ضبط”جموح” الرزاز..كلفة الزحف خارج”المحور السعودي” والإستعداد لمصافحة “بشار”
مسالتان عند الرغبة في التحليل تحديدا لا يمكن اسقاطهما ببساطة اذا ما قررنا التعمق قليلا في دلالات الحديث الملكي الاخير مع مجموعة يفترض انها مستنيرة قليلا من الزملاء الاعلاميين والكتاب خلافا لبعض مظاهر الانفتاح التي نظمت مع اعلاميين اخرين سابقا ثمة ما يشبه الاجماع على ان بعضهم على الاقل جزء من المشكلة.
بكل حال ثمة ما هو مفيد وعميق في الرسالة الملكية الاخيرة يمكن ان يثير شهية الاستنتاج.
المسالة الاولى ان ما ورد في حديث جلالة الملك لم يكن مكتوبا ولا يشبه خطابات التكليف وبالتالي نتحدث هنا عن تقييمات وملاحظات وانطباعات ذاتية اهميتها القصوى تنتج من انها صدرت عن المفردة الملكية واشارت للعديد من القضايا والملفات.
اما المسالة الثانية فتلك التي تتمثل – وهذا استنتاج شخصي محض – بان الرسالة في مضمونها قد تكون لعدة جهات اولها الحكومة وثانيها المجتمع والقوى السياسية.
سياسيا من الصعب الفصل بين مضمون الحديث الذي تقرر ان يذاع رسميا لغرض وبين سلسلة احداث برزت بقوة في الايام العشرة الاخيرة ..” جولة شارع الرينبو .. التصعيد الحساس والعبثي في خطابات الخميس الاخير لحملة معناش ..وظهور هتافات سلبية باتجاه مؤسسات وطنية .. انسحاب القوات الامريكية من سوريا وتسليم مطيع وزيارة الرزاز لتركيا ثم العراق واخيرا وقد يكون الاهم الازمة التي تعصف الان بالضفة الغربية وسيناريوهات ما بعد اصرار اليمين الاسرائيلي على تقويض السلطة وتداعيات ذلك علينا كأردنيين ” .
بعيدا عن الاسترسال والغرق في التفاصيل بكل هذه الملفات يمكن القول بان القرار المرجعي يتجه نحو تخفيف الاندفاع لصالح ما يتردد في الكواليس حول مشروع قانون جديد للانتخاب .
هنا يبدو الاستدراك واضحا برفقة السعي لعدم العبور مرة اخرى من نفس المحطة التي عبر منها الجميع سابقا في جزئية قانون الانتخاب.
الحد من جموح وجنوح مطبخ حكومة الرئيس عمر الرزاز باتجاه خطوات غامضة بعنوان الاصلاح السياسي قد يكون من المضامين اللافتة ليس فقط لان مؤشرات مطبخ الرزاز ملتبسة هنا.
ولكن لان الرسالة تريد لفت نظره بعد سلسلة من التعقيدات التي انتجتها حكومته الى ان المشوار الاقتصادي الاصلاحي لا يزال في اول الطريق ومن الصعب السماح للحكومة بالقفز نحو ملفات الاصلاح السياسي المعقدة اصلا والتي تخيف وتقلق الجميع قبل اكمال المشوار الاقتصادي .
ذلك مضمون برز في الوقت الذي يلح فيه وزيران على الاقل في مطبخ الرزاز على ان الخطوة المقبلة ينبغي ان تكون باتجاه الاصلاح السياسي .
وهو الحاح تشعر به المؤسسات العميقة وتريد ان تلفت النظر الى انه ليس الاولوية الان خصوصا وان الحاجة ملحة وطنيا وجدا نحو العمق للتأمل بتطورين مستجدين في غاية الاهمية :
اولا – الاسقف التي تجاوزها الحراك فجأة وبعد تسليم مطيع وولادة سؤال:لماذا فجأة؟ .
وثانيا- السيناريوهات المقلقة في الضفة الغربية والعودة في ذهن القرار على الاقل لمخاوف تصدير ونقل ازمة مفتوحة وعبورها لنهر الاردن .
الاولوية بهذا المعنى لتعديلات طفيفة جدا على قانون الانتخاب ولا مجال لقفزات كبيرة في تلك النظريات التي يطرحها الرزاز في هذه المرحلة على الاقل.
والدولة تحتاج لقراءة اعمق لها علاقة مرحليا بمراقبة مستجدات الملف السوري بعد الانسحاب الامريكي العسكري وترك واشنطن لسوريا برمتها في حضن روسيا و اردوغان .
وهي قراءة يمكن ان تتضح اكثر بعد زيارة خاصة نهاية الشهير الجاري سيتواجه فيها ايمن الصفدي مع لافروف مجددا كما علمت شخصيا من الاول.
وتحتاج الرؤية ايضا لوضوح اكثر لتداعيات ونتائج الزحف الملموس خارج المحور السعودي وردود فعل الاطراف المتهورة في هذا المحور خصوصا وان هوامش المناورة قد تتسع اردنيا في سورية والعراق ومع تركيا وايضا على نحو او اخر مع ايران ” العناني في سفارة طهران “.
من هنا قد نلمس لاحقا ومع تعيينات جديدة في الديوان الملكي تحديدا تطورا على صعيد استعادة العلاقات مع النظام السوري بجانب التركيز على احياء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا واعادة السفير القطري الى عمان والانتقال الى مستوى التنفيذ مع الحكومة العراقية لمشاريع مؤجلة يبدو ان طهران لم تعد تمانع بعضها مقابل ثمن سياسي قد ينتهي لاحقا بتمحور يسمح بتسمية وتعيين واعادة سفير اردني في طهران.
كل تلك ليست اكثر من قراءة للمشهد قابلة لفرضيات وإحتمالات .
وهي قراءة لا تعني بان الحلقات التي تدير عملية الانفتاح الاعلامي خصوصا عبر اطقم الديوان الملكي تعمل في الاتجاه الصحيح والمنتج في الوقت الذي لا تزال فيه البوصلة عندما يتعلق الامر بحمى الشائعات والتسريبات منحرفة تجاوبا مع ثقافة الانكار عن رؤية الجزء المتعلق بتغذية الاشاعة والتسريب من قبل موظفين حاليين او متقاعدين يسترسلون في هذه الهواية