«الجزيرة فقدت العميل بتاعها»… هكذا نعى مواطن مصري برتبة إعلامي ومذيع يصلح لسوق الخضار في «أم الدنيا» على شاشة «البلد» الرئيس المصري المنتخب الراحل محمد مرسي.
اسم البرنامج ينبغي أن يتغير من «صدى البلد» إلى «صدأ البلد» وأحمد موسى يفخر على الهواء بأنه كان «من كام يوم يتمنى أن يأخذه الله» – طبعا الحديث عن مرسي.
على «أم بي سي» بنسختها المصرية صدمني مهنيا وأخلاقيا عمرو أديب، وهو يستغرب «الهليلة» بتاع وفاة مرسي، متحدثا عن جنازة يحضرها الأصدقاء والعائلة زي أي مواطن مصري.
في بلادنا نردد عبارة «يا عيب الشوم»، ويسمح النظام الأخلاقي بالنكاية والشماتة السياسية والاجتماعية، لكنه يحتقر أي محاولة للشماتة بالموت.
للأسف، لا أعرف ما الذي ستفعله مصر الكبيرة بكل هذا الكم من الهراء الإعلامي؟ وأزعم أنه حتى الانقلاب لا يمكنه المطالبة بكل هذه الرداءة.
ما هي حاجة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذه الأطنان من التسحيج الإعلامي الرخيص، الذي يشمت بالموت.
يضطرنا إعلام «السح إندح إمبو» إلى تمني أن يطيل عمرنا ولو قليلا حتى نسمع كيف ومتى يموت كل من يشمت بهذه الطريقة البشعة برجل انتخبه شعبه رئيسا ثم خضع لمحاكمة غير عادلة وتوفي واقفا من فرط الإهمال الصحي.
مصر… اليتيمة!
ليست مصر، التي نحبها ونعرفها بكل حال، ليست مصر التي يسمح شعبها لرئيس منتخب أن يموت ويدفن بهذه الطريقة ولا توفر له ملاذا يؤدي به للموت على فراش دافئ وسط أولاده.
رحم الله الرئيس محمد مرسي. نحن وهم وفي الإعلام الراقص اللاحقون دوما.
ورحم الله أم الدنيا معه التي أصبحت اليوم يتيمة بلا شعب وبلا أب.
لست معجبا بالإخوان المسلمين وإيماني راسخ أن رئاسة مرسي، رحمه الله، كانت أبرز أخطائهم التاريخية، خصوصا بعد الزهد بالدولة العميقة.
لكن لا يمكن هزيمتهم بكل هذا السقم والبؤس الإعلامي والاستهداف، وتصوري فعلا أنهم «أقوى» الآن، فقتل مرسي المنهجي يمنحهم مجددا المظلومية اللازمة.
الأردن والباص «الصريع»
بعيدا عن مصر، وفي الحالة الأردنية أصبح كل المنى والأمل أن يستيقظ المواطن، ولو بعد حين ليرى أن مشروعا يحمل إسم «الباص السريع» قد أنجز وانتهى.
أتصور أن البث المباشر، الذي نشطته محطة «المملكة» هو رقم 20 على الأقل خلال عامين.
يحاول خبراء فهم المعضلة في التأخر المرعب لمشروع تسيير باص سريع لكيلومترات عدة في قلب العاصمة، أسوة ببقية عواصم الدنيا الفقيرة قبل الغنية.
سيدخل مشروع «الباص الصريع»، إياه عامه الثامن قريبا بدون أن نفهم لماذا يتأخر المشروع أصلا، حيث إغلاقات تلو إغلاقات خنقت أهالي المدينة المخنوقين أصلا.
سألنا عن «سر الإخفاق في التواقيت» عمدة العاصمة يوسف شواربه أمام رئيس الوزراء، وقرر الرجل أن يتجاهل السؤال ونعتقد أن السبب عدم وجود «جواب» أصلا.
مرة أخرى ثمة دليل على أن الفساد لا ينهب فقط، بل يفسد ويؤخر كل شيء وأنه جريمة بحق المستقبل أيضا.
زواج قسري
لأسباب غامضة، وقبل أسبوع حصريا من مؤتمر المنامة سيئ السمعة والصيت استفسرنا عن من سيمثلنا نحن الأردنيين في الموقعة المشبوهة.
فقط فضائية «رؤيا» منشغلة ببرنامجين تطرح فيهما سؤال مشاركة الأردن في لقاء البحرين إياه.
تذكرت فجأة نكتة الزوجة المغناجة الكلاسيكية، التي تنتف وردة وهي تردد سؤالا «بحبني… ما بيحبني».
وحده الله يعلم لمن ستصوت آخر وردة تخضع للنتف.. لا يُلام أي مسؤول أردني يتمنى لو يلغى المؤتمر ويكفي الله المسلمين شر القتال.
لذلك لجأت الحكومة لقاعدة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم» فأرسلت أمين عام وزارة المالية فقط، وبدون تمثيل سياسي.
الأردن في موقفه الرسمي مما يسمى «صفقة القرن» يشبه المقولة الشعبية الشهيرة «جوزك وإن راد الله» ومعناها «زوجك قسرا». هو أقرب لزواج كاثوليكي قسري كاهنه جارد كوشنر والشاهد عليه نتنياهو و«الزفة» يتولاها رعاة الانقلابات العرب، الذين يعرفهم الجميع، أما متطلبات «ليلة الدخلة» فتكفل بها نادي الخليج العربي، والغائب الوحيد حتى اللحظة «والد العروس» الفلسطيني.
نحن وهم والشاشة
لو كنت في موقع الشيخ مراد العضايلة لما اهتممت أصلا بنفي الإدلاء بتصريحات لتلفزيون دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو يلتقط تصريحات مبثوثة عبر قناة دولية، فرموز رواية الاحتلال يخترقون كل الشاشات العربية هذه الأيام ويسرحون ويمرحون على شاشات العرب ويقدمون أحابيلهم وأكاذيبهم.
طبعا التطبيع خط أحمر، خصوصا مع إعلام الاحتلال، لكن نشر الحكاية العربية المنقولة عبر شاشات عالمية ينبغي أن لا يغضبنا ولا يحرجنا ما دمنا لا نتحدث بطريقة الوزير عادل الجبير المصر على الحرب مع إيران بالجيش الأمريكي.
فلماذا تستضيف الفضائيات العربية الكبيرة مثلا من يريدون تنفيذ هذا المشروع فوق رؤوسنا، وعلى رأسهم السفير الأمريكي المتصهين في تل أبيب، وتمنحه مساحة لممارسة التضليل والخداع فهذا سلوك لا يعزز الموضوعية، كما يتوهم بعض الزملاء في الإعلام.