العلاقات الأردنية السعودية تمر في أصعب الاختبارات
تمتنع المؤسسة الأردنية حتى اللحظة على الأقل عن الإفراج عن طبيعة وخلفية الزيارة التي قام بها مؤخرا إلى الرياض رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز برفقة اثنين من أركان الدولة في الهرمين العسكري والأمني.
تركيبة الزيارة توحي أن المقصود منها أعمق بكثير مما ورد في الخبر الرسمي اليتيم عندما يتعلق الأمر بصيغة وضع خادم الحرمين الشريفين بصورة ما حصل في مؤتمر لندن الأخير.
ثمة رسالة أمنية الطابع في السياق بصورة مرجحة.
وثمة رسالة سياسية وحكومية حملها الرزاز الليبرالي الشهير أردنيا باسم الدولة والقيادة في أول مهمة سعودية له تقريبا برزت من حيث التوقيت قبل جولة الملك عبد الله الأخيرة في أوروبا والمغرب وقبل زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز الطويلة نسبيا إلى تونس.
طبعا تقدر المجسات الخبيرة بان الجزء العسكري أو الأمني من هذا التواصل قد لا يكون متاحا للنقاش ولكن عمان تريد أن تقول وهي تفتح التجاذب على مصراعيه في ملف القدس تحديدا بانها راغبة في الوصل والتواصل وانها لا تزال في سياق التحدث مع الشقيقة الكبرى أن رغبت وبصرف النظر عن ما يقترفه الإعلام أحيانا بعنوان توتر أو تأزم أو خلافات بين البلدين.
تلك في كل حال محاولة في سياق التنويع الأردني ووضع السعودي بصورة بعض المستجدات على سياق بعض الملفات الإقليمية.
لكن حتى والرئيس الرزاز يحظى بعبارة مديح قصيرة من حيث شكل وأسلوب خطابه مع السعوديين من جانب الرياض لم يحظ بالمقابل بعد السفير السعودي النشط جدا في عمان الأمير خالد بن فيصل بفرصة تنفيذ زيارة سبق أن طلبها مرات خاصة للقصر الملكي حيث يتحدث مسؤولون أردنيون عن انزعاج المؤسسة من بعض تعليقات وتصرفات الأمير السفير.
بعيدا عن الجدل الذي تثيره سلوكيات السفير النشط يمكن القول إن العلاقة الباردة جدا بين الأردن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تظهر وفي رأي شخصيات أردنية ثقيلة متعددة الحاجة الملحة عند الطرفين للتحدث معا خصوصا في المرحلة الحالية التي يترقب فيها الجميع نهايات ومآلات الانتخابات الإسرائيلية وما يسمى بصفقة القرن.السؤال هنا له علاقة بمن يتحدث مع الآخر وأين وكيف؟ مثل هذا السؤال في العادة لم يكن مطروحا عندما يتعلق الأمر بملف العلاقات السعودية الأردنية حيث تسريبات وشائعات وتراكم في معلومات قد لا تكون دقيقة. وحيث احباطات متبادلة وروايتان في السوق السياسي لقصة النكران السعودي للدور الأردني ولحكاية المساعدات والاستثمارات التي لا تصل أو يصل بعضها متأخرا جدا وبصورة غير منتجة أو فعالة.
الرواية الأردنية هنا تتحدث دوما عن رغبة سعودية ناشئة في العهد الجديد في مزاحمة الأردن والتخلي عنه وبطء تقديم المساعدات له بدون مبرر من أي نوع.
والرواية السعودية التي ترشح بصعوبة في العادة تتحدث عن مساعدات لا يتم إعلانها وعن تقصير من جانب الحكومة الأردنية في تنفيذ سلسلة بروتوكولات متفق عليها بشأن التعاون الاقتصادي أو التجاري أو الاستثماري.
والرواية نفسها تشير إلى ملاحظات لها علاقة بخلل في أنفاق المساعدات السعودية.
لكن في المقابل الجانب الأردني يعتبر مثل هذا الحديث ليس أكثر من ذريعة لتفسير انقلاب محتمل لا مبرر له ومزاحمة في مناطق حساسة لها علاقة بدور الأردن ومصالحه الإقليمية مثل القدس.
بين تناقض الروايتين أصبحت الماكينة القديمة والتي تنشغل في تثبيت وتعميق العلاقة بين الدولتين خاملة أو زاحفة أو شبه معطلة والتفاهم بعيد نسبيا.
ونتيجة هذه الفوضى في إدارة المشهد من الجانبين انتهت بان كثرت المداخلات وتعددت المرجعيات وتكاثر المجتهدون والراغبون لأسباب تخصهم في الواقع في نقل وتبادل الرسائل.
يحاجج بعض المؤمنين بالدولة السعودية من الأردنيين ان عمان لا تتعامل بجرعة الوضوح الكافية مع الشقيق السعودي وتسمح بين الحين والآخر بنمو الروايات السلبية وبروز دعوات في الشارع والإعلام تستهدف شخص ولي العهد دون مبرر وبطريقة تحريضية.
طبعا يحتاج مثل هذا الاتهام إلى أدلة وقرائن ويحاجج أردنيون في معسكر التفكير المعاكس بان عدم الوضوح في عمق العلاقات التي كانت استراتيجية صناعة سعودية بوضوح برزت مع العهد الجديد في الرياض.
في المقابل بين الروايتين لمسار التأزيم ثمة ما يمكن ان يجمع أو يفرق، لكن الصورة ضبابية بشكل عام ولا يجلس الطرفان على الطاولة للمصارحة وتبادل الوضوح.
يبدو أن جزءا من وظيفة مهمة الرزاز في الرياض كان توفير فرصة بعيدا عن التشنج للبحث والتشاور.
السؤال هو: هل نجحت المهمة؟ الإجابة مرتبطة بالمزيد من المراقبة بعد قمة تونس.