تفعله بعض المحطات.
تصريحات وزير الخارجية بـ»سقف» دون سقف الهتافات في أزقة البقعة.
تذكير الأردنيين يوميا بـ»العدو الهمجي» وحرب الإبادة مارسه تلفزيون الحكومة ووفد رسمي في لاهاي.
من يقولون علنا إن «مصالح البلاد مرتبطة بانتصار وصمود المقاومة» خمسة رؤساء حكومات سابقون وعصبة من وزراء الداخلية والإعلام سابقا ورئيسا ديوان ملكي.
ومن يؤمنون أن «ما قبل 7 اكتوبر المجيد ليس كما بعده» أعضاء في الأعيان والنواب.
نزيدكم من الشعر بيتا، ولكن عبر فضائية «اليرموك»، من قال إن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول غسل «العار» مسؤول بارز في الدولة، ومن وقعوا مذكرة لإعادة تشكيل «مرجعية فلسطينية»، تضم المقاومة رجال دولة لا يشاركون في مسيرات «الكالوتي» .
هؤلاء هم في اختصار من أثاروا أسئلة حادة وحارة في وجدان الأردنيين وأسسوا للحراك الشعبي وهزوا، إن شئتم وجدان «اليقين» بما يسمى إسرائيل والسلام والاتفاقية.
من الآخر نقولها: من صنع «النفير» في عمق الشارع الأردني الدولة ورموزها، قبل التيارات، لأن النفير والاستنفار بكل بساطة يجلسان في الفراغ الناتج عن «غياب اليقين والشرح والحوار والأدوات».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى