الأردن: النفط من البصرة إلى العقبة والعراق تجذبه استراتيجية الانفتاح على المشرق والبحر الأحمر
بدت وزيرة الطاقة الأردنية هالة زواتي مسرورة نسبيا وهي تعلن مساء الخميس وخلال وجودها في بغداد أن الحكومة العراقية صادقت على مشروع ناقل النفط بين البلدين.
كان يفترض أن يعلن هذا النبأ في شباط/فبراير الماضي لكنه تأخر عدة أشهر بسبب ضغط اللوبي الإيراني داخل البرلمان العراقي.
وفقا لما يقدره خبير في الملف العراقي من وزن الدكتور منتصر العقلة سفير عمان في بغداد يمكن النفاذ بالعديد من المصالح الأردنية مع العراق الشقيق في حال تملك المهارة في استغلال نمو الأجنحة والتيارات العراقية الراغبة في العودة إلى علاقات طبيعية ومصلحية مع دول الشرق العربي.
ملاحظات السفير العقلة وغيره من خبراء الشأن العراقي الأردنيين تحدثت منذ أسابيع قليلة عن نمو طبقة من التكنوقراط والسياسيين العراقيين تؤمن بالابتعاد ولو قليلا عن الأجندة الإيرانية التي تتحكم بمسار الكثير من الأمور عندما يتعلق الأمر بعلاقات واتفاقيات مصالح مع دول مجاورة.
من هنا مثلا تسلل اللاعب السعودي وقبله القطري ويحاول الإماراتي.
من هنا أيضا استدعى وزير النفط العراقي نظيرته الأردنية والمشغولة بدورها بخيارات الطاقة البديلة إلى بغداد لكي يزف لها نبأ انتهاء الجدل والمصادقة على المشروع المنتظر بعنوان نقل النفط عبر الأراضي الأردنية.
ثمة بطل مجهول لهذا الاتفاق الاستراتيجي الكبير تحمس له طوال الوقت ونصح عمان بالتفاصيل وهو سفيرة بغداد في الأردن صفية سهيل.
في كل حال استطاعت الوزيرة زواتي وبعد ظهر الخميس الماضي ان تعلن بملء الفم أن مجلس الوزراء العراقي صادق على النقلة النوعية في مجال التعاون الاستراتيجي النفطي.
وفقا لبروتوكول الاتفاق سيعمد العراق إلى تصدير النفط من ميناء البصرة عبر العقبة الأردنية وبالتالي سواحل البحر الأحمر إلى عدة اتجاهات.
ومن شان هذا الاتفاق ان ينعش الأمل في تحريك أولا قطاع النقل البري الأردني وثانيا النشاط اللوجستي في ميناء العقبة الراكد.
لافت جدا ان اتفاق النفط من البصرة إلى العقبة يبرز في الواجهة رغم شكوى قطاع المصدرين الأردنيين من تراجع صادراتهم إلى السوق العراقية في الشهور الأربعة الماضية بالرغم من توقيع 15 اتفاقية شاملة مع العراق والاحتفال بها بحضور رئيس الوزراء عمر الرزاز ونظيره العراقي عند حدود طربيل قبل عدة أسابيع.
الأوساط المقربة من وزير الصناعة والتجارة الأردني الناشط جدا والذي قام بعدة زيارات وعشرات الاتصالات مع العراقيين الدكتور طارق الحموري تبدو متفائلة بارتفاع نسبة الصادرات لاحقا.
الأصوات نفسها تحاول تقييم ومتابعة كل تفاصيل الاتفاقيات المتوقعة مع الآخرين على أمل اتخاذ كل التدابير البيروقراطية الممكنة لنقل التواصل التجاري والصناعي وحركة التصدير إلى مستويات متقدمة تخدم مصالح البلدين والشعبين كما يقدر الوزير الحموري.
في كل حال لا تزال ثمة إعاقات ومطبات في طريق إطلاق علاقات تبادل استراتيجية مع العراق.
لكن في المقابل يزيد شغف بغداد بالتعاون مع عمان وتلاحظ الأخيرة أن قبضة اللوبي الإيراني المتخصصة في مراقبة الأردن حصريا تتراخى قليلا ليس فقط بحكم انشغال الإيرانيين بمعاركهم الجديدة والخاصة ولكن بحكم احساس المزيد من العراقيين بضرورة الانفتاح أكثر على دول المشرق.
نجح الأردن على الأرجح هنا في تأسيس سيناريو يساعد في إقامة مشاريع تواصل اقتصادي وتجاري وصناعي بين مصر والعراق لكن عبر الأردن.
ويبدو ان الرزاز سمع من المصريين عندما زار القاهرة مؤخرا ما يشجعه على لعب دور الوسيط أكثر في تبني رواية التقارب المصالحي بين العراق المحكوم بدائرة نفود إيرانية وبين دول المشرق ومن بينها الأردن ودول الخليج ومصر.
طبعا يراهن الأردن هنا على تعزيز فرصته ومساحته في تبني رواية الجمع قدر الامكان وأكثر بين العراق ودول الجوار العربي على أساس معادلة مصلحية وبدون مبرر للارتباط المطلق والكامل بأجندة الحسابات الإيرانية المعقدة في الإقليم والمنطقة.
وقد لا تنجح الاستراتيجية الأردنية. لكن من الواضح انها فعالة وانه ثمة من يتجاوب معها في بغداد وان الوزير الحموري يبدو متطلعا أكثر لمكاسب ملموسة في المستقبل القريب تعود بالنفع والفائدة على البلدين والشعبين كما فهمت “القدس العربي” مباشرة قبل إعلان الوزيرة زواتي عن المنتج أو المنجز الجديد.
إلى ان يحصل ذلك تبدو فكرة تقارب بغداد مع جوارها من الدول المشرقية مغرية وجذابة لعدة أطراف خصوصا وأنها قد تخدم مصالح مصر والأردن أيضا في قطاعي الملاحة والنقل كما قد تخدم مصالح العراقيين في تنويع الأسواق والتصدير والاستيراد.