وزراء «ضد رئيسهم» في الأردن و«ثلاثة أشهر» هي الأصعب والرزاز «قد يخسر المواجهة»
رحلة روما «كشفت الطابق» وزحام في تكهنات تبدأ بالتعديل وتنتهي بالرحيل
«ثلاثة أشهر مقبلة صعبة للغاية وقد نخسر المواجهة»، هذا هو حصرياً وتحديداً الانطباع المتشكل في أقرب مسافة من رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز، بعدما تم إدخال حكومته قسراً من قبل بعض مراكز القوى في مزاج التغيير أو التعديل أو الرحيل.
مثل هذا الانطباع يظهر، سياسياً، دوائر القلق التي ترسمت في محيط مقر رئاسة الوزراء بعد عودة الرزاز من إجازة عائلية خاصة قضاها في روما لخمسة أيام تقريباً رصدت خلالها مستجدات ومطبات وكمائن. وليس سراً هنا أن الرزاز غادر في إجازته العائلية تلك وهو يعارض توصية من وزير الداخلية القوي سلامة حماد، بإحالة الأمين العام للوزارة الأسبق الدكتور رائد العدوان إلى التقاعد.
ورغم أن الوزير حماد تصرف تماماً بموجب صلاحيات وانطلاقاً من رؤيته لواجبات العمل في وزارته، إلا أن الانطباع في النادي السياسي تشكل بأن مزاحمة من طراز بيروقراطي، كان الرزاز فيها متحفظاً، انتهت عملياً بضربة إدارية لصالح الوزير حماد. طبعاً، ذلك غير ممكن عملياً بدون تمرير وعبور رئيس الوزراء الوكيل وبالنيابة الدكتور رجائي المعشر.
قد تكون تلك إشارة مهمة على عودة التجارب ومظاهر التشنج في غياب الكيمياء بين الرزاز ونائبه المعشر، خصوصاً أن الأخير أبلغ رفاقه من حرس الدولة القديم مرات عدة بأنه قام بواجبه في العام الأول للحكومة وينوي المغادرة.
ثمة قرارات لها علاقة بكفاءات أخرى يؤمن بها الرزاز حاول وزراء المشاغبة عليها خلال غيابه.
هنا أيضاً يبدو أن حالة الأجنحة في مجلس الوزراء، عشية بدء تعبير الرزاز عن رغبته في تعديل وزاري رابع، تشي بوجود مناخ مناكفة واضح وملموس من وزير المالية عز الدين كناكريه، وهو بيروقراطي عريق لا يؤمن أصلاً بالمواجهة والصدام، لكن عندما يقرر مشاغلة رئيسه فبصمة الدكتور المعشر هنا أيضاً موجودة. لم يصدر عن الرزاز بعد عودته من روما إلا تهنئة يتيمة بمناسبة السنة الهجرية للمواطنين.
دون ذلك، خفف الرجل من ظهوره الإعلامي في الوقت الذي امتلأت فيه الساحة بخيارات وسيناريوهات بديلة على أساس تصعيد محتمل في الأزمة بين مجلسي الأعيان والنواب قد ينتهي بسيناريو حل البرلمان، وعلى أساس قفزة مفاجأة لسيناريو مواز يتحدث عن إقالة الحكومة وحل البرلمان وانتخابات مبكرة، وهو خيار يبدو أنه يتغذى على ما يتردد في الكواليس عن مشروع محتمل لإحباط التعديل الوزاري الرابع، حيث بات مرجحاً أن الطاقم الاقتصادي الحالي في وزارة الرزاز من الصعب السماح له بالاستمرار
يتغذى التفكير الجديد أيضاً على المهلة المربكة والعلنية التي قالها الملك عبد الله الثاني شخصياً عندما زار مجلس الوزراء وأدلى ببعض الملاحظات الناقدة فيما يتعلق بالحواجز التي توضع ضد الاستثمار المحلي والخارجي.
وهنا طلب رأس الدولة من الوزراء – ما يمكن الاستنتاج بأنه مهلة زمنية قبل نهاية العام – وضعه بصورة التفاصيل واتخاذ إجراءات. وأدرك المقربون جداً من الرزاز، مبكراً، أن الحكومة التي تنشغل كل الوقت في وضع استراتيجيات طويلة الأمد تلقت إنذاراً ضمنياً بسقف زمني قصير، في إشارة إلى إقرار ضمني بصعوبة تقديم كشف إنجازات حقيقي قبل نهاية العام الحالي.
في زاوية التوقيت تكمن تفاصيل الشيطان السياسي، فقد سجل كثيرون على الرزاز أنه قرر الاسترخاء في إجازة عائلية لخمسة أيام بعد تلك المهلة الملكية. مع أن الرزاز كان يعلن بأنه لا يستطيع الاستسلام وسيكمل مشواره إذا سمح له بذلك بطبيعة الحال.
ورثة حكومة الرزاز ثقيلة جداً، كما قالت الناطقة باسمها الوزيرة جمانة غنيمات مباشرة لـ «القدس العربي»، ولأن الإصلاح الجذري والعميق يتطلب وضع استراتيجيات أعمق، تقر الوزيرة غنيمات بأن الإنجاز السريع قد لا يكون متاحاً؛ لأن أصغر وثيقة استراتيجية وخطة تحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل حتى يمكن تلمس أثرها.
حتى في الأفق الاقتصادي، ثمة نجاحات من الصعب إنكارها لحكومة الرزاز، من بينها تمكن وزير الصناعة والتجارة طارق الحموري من تعديل عدة اتفاقيات دولية، ومن بينها -كما يلاحظ الحموري نفسه- نمو الصادرات والحفاظ على النشاط الصناعي وآفاق التعاون في مجالي التجارة والنقل إقليمياً.
بالنسبة إلى بعض الإشارات العميقة داخل أروقة القرار.. تلك إنجازات ورقية، وحكومة الرزاز أصبحت تمثل خطراً وعبئاً على الدولة.
من الواضح أن الجناح المقرب جداً من رئيس الوزراء يسمع مثل هذه الاستخلاصات أو يشعر بها بعدما تحرك نحو خمسة وزراء على الأقل في الحكومة في حملة مناكفة بوضوح لرئيسهم، سواء في الخط الاقتصادي أو فيما يتعلق بالإصلاح السياسي أو حتى ببعض التعيينات.
والحراك في عمق الدولة ضد حكومة ومشروع الرزاز وهويتها أصبح من الصعب إنكاره، وهو بالتأكيد العنصر الضاغط زمنياً قبل نهاية العام الحالي.
لذلك، لا يلام معسكر الرجل – ونقصد الرزاز – وجناحه الوزاري المقرب عندما يشعر بعبء التوقيت، ولا يلام الرزاز نفسه وهو يهمس بأن الأشهر الثلاثة المقبلة – إذا صمدت الحكومة أصلاً – فيها معركة وقد تخسرها التجربة.