خليفة داعش… «دراي كلين»: اطلبوا «الثأر» ولو في سريلانكا… وكيف تتصدى لصفقة القرن بـ«العدس» الأردني؟
أكثر ما يثير التساؤل في المشهد التلفزيوني، الذي بثته على «تيلغرام» شبكة تنظيم داعش للخليفة أبو بكر البغدادي، تلك النعومة الظاهرة على وجه ويدي الرجل، وهو يفترش الأرض، ويخطب مجددا في الأمة متحدثا عن الإسلام والمسلمين، بعد أن فقد دولته.
البغدادي رجل الغموض الأول في آخر خمسة أعوام من عمر هذه الأمة التعيس، تماما مثل الرئيس السوري الديكتاتور بشار الأسد لم يذرف ولا دمعة واحدة على ضحية في أي مكان، ولم يعرب – مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – عن أسفه لمقتل بغلة أو قطع شجرة، بسبب عملياته القتالية.
وجد زعيم تنظيم داعش المؤسس وقتا في مكانه السري لارتداء دشداشة، اضح تماما أنها خرجت للتو من «دراي كلين».
مشهد أصابعه الناعمة يُظهر أنه لم يطلق رصاصة منذ عقود، ولحيته تقول لنا نحن معشر المستمعين بتوفر الوقت لديه وهو يتجول بين المنافي والجرود إثر انهيار خلافته لوضع الحناء.
سريلانكا… الباغوز
هدوء الرجل قاتل، وفي موقع التصوير رجل آخر يستمع بهدوء، قرر أن لا يخفي وجهه، ويرتدي شماغا أحمر. وفي الجوار أشخاص ملثمون يرتدون ملابس قديمة قالها الخليفة إياه بكل برود الكون: هاجمنا سريلانكا ثأرا لمعركة الباغوز.
فعلها قبله شمعون بيريس المقبور، ردا على مجزرة قانا، عندما قال: مؤسف وقوع 400 ضحية مدنية، لكن المؤسف أكثر هو الحرب نفسها.
«داعش» في حلتها الجديدة، ومن مكان مجهول ومع طاقم كومبارس وظيفته تمديد المسلسل على الأرجح يطبق زعيمها المثل المصري الشهير، حيث من لم يستطع مواجهة الحمار يستهدف البردعة.
سوريا و«عدس «الأردن»
ظهر وزير الصناعة والتجارة الأردني الأنيق والديناميكي، بدون ربطة عنق في هامش كاميرا التلفزيون الأردني، في الوقت الذي انشغلت فيه الشاشة بتكرار أقوى رسائل الطمأنينة للشعب: مخزون العدس في البلاد يكفي لأحد عشر شهرا.
حقيقة لمسنا التأثير السحري لهذا التصريح عند جارتنا «أم العبد»، فقد كانت قلقة جدا على غياب العدس في شهر رمضان المبارك أكثر بكثير من قلقها من صفقة القرن وما يقوله سياسي كبير من وزن طاهر المصري عن احتمال سقوط المسجد الاقصى قريبا بعد تدمير كل الأساسات تحته.
العدس هو الأهم، لكن الوزير النشط جدا اتخذ أيضا قرارات وطنية مهمة من بينها منع استيراد طينة البحر الميت، التي لا توجد إلا في الأردن من الجار السوري الشقيق مع منع استيراد 2090 سلعة أخرى.
قبل ذلك ظهر الوزير نفسه بلا ربطة عنق على قناة «المملكة»، وهو يستعرض حجم السلع الغذائية المخزنة في الصوامع.
سألنا سابقا: نحن ودول أخرى تدور في الفلك الأمريكي – مثل السعودية والإمارات، وحتى قطر – نتفاعل مع المسالة السورية بطريقتين، لماذا تستطيع أبو ظبي مثلا إقامة علاقات تجارية مع دمشق، بينما يجبر الملحق التجاري الأمريكي عمان على العكس؟!
الإجابة بسيطة وإن كانت بطعم المرار السياسي: الماكينة النخبوية في بلادي يطرد منها الأذكياء وأصحاب النزعات الوطنية المهنية والقادرون على التفاوض والمعنيون بطرح أسئلة تحرج الأمريكي ويغادرها خبراء عميقون ومثقفون لا نريد منهم معارضة الأمريكي بل ملاعبته والحصول منه على تعويض أو بديل في مكان آخر، مقابل الاستجابة الخاضعة تماما لشروطه مثل التجارة مع الضفة الغربية مثلا.
المفاجأة السارة هي الأهم، فالعدس الاستراتيجي، متاح في المخازن لأقل من عام بشهر واحد، رغم أن الأردني يمكنه زرع العدس في غرفة النوم وفي الأطباق وفي أي مكان.
الكرك ضد التطبيع
يستطيع رئيس بلدية الكرك الأردنية الكبرى إبراهيم الكركي، وبعد إنتخابه شعبيا بالفم المليان الاحتفال بالتقاط القناة الثانية في التلفزيون العبري الإسرائيلي لأعماله المبالغ في إنسانيتها، عندما ساهم في تأمين سياح وأطفال قالت الشاشة العبرية إنه شعر بهم مثل أولاده.
صاحبنا الكركي كان يستطيع مساعدة الوفد السياحي الإسرائيلي وتأمينه من مخاطر ممر مائي.
لكن أن يقدم بإسم هيئة البلدية «دروعا» ثمن الواحدة منها ثلاثة دنانير على الأقل، ومن ميزانية البلدية فقد تورط في«التزيد السعودي» وأنعش عقلنا باستحضار المندوب السعودي في الأمم المتحدة، وهو يعرب عن ثقته بضرورة توفير وطن قومي لليهود في فلسطين، وليس في الرياض.
رئيس البلدية الشاب يعرف من أين تؤكل الكتف وتليفزيون إسرائيل بث تصريحاته الإنسانية، ومن المرجح أنه يتصور أن يقفز في المناصب قريبا على رافعة «التطبيع الفريد».
لكن الواضح أن الأهل في الكرك الأبية لن يسمحوا بالأمر، فالشاب «استعجل قليلا» واختار التوقيت الخاطىء، وسلوكه لا يمثل أصغر طفل من نشامى الكرك.