الأردن: الفراق وشيك بين الرزاز و”فلتر” الحرس القديم ووثيقة للإصلاح السياسي تثير اللغط بين الوزراء
عندما وجه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بتمرير وثيقة معنية بالتنمية السياسية إلى نائبه والرجل الثاني الدكتور رجائي المعشر، انتهى المشهد بشطب الأخير لنحو 40 في المئة تقريبا من بنود ومضامين جرعات الإصلاح السياسي المتضمنة.
لاحقا وحتى يضمن المعشر عدم مراجعته أصر على موقفه الذي يمتاز بالتحفظ الشديد والكلاسيكية عندما يتعلق الأمر بجرعات الإصلاح السياسي طارحا مجددا معادلته الصعبة “تعديلاتي ومقترحاتي أو استقالتي”.
المسألة كانت تتعلق بطاقم وزاري متحمس نجح في إقناع الرئيس الرزاز بحاجة الحكومة الملحة إلى الخوض في مساحة الإصلاح السياسي لأن الساحة مليئة بالأفكار والمقترحات ذات الصلة بقانون الانتخاب والعمل الحزبي والإطار السياسي لوصفات النهضة الوطنية.
الهدف لم يكن في طبيعة الحال مناكفة حارس وفلتر التيار المحافظ الأبرز في الحكومة بل تقديم وجبة للرأي العام دسمة سياسيا تنتج الانطباع ان حكومة الرزاز ورغم كل الضجيج المثار حولها تستطيع العمل على بصمة خاصة لها علاقة بالإصلاح السياسي.
تلك محطة تحدثت عن وجبتها أمام “القدس العربي” قبل عدة أسابيع الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزيرة جمانة غنيمات، وعلى اعتبار أن الحكومة لا تغفل الملفات سياسية الطابع في مواجهة الإصلاح الشامل.
بالنسبة لغنيمات ووزيرين آخرين في الحكومة على الأقل لا بد من الاقتحام في مستوى الإصلاح السياسي والاشتباك مع التفصيلات.
قبل ذلك كانت رسالة ملكية غير مباشرة قد انتجت انطباعا بان الأولوية لا تزال للإصلاح الاقتصادي وتنمية العلاقات التجارية مع دول الجوار مع التلميح إلى أن قانون الانتخاب لا يحتاج إلا لتعديلات طفيفة.
وقبل ذلك أيضا وفي عدة مفاصل أثناء النقاش داخل مجلس الوزراء حذر المعشر وهو رمز بارز في الحرس القديم، من أي محاولة للعبث بما يسميه في العادة الحقوق المكتسبة، رغم أنه يمتنع عن تفسير وتعريف تلك الحقوق بين الحين والآخر.
في كل حال مستوى التواصل البرامجي بين الرزاز ونائبه اختل عندما برز الخلاف الأول بين قطبين في جدل قانون الجرائم الالكترونية وحتى في العفو العام، حيث تمكن الرزاز من التسلل بالفكرتين ويخطط الآن لعملية تسلل أهم لها علاقة بفارق مفترض في سجل إصلاح السياسي.
طلب الرزاز اعداد تصور لوثيقة معنية بالسياق الإصلاحي السياسي من لجنة وزارية مصغرة. وعبرت الورقة من الأقنية البيروقراطية وتضمنت بعض الأفكار والمقترحات المختلفة والجديدة والصاخبة في بعض الأحيان قبل أن يقرر كبح جماح نصوصها الرجل الثاني في الطاقم وعلى أساس تبني ملاحظاته التي أخرجت الوثيقة أصلا عن سياقها ومضمونها أو الانتهاء في حال الصدام بالانسحاب والاستقالة.
يعتبر الخبثاء والخبراء هنا ان نقطة التماس هذه بين الجناح الذي يتقمص دور الإصلاح وترويج منهجية المواطنة ودولة القانون وبلين الجناح المحافظ الإشارة الأكبر المتأخرة على صعوبة الاستمرار في التزاوج أو زواج المصلحة بين الجناحين. ويعني ذلك عمليا أن التعايش بين رئيس الوزراء ونائبه القطب المهم أصبح أكثر صعوبة في الوقت الذي يتواصل فيه النقاش الهامس بعنوان قفزة كبيرة تطهى خلف الكواليس على نار هادئة لإنضاج قانون جديد للانتخابات يقلص عدد مقاعد المجلس ويمهد لما وعد به الرزاز يوما بخصوص الانتقال إلى تجربة الحكومات البرلمانية للأغلبية بعد عام ونصف.
الورقة السياسية التي أمر الرزاز بصياغتها واصطادها المعشر وأعاق نموها عمليا، مبرمجة وقتيا على مقياس وعد رئيس الوزراء المشار إليه سابقا وعلى أساس الإيحاء بأن الحكومة الحالية ستكمل حتى نهاية عام 2020.
بوضوح شديد يريد الرزاز وبعض عناصر مجلس الوزراء المتحمسون أن يسجل لهم تاريخ الإصلاح السياسي وضع حجر الأساس في مشروع انتقال الأردن إلى حكومة الأغلبية البرلمانية.
بكفاءة حتى الآن أعاق المعشر الخطوة الأولى بعدما أربك الجميع بنزع الدسم المتعلق بجرعات الإصلاح السياسي الكبير من نصوص ورقة التصور الأولي منتجا ضمنيا مواجهة مبكرة تسبق عاصفة الإصلاح السياسي.
هذه المواجهة لن تحسم قبل مغادرة المعشر للفريق، والأهم أن موقف بقية مؤسسات وأجهزة الدولة والأطر المرجعية من أصل حكاية الإصلاح السياسي بتوقيع وترسيم حكومة الرزاز هو الأهم مرحليا، لأن التجربة مفتوحة على الاحتمالات هنا.
ولأن آخر المنقول عن السياقات المرجعية هو ترجيح تمكين الإصلاح الاقتصادي قبل الانتقال للسياسي الذي يستعيد كلما اقتربت الدولة منه كل الذكريات الحزينة المرتبطة بتجاذبات من كل الأصناف والأوزان والأنواع.