الأردني عندما يكتشف: «كمين» الشرط الجزائي في «الغاز الإسرائيلي» وكلفة «جلب مطيع والكردي» مرتفعة جداً
رموز «الدوار الرابع» يخاطبون الرزاز… «صديقي سابقاً»
تختصر الإعلامية الأردنية لميس أندوني، مسافة كبيرة نحو مشاعر المئات من دعاة الإصلاح الذين دعموا «حراك الدوار الرابع» عندما تخاطب رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بلقب «صديقي السابق»، مطالبة بالإفراج عن الموقوفين.
وهذا هو موقف الكثيرين من دعاة مدنية الدولة ونشطاء الإصلاح، فالمواقف عندما يتعلق الأمر بالأجندة الأمنية والخشونة الأمنية لا تختلف كثيراً عن أي وصفات كلاسيكية ومتشددة بالرغم من وجود أحد رموز التيار المدني وهو الرزاز على رأس الحكومة. لاحقاً لتعبير عشرات الرموز في المجتمع عن «خيبة أملها» بحكومة الرزاز وتشدد قبضتها الأمنية، فقد تم تسجيل مسألة جديدة في مستوى الإثارة التي تستفز الرأي العام وتوفر «مادة دسمة» للتجاذب بتوقيع وزيرة الطاقة هالة زواتي.
الوزيرة زواتي ظهرت على شاشة تلفزيون محطة رؤيا وكشفت «سراً» جديداً لا يعرفه غالبية الأردنيين عندما أشارت إلى أن الاستغناء عن «صفقة الغاز» مع العدو الإسرائيلي لا يمكنه أن يكون خياراً. زواتي تحدثت عن مفاجأة طازجة، حيث يوجد شرط جزائي على الحكومة الأردنية بمقدار مليار ونصف المليار دولار إذا ما قررت في أي وقت التراجع عن اتفاقية الغاز مع العدو.
بمعنى آخر، وبعد ضجر الحكومة من كل النشاطات الحراكية بعنوان «غاز العدو احتلال»، يقرر الرزاز دفع وزيرته للإقرار باستحالة إلغاء اتفاقية الغاز مع الإسرائيليين في الظرف المالي الحالي للدولة.
ذلك إقرار بحاجة فعلية إلى التحليل والقراءة المتعمقة. فحكومة الرزاز لا تريد فقط «إسكات» الأصوات الداعية لإلغاء اتفاقية الغاز، بل تقول وبكل اللغات إن «كمين الاتفاقية» تلك من إنتاج وصناعة الحكومة السابقة التي ترأسها الدكتور عبد الله النسور.
ثمة من يقدر في المستوى الوزاري أن حكومة الملقي كشفت عن الشرط الجزائي المثير تحفيفاً للعبء عنها وتفاعلاً مع تصريح يتيم للدكتور النسور غمز به من قناة الرزاز عندما استغرب علناً حملة الشارع ضد الرئيس هاني الملقي.
بعيداً عن ذلك، يتم تسجيل المفاجأة لأول مرة، والتي تقول إن الحكومة الأردنية ستدفع شرطاً جزائياً إذا قررت في أي وقت الاستغناء عن صفقة الغاز الإسرائيلية، التي سبق لوزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر أن وصفها بأنها الأخطر استراتيجياً، لأنها وضعت ملف الطاقة بحضن إسرائيل التي «انقلبت» على الأردن والسلام معاً، كما قال المعشر لـ «القدس العربي» في وقت سابق.
التقط ناشط نقابي معروف من وزن ميسرة ملص هذه المفارقة المستجدة، وطالب الرزاز بمحاسبة من ورط الأردنيين بالشرط الجزائي المشار إليه قبل الحديث عن «مشروع نهضة وطني».
قبل ذلك أيضاً، بدت الصورة منفلتة ومرتبكة تماماً حتى داخل أوساط الرزاز نفسه، فالرجل اشتكى علناً في حوار مع مثقفين، من كلفة الانشغال بالمطالب الشعبية بصورة تعيق الحركة والعمل.
هنا سجلت المفاجأة الثانية أيضاً، وبلسان الرزاز نفسه، حينما كشف عن موظف عام يرفض العمل والالتزام بدوامه قبل «جلب المطلوب عوني مطيع» المتهم الشهير في قضية السجائر والتبغ.
قال رئيس الوزراء أن الحكومة عندما تريد العمل يواجهها الجميع بالشرط المتعلق بـ»جلب مطيع والكردي»، والثاني هو رجل أعمال بارز مطلوب للقضاء الأردني بقضية قيمتها نحو 300 مليون دولار.
بمعنى آخر، تتذمر الحكومة من تلك المطالب «غير الواقعية» للشارع ومن تكرارها، بل بدأت، وحسب سياسيين وبرلمانيين، تتصور أن الإصرار على هذه المطالب يعيق الحركة والعمل في مفارقة لا يمكن توجيه اللوم فقط للمواطنين على ولادتها، لأن حكومة الرزاز أصلاً هي التي تدفقت إعلامياً وتحدثت للشارع عن «رؤوس كبيرة» سيتم الإطاحة بها تحت عنوان قضية التبغ والسجائر، قبل أن يتبين أن الحكومة غير قادرة على «جلب» الرأس الكبير والأساسي نفسه. ما توحي به إقرارات الحكومة هنا ضمنياً بأنها «لا تستطيع جلب الكردي» ولا تستطيع الإطاحة بمطيع. والأهم والأخطر أنها لا تستطيع الاستجابة لمطلب الشارع بخصوص إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل بسبب كمين الشرط الجزائي.
هنا حصرياً تحاول الحكومة دفع الرأي العام للتركيز على المفاصل التي تستطيع الإنجاز فيها فعلياً، وعلى اعتبار أن تلك الملفات عابرة لها، في الوقت الذي لا يوجد فيه مؤشرات قوية على أن المواطن الأردني يمكنه أن «يقبل» بذلك تحت أي ظرف.
السبب هو غياب منهجية الشفافية والمصارحة والاسترسال في القراءات التي تتوقع بأن «كلفة» إصلاح الموقف بقضيتي الكردي ومطيع والغاز أصبحت «أعلى بكثير»، وبكل الحسابات المالية والسياسية والأمنية، من كلفة إبقاء الأمور عند حدودها الحالية.