الأردن: «تمكين» رئاسة الوزراء هدف «دولي ومحلي»… «تعديلات دستورية» مهمة والرزاز «رجل المرحلة»
السيناريو الأقرب للمنطق الآن في الأردن بعد استبعاد العمل على قانون جديد للانتخاب وإرجاء التعديل الوزاري قليلاً وحل البرلمان اعتباراً من صباح غد الأحد يتمثل في الاتجاه نحو «تمكين» منصب وموقع رئيس الوزراء في المرحلة اللاحقة.
الفرصة سياسياً وبرلمانياً لم تعد في الأردن متاحة للقفز مجدداً بخيار التغيير الوزاري، والأطراف الأساسية في مجلس السياسات ودوائر القرار اتجهت نحو تثبيت حكومة الرزاز وتمكينه من تعديل وزاري موسع يسعى إليه وإخضاع بعض الأطراف القوية في مراكز الثقل والقوى للحكومة بنسختها الجديدة.
والسبب في ذلك ظهور دعم ومساندة قوية من المؤسسات الدولية المانحة لشخص الرزاز ودعم خططه لإصلاح البنية الضريبية في الاقتصاد الأردني بعد نجاحه في فرض واقع وقانون جديد للضريبة.
ويتعامل مجتمع السفراء الأجانب بنظرة سياسية مماثلة وهم يتحدثون خلف الستارة عن ضرورة «تفعيل» دور مؤسسة الحكومة وتخفيف دور «حكومات الظل» في خطوات أساسية لها علاقة بنمط الإدارة ينبغي أن تسبق العمل على الإصلاح السياسي ومنظومة تشريعاتها.
ورغم وجود قنوات تعتبر شخصية الرزاز غير محصنة بعد وتحتاج إلى تجربة أعمق وتلاحظ عليه في الأداء وخيارات الوزراء، إلا أن تجربته في إرسال وزراء للمحافظات والتحدث مع المواطنين في القضايا الأساسية التي تهمهم ينظر لها باحترام شديد في أوساط المؤسسات الدولية والدول المهتمة بالأردن وتحصينه، مع أن الرزاز نفسه وفي الكثير من المفاصل اعتبر التحرش بحواراته ومناكفة حكومته وطرد وزرائه ليس أكثر من «شغب من الداخل» في بعض دوائر القرار.
هنا تحديداً، تتولى الجهات التي «تراقب المراقبين» لصالح الاستقرار العام ورصد الأخطاء وتفعيل آليات التنفيذ والقرار تزويد صناع القرار المركزي بتقارير ميدانية وعملية انتهت بوقف «التحرش» بحكومة الرزاز من داخل بعض الأوساط الرسمية ومغادرة بعض الموظفين في مواقع أمنية الذين يتهمهم الرزاز بمحاولة إعاقته.
في الأثناء، بطبيعة الحال إضافة للدعم الذي تحظى به خطط الإصلاح الهيكلي التي يتحدث عنها الرزاز، ومنها متابعة تفصيلية لأول مرة في تاريخ الحكومات الأردنية للمخالفات والتقارير الصادرة عن ديوان المحاسبة المركزي للدولة، برزت مؤشرات قوية على أن بعض المؤسسات الأمريكية والبريطانية وحتى الأوروبية المانحة الأصغر بدأت تتوسع في تخصيص برامج دعم مالي لمشاريع لها علاقة بتعزيز الشفافية المالية في الأردن و»تحصين وتمكين» الحكومة.
بمعنى آخر، ينظر داخل مؤسسات دولية وأجنبية للرزاز باعتباره «رجل المهمة» التي أخفق العديد من رؤساء الوزارات في إتمامها في الماضي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بخبرات يطلبها البنك الدولي على صعيد الإصلاح الهيكلي والضريبي والاقتصادي.
وهو وضع ينتهي كالعادة بتوسيع تفويضات الرزاز وصلاحياته ودوره في إدارة الخطط والمشاريع خلال العام المقبل كاملاً، خصوصاً إذا تمكن من إقناع الشارع خلال شهر رمضان المقبل بتخفيف الحراك الشعبي ومنح حكومته بعد تجديدها تفويضاً إضافياً للمضي قدماً في خطط إصلاحية ومحاربة الفساد .
تطلب القفز بسيناريو تثبيت وتمكين حكومة الرزاز «إخضاع» نخبة من كبار المسؤولين في مؤسسات شريكة لدار الرئاسة ووقف حالات الشغب والمناكفة التي تتعرض لها الحكومة، خصوصاً من أطراف نافذة في داخل القرار والدولة.
وهو ما حصل مع بعض الحلقات الأمنية وبعض الموظفين النافذين الذين حاولوا الاستثمار في مناصبهم القريبة من مرجع القرار لـ»تسويق» سيناريو تغيير وزاري وأسماء جديدة لخلافة الرزاز الذي يدير الأمور حتى اللحظة بدوره، برفقة العديد من الأخطاء، وبهدوء، وعبر تكنيك «التسلل» ببصمات وقرارات، بعيداً عن الصراع والمواجهة.
ويحصل ذلك فيما يشرف الرزاز نفسه على اجتماع مغلق لترتيب تعديلات طفيفة على منظومة الانتخابات تقاتل لاحقاً ضد «المال السياسي» وتحرص على تقليص نفوذ رموز «المقاولات» في الحياة التشريعية، الأمر الذي نوقش فعلاً في عدة مستويات، بما فيها دول صديقة وحليفة. والخطوة المقبلة قد تكون هي الأخشن على درب «تمكين وتحصين الحكومة» ويمكن رصدها إذا ما تقرر مركزياً توفير فرصة للحكومة للعمل قليلاً بدون ضغوط البرلمان من خلال استبعاد العمل على «دورة استثنائية صيفية» للبرلمان واسترخاء العمل الحكومي قليلاً.
وهي خطوة تتصاعد إذا ما منحت خيارات «التعديل الدستوري» الضوء الأخضر، حيث على المحك الآن التراجع عن النص الدستوري الذي يحتم مغادرة أي حكومة تقرر حل البرلمان، وعلى المحك أيضاً النص الدستوري المتعلق بصلاحيات التعيين بخصوص بعض أهم المناصب.