هل «غاز إسرائيل» للأردن جزء من «وادي عربة»؟… الجهات الممولة «لها دور» ولا ضغط على «الفنيين»
لا عروض بسعر تفضيلي إطلاقاً من قطر أو الجزائر بعد انقطاع «المصري»
يريد الدكتور إبراهيم سيف، وزير الطاقة الأردني الأسبق، قول شيء ملغز ومحدد بظهوره مرتدياً «تي شيرت» باللون الأحمر وبدون تكلف وبعيداً عن الزي الرسمي في مكاتب رئاسة الوزراء وسط زحام من الإعلاميين والوزراء والمسؤولين في قطاع الطاقة.
لفت سيف، الذي صمت طوال عامين تجادل خلالهما الجميع بملف «اتفاقية الغاز»، الأنظار مرتين عند التعاطي مع سيكولوجيا الظهور الإعلامي بمبادرة «شجاعة» وغير مسبوقة من وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الوزير أمجد عضايلة.
في الأولى عندما تخلص من «أناقته» الرسمية المعتادة بحكم سلسلة مواقع أكاديمية واستشارية دولية يديرها مكتفياً بـ «تي شيرت» فاقع اللون، موحياً ضمنياً بأنه بات مستعداً للتحدث عن الغاز الإسرائيلي وفي حضن الحكومة وأمام الوزيرة الحالية للطاقة هالة زواتي.
وفي الثانية كان الوزير الأسبق سيف فاقعاً أيضاً بوضوحه وصراحته وبالمعطيات التي قدمها علناً ولأول مرة حول تلك الصفقة التي تثير أزمة شعبية الآن في المملكة.
قبل ذلك، كان الوزير العضايلة يتحدث مع «القدس العربي» عن عدم وجود ما تخفيه الحكومة بجميع الملفات، وعن شفافية رسمية مقررة تجيب على كل الأسئلة. لذلك، اتجه العضايلة نحو مبادرة جريئة، فقد استضاف في رئاسة الوزراء مديري شركة الكهرباء والمختصين وثلاثة وزراء للطاقة مختلفين أصلاً فيما بينهم وبينهم الوزير السابق محمد حامد والوزيرة الحالية هالة زواتي.
حشرت المبادرة نحو سبعة من كبار مسؤولي ملف الطاقة في الماضي والحاضر، مع أكثر من 30 إعلامياً وصحافياً وكاتباً، وتداول الجميع بصراحة كل المعطيات. قبل ذلك كانت منصة حكومية قد أثارت إشكالاً مع وزراء الطاقة السابقين عندما أشارت إلى أن اتفاقية الغاز الإسرائيلي لم توقعها الحكومة الحالية وبعهد الوزيرة زواتي، فطالب الجميع وزيرين سابقين هما حامد وسيف، للتحدث عن تفاصيل ولادة تلك الاتفاقية التي وصفها النائب صالح العرموطي بأنها تضع ملفاً استراتيجياً مهماً جداً، مثل الطاقة، في حضن «العدو الإسرائيلي».
في الجانب الفني شُرحت كل الظروف والملابسات، ووجد مسؤولون في قطاع التزويد بخدمات الكهرباء الفرصة مواتية لإبلاغ الرأي العام عبر الإعلاميين الموجودين بأن «المستهلك الأردني» يحصل على واحدة من «أفضل خدمات التزويد والإنارة في العالم»، مع الإشارة إلى أن ذلك له كلفته عملياً، وبالتالي انعكاساته على الفاتورة.
الأوراق التي كشفها الدكتور سيف قد تكون الأصرح في السياق، خصوصاً عندما شرح ما حصل معه شخصياً عندما زار الجزائر وقطر بحثاً عن «صفقة غاز» مع طاقمه الفني، رداً على رواية النائب الإسلامي موسى هنطش، الذي اتهم الحكومات السابقة بتجاهل عروض الغاز القطري والجزائري للتعويض من أجل غاز العدو.
وفقاً لسيف، تم استقباله في قطر وتناول الغداء برفقة نظيره القطري، واستقبل أيضاً في الجزائر، لكن طلب منه البحث عن الغاز في السوق الدولية وبالسعر الدولي.
تلك رواية «متهالكة».. قالها سيف أمام «القدس العربي» في مناسبة سابقة وهو يشرح بأن بلاده لم تتلق بحال من الأحوال أي عرض قطري أو جزائري بأسعار تشجيعية، وهو شخصياً حاول في الاتجاهين، مؤكداً بأن «الجانب السياسي» في مسألة صفقة الغاز الإسرائيلي، إن تواجد أصلاً، كان معزولاً تماماً عن سياق المفاوضات الفنية.
قال سيف: في الجانب التفاوضي الفني مع الشركة الأمريكية المعنية لم يحصل أي تداخل أو تدخل سياسي معي أو مع زملائي إطلاقاً، وأنا مسؤول عن هذا الكلام.
مرات عدة، في لقاء رئاسة الوزراء، طلب سيف التحدث بصراحة، مشيراً ولأول مرة إلى أن «الجهات الممولة» لها علاقة غير مباشرة في الدفع باتجاه اتفاقية الغاز عبر التركيز الشديد على فاتورة إنتاج الكهرباء وقطاع الطاقة في كل صغيرة وكبيرة.
الأصرح كانت المفاجأة التي كشفها سيف عندما أشار إلى أن ملف الطاقة كان موجوداً في بروتوكول مرتبط باتفاقية وادي عربة، قاصداً على الأرجح التأصيل للخلفية القانونية، بمعنى أن الحكومة التي وقعت اتفاقية الغاز في عهدها لم تغرد خارج سياق «قرار واستراتيجية الدولة» بشأن عملية السلام مع إسرائيل.
في الأثناء، انشغلت الوزيرة زواتي بشرح معادلة التسعير والأسعار والظروف الاستراتيجية التي تطلبت ضمان أمن التزود بالكهرباء، وتحدثت عن كلف الغاز قياساً بانقطاعه من مصر، والاعتبارات التي يخدمها وجود أنبوب ناقل للغاز في شمالي المملكة، وهي شروحات سبق أن سمعتها «القدس العربي» من زواتي وشرحتها في تقرير سابق.
أما الوزير الأسبق محمد حامد، فقد شرح معادلة «أمن التزود وإنتاج الكهرباء» باعتبارها الأساس في الاندفاع نحو الغاز الإسرائيلي الذي لا يمكن تجاهله بالرغم من «مرارة اللجوء لإسرائيل»، مشيراً إلى أن الاتفاقية عمرها 15 عاماً فقط وليست «أبدية أو دائمة».