الأردن: «خلخلة» اتفاقية الغاز الإسرائيلي من بين خيارات «التصعيد» بعد عودة نتنياهو
يضع عضو البرلمان الأردني خليل عطية اساساً قانونياً وتشريعياً لحالة اشتباك مفترضة مع اتفاقية الغاز الإسرائيلي تبررها حالة العداء المستحكمة وتقاطع الاجندات والمصالح والأزمة الباطنية في العلاقات الأردنية الإسرائيلية هذه الايام. ويتقدم عطية بالمبادرة التشريعية الجديدة عبر توجيه سؤال دستوري للحكومة يطالب بتفاصيل التفاصيل حول تلك الصفقة التي اعتبرها مجلس النواب اصلاً مشبوهة واطاح بشرعيتها بموقف سابق. سؤال النائب المخضرم تحدث عن وسيط غامض عملياً ابرمت الصفقة الغاز معه وعبره.
ويطالب السؤال بتحديد هوية الوسيط ومعرفة ماذا كان الشرط الجزائي في تلك الاتفاقية له علاقة بشركة خاصة ام بالقطاع العام خصوصاً وان الحكومة تتحدث عن اتفاقية بين شركتين لا علاقة لهما بهما.
في كل حال طلب عطية من رئيس الوزراء وبصيغة استفسار دستوري تفاصيل الوسيط والشركات واسماء المفوضين الاداريين والماليين بهدف المساهمة في الكشف اكثر عن تفاصيل صفقة الغاز الغامضة. حصل ذلك بوضوح بعد نحو 24 ساعة تقدم خلالها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بإفصاح غريب سياسياً وبموقف جديد له علاقة بصفقة الغاز.
الرزاز هنا لمح ولأول مرة باللسان الرسمي إلى ان الانفكاك من هذه الصفقة اصبح من بين الخيارات التي تدرس لكنه قال ايضاً بان صفقة الغاز الإسرائيلي تخضع الان للتقييم والمراجعة وبان الموقف النهائي منها سيحسم في ضوء ما اسماه بالمصلحة الوطنية العليا للدولة.
تلك عبارة حمالة اوجه اعلامياً وسياسياً وتفتح المجال امام القول مستقبلاً بان المصلحة العليا قد تتطلب تجنب إلغاء تلك الاتفاقية مع ان الرزاز ساهم بدوره في التشكيك بجدوى وانتاجية وشرعية صفقة الغاز الإسرائيلي بعدما قال بان حكومته ليست هي الحكومة التي اقرت الصفقة في عهدها. وهنا برزت لهجة جديدة ايضاً على مستوى رؤساء الحكومات توحي ضمنياً بان حكومة الرزاز تحاول تحميل عبء مسؤولية صفقة الغاز على حكومة اخرى سبقت الحكومة الحالية في سلوك غير معتاد في الحالة الأردنية واعترض عليه علنا الوزير السابق فارس القطارنة عندما حذر من الاستهلاكات الشعبوية وقال بان الحكومات المتعاقبة ملزمة تماماً بما تقرره اي منها خصوصاً اذا تعلق الامر باتفاقية كانت خياراً للدولة.
لكن موقف الدولة الأردنية نفسه من جدل الغاز الإسرائيلي اصبح مثاراً للتشكك خصوصاً بعدما تنصل منها الرزاز مفترضا دون تقديم معلومة اكيدة بان الاتفاقية المشار اليها من الطبيعي ان تنطوي على شرط جزائي وهو ذلك الذي يسأل عنه عملياً النائب عطية ويريد كشف تفصيلاته. وقبل ذلك برزت اشارات تعزز الانطباع بأن الدولة الأردنية لم تعد بصدد تحصين صفقة الغاز بعد ابرامها. بدليل ان الحكومة امتنعت عن اعاقة بوصلة البرلمان وهو يعلن عدم شرعية الاتفاقية .
وايضا بدليل ان مجلس النواب سمح له باتخاذ موقف متشدد جداً. وان رئيس المجلس عاطف طراونة تمكن من تجاوز لعبة التشريع المقترنة بالتسييس عندما صرح بان ممثلي الشعب قوضوا شرعية اتفاقية غاز الاحتلال رافضا بناء الموقف بعد انتظار جواب المحكمة الدستورية على سؤال تقدمت به الحكومة له علاقة بالصفقة وهو سؤال يستفسر عما اذا كانت الحكومة ملزمة بعرض الاتفاقية على مجلس النواب اصلاً. الطراونة صرح بان اتفاقية الغاز غير شرعية ومرفوضة بصرف النظر عن الاجتهاد الدستوري الذي ستقرره المحكمة الدستورية.
المشهد يوحي حتى اللحظة عموما بأن مركز القرار الأردني يسمح بتحريك وخلخلة اسس اتفاقية الغاز المرفوضة شعبيا بالرغم من تدابير واجراءات لها علاقة بعقارات سيمر منها انبوب الغاز اتخذت اصلاً. وبالرغم من ان مجلس النواب قد لا يكون في موقع دستوري يستطيع بموجبه إلغاء اتفاقية الغاز في المحصلة.
يعني ذلك ان خلخلة الاتفاقية والمساس بشرعيتها اصبح عنوانا عريضا لا يمكن عزله عن النطاق السياسي . ولا يمكن عزله عن تلك الضغوط التي تحدثت عنها القيادة الأردنية مرتين على الاقل ولا عن سياقات الأزمة التي ينتجها على مستوى الدولة الأردنية استمرار اليمين الإسرائيلي بالتصدر والحكم في الوقت الذي تثير فيه صفقة القرن المزعومة كل انماط الحساسية في العقل الجمعي الأردني .
تبقي كل تلك مساحات للمناورة والتكتيك وفرصة للتكييش السياسي مما يبقي الباب بالتوازي مفتوحا على كل الخيارات بما فيها المجازفة بالشرط الجزائي وتوجيه رسالة قوية للأمريكيين والإسرائيليين تقضي بأن الأردن قرر المناكفة بورقة اتفاقية الغاز.