المال “الخليجي”: إعقل ولا تتوكل… “حميدتي” وأسرار تغليف “قائد سوداني” وفي الأردن نكتة ليلة الدخلة مع “هارفارد”
يظهر مجددا رئيس مجلس النواب الأردني عاطف طراونة على شاشة فضائية “رؤيا” المحلية الخاصة، في صيغة تحاول لفت نظر المراقب الى أن “متطلبات التنافس والحسد” دفعت باتهامات كل من ترأس البرلمان سابقا على أساس استخدام “نفوذه المالي”.
صحيح ما يقوله الرجل، فلم يسلم رؤساء سابقون من تلميحات مماثلة في الماضي، مثل الغائب المفتقد عبد الهادي المجالي، وحتى رجل وازن يحظى بالتوافق مثل فيصل الفايز.
في بعض الأحيان يصبح الحديث عن “المال السياسي” المؤثر في الانتخابات الأردنية حصريا “فرية مشروخة”، هدفها التغطية على حركة مال سياسي أضخم وأعمق وأخطر تتحرك هنا وهناك.
الجنرال حميدتي
في المقابل، وفي زاوية أبعد يفسر لي صديق خبير في العلاقات الدولية أسباب كثرة ظهور بائع الجمال السوداني الجنرال “حميدتي” في خطابات تستلهم الفضائية الليبية أيام الراحل معمر القذافي. نحن هنا إزاء رجل عسكري، ثمة صناعة مبرمجة ومتلفزة تحاول تحويله إلى “قائد همام لا تشق له غبار”.
انتبهت مثلا، وأنا أتابع فضائية السودان اليتيمة إلى أن صاحبنا حميدتي يطبق شعار “كل يوم خطبة” تنقلها الكاميرا للرأي العام المتعطش لقائد ضرورة جديد.
حتى “الجزيرة”، وفي معظم نشراتها الإخبارية تقول لنا ما يتحدث به الجنرال الصحراوي إياه.
ما يجري باختصار، هو أن “المال السياسي الخليجي” يغدق بكثافة على جنرالات أو مبعوثين أو موظفين هنا وهناك فتصبح “كل معلومات الداخل” متاحة لأي لاعب خليجي لديه طموح من أي نوع خارج بحر العرب، مع عمليات التغليف وعلى قاعدة “اعقل… ولا تتوكل”.
حصل ذلك في مصر و”نجح” وكذلك في ليبيا، ثم السودان… والله وحده يعلم أين يحصل خلف الستارة، حيث يتم “تجنيد” كثيرين في هذه الطريقة، ولا يوجد فلاتر تدقق على أساس أن “نقل المعلومة للحبيب مثل أكل الزبيب”.
لا ضرر من وضع الشقيق في الصورة وبالتفصيل الممل شريطة – وهنا مشكلتنا – استخدام هذه المعلومة في الاتجاه الصحيح وبطريقة راشدة وعاقلة، الأمر الذي لا توجد أدلة حتى الآن على أنه يحصل فعلا.
المراسل “المراهق”
نعود للشأن الأردني، وتحديدا لما حصل مؤخرا مع فضائية “رؤيا”، يمسك أحد مراسلي المحطة في الشارع المايكروفون ويطرح سؤالا عجيبا خطر في ذهنه فجأة، بدون ترتيب مع “الكونترول”، له علاقة بمستوى مصداقية من “يحفظ القرآن الكريم”.
طبعا سؤال المراسل “مراهق” ولا معنى له .
لكن فجأة “عينك ما تشوف إلا النور”. يتحول أشد المسلمين الأردنيين بعدا عن المساجد والمصحف الكريم إلى خلفاء ألله في الأرض وممثلين للسماء. وتبدأ حفلة مزاودة لها أول وليس لها آخر ضد المحطة، مثل “تبشيرية مشبوهة” تهدد الإسلام وتسيء إليه وتجرح الدستور..الخ من الاتهامات.
طبعا، يحصل كل ذلك التشويه فقط، لأن المحطة يملكها ويديرها مواطن عربي أردني مسيحي .
لا تعنينا طبيعة المحطة ولا من يملكها وما يدهشنا قدرة الشارع على التحول إلى “الإفتاء” بدون مقدمات، وما نلمسه كمراقبين أن محطة “رؤيا” تخدم الوطن والناس والمجتمع أكثر بكثير من شاشات دفعت أطنانا من المال لتمويلها بلا فائدة.
الثانوية العامة
لا توجد محطة لا أرضية ولا فضائية في الأردن، وأحيانا في الوطن العربي إلا استضافت الطالب المتفوق أحمد حسن عثمان الحاصل الأول في تاريخ الأردن على علامة 100 في المئة في الثانوية العامة.
قناة “المملكة” خصصت حلقة كاملة لعثمان. قبلها التلفزيون الأردني قابله، وهو يتجول في حديقة ما.
أشفقت على الفتى، فقد كرر روايته نفسها على الشاشات كلها”، توفيق من الله أولا، ثم مساعدة والدي وأخيرا وضع برنامج للدراسة والالتزام به”.
جملتان فقط، كان يمكن أن يقولهما الفتى لمرة واحدة.
الأهم هو جملة التشكيك، التي توسعت بين البلاد والعباد، بعد ارتفاع نسبة العلامات والنجاح بقرار “سياسي”، لم ينفه وزير التربية والتعليم.
” رأيي وباختصار أن تسييس” مخرجات التعليم، لا ينتمي إطلاقا لأسرة وقاموس “الإصلاح الجذري الفعلي”، بقدر ما هو محاولة قد تفشل، وقد تنجح نسبيا لتلافي “مشكلة” من النوع الذي يفضل علية القوم “إنكاره”.
الأصل الإقرار بالمشكلة أولا، ثم “تجويد” مدخلات التعليم، بدلا من “العبث الرقمي” بالمخرجات حتى تبدو “أحوالنا تمام”.
هذا “وهم” وتضليل للشعب وللقيادة، وذريعة “العاجز” ومواصلة للسباحة في بحر الأخطاء الوطنية ستؤدي مجددا إلى إطالة وتعميق المسافة بين ما نفعله اليوم وما ينبغي أن يحصل مستقبلا.
تماما، مثل تزييف وعي الناس والعبث بالانتخابات العامة، حتى نستقطب تمويلا أو نرضي حيتان غرف العمليات، أو نوحي للسفارات، مفترضين أنها تشتري منا “العبث”.
للعلم، بمناسبة الحديث عن “تضليل الأرقام” أقدم لكم هذه “الطرفة”: تماما مثل ما تفعله العروس ليلة الدخلة بالغ وزراء ومسؤولون في تقديم “بيانات رقمية” مضللة لطاقم علماء حضر من جامعة هارفارد الأمريكية لمساعدة الأردن اقتصاديا ووضع “وصفة”.
وضعت الوصفة وتحولت لـ”خطة عمل” يقاتل من أجلها وزير التخطيط، ولم تحصل النتائج، التي تحدث عنها علماء هارفارد. بعد التدقيق تبين أن العروس قدمت “بيانات” غير حقيقة. جماعة هارفارد قالوا للحكومة الأردنية: طبعا لن تظهر نتائج صحيحة، لأن بياناتكم لم تكن حقيقية.