زيارة كوشنر لم تكشف جديداً في “صفقة القرن”: الأردن أكد على حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة فلسطينية
تصر الدوائر الرسمية الأردنية على أن أي لقاءات أو اتصالات يجريها وزير الخارجية أيمن الصفدي مع أي أطراف أخرى خلال هذه الأيام مرتبطة حصريا بتوسيع قواعد التنسيق مع الجميع في موازاة التحرك الأمريكي لتقديم خطة سلام جديدة ومزعومة وبدون وجود اتصالات لها علاقة بسيناريوهات محددة خارج إطار قرارات القمم العربية.
أبلغ الأردن عبر “لجنة أمنية وسياسية مشتركة” السلطة الفلسطينية قبل أيام بعدم وجود “جديد مقلق” في مسألة تحركات المستشار الأمريكي جاريد كوشنر.
الإبلاغ هنا محصلة لمساحة التنسيق التي توسعت بين رام الله وعمان مؤخرا على أن تتولى العاصمة الأردنية وضع الجانب الفلسطيني بالصورة على أساس أنه “يقاطع” الأمريكيين.
قبل ذلك أثار لقاء تحدثت عنه تقارير في طنجة بين وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره المغربي ناصر بوريطة بالتزامن مع وجود جاريد كوشنر في الرباط الكثير من اللغط وسط إيحاءات بأن الجانب الأمريكي يحاول تسويق نظرية جديدة لها علاقة بـ “الوضع القائم في القدس”.
“شكلين ما بنحكي”: تلك عبارة مستعارة من مسلسل “باب الحارة” السوري الشهير سمعتها “القدس العربي” مباشرة من مسؤول أردني رفيع المستوى أعاد التأكيد على أن موقف بلاده داخل وخارج الغرف من أي خطة تسوية واحد وموحد.
استرسل المسؤول نفسه في الاستعارة اللغوية وهو يحاول تقديم تصور عن ما حصل بعد زيارة كوشنر الأخيرة إلى عمان.
بالنسبة لمقاربة مطبخ القرار الأردني ما يحاول الأمريكيون الإيحاء به أنهم يحاولون كسوة العظم لحما، لكن في الواقع لا يوجد عظم ولا لحم ولا حتى نطفة، فجولة كوشنر لم تأت بجديد.
يحاول طرف إسرائيلي له مصلحة في التأزيم والتوتير والتسريب الإيحاء بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأت بعملية “كسو العظم لحما”.
لكن في الحساب الأردني لا يوجد حتى عظم ولا بقايا هيكل عظمي والملك عبد الله الثاني تقصد عندما استقبل كوشنر التأكيد على “حل الدولتين” والإعلان بأن أي ترتيب بدون دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية “غير ممكن”.
الموقف بالنسبة للأردن عندما يتعلق الأمر بخطة السلام الأمريكية الجديدة لم يتجاوز بعد عمليا ومعلوماتيا ورسميا ورشة عمل البحرين الشهيرة حيث لا جديد في المشهد إطلاقا وحيث موقف الأردن واضح للغاية.
“لم يتغير موقفنا قيد أنملة ولن نتحدث بشكلين”: هذا ما قاله المسؤول نفسه وهو يقدر أن الجدية في التعامل مع استقرار المنطقة لا مجال فيها أو معها للاجتهاد.
بهذا المعنى ولان الملك عبد الله الثاني شخصيا لا يستطيع مقابلة جميع الزعماء وزيارة كل الدول العربية بعنوان التنسيق يتولى وزير الخارجية بعض المهام. وعليه تصبح زيارة الصفدي إلى طنجة جزءا من تنفيذ التوجيهات العليا وإدامة التنسيق مع كل الدول العربية.
زيارة كوشنر الأخيرة حافظت على العموميات والهلامية واستكملت الحديث عن الشق الاقتصادي في خطة سلام لم ترى النور بعد ولا يزال المسار السياسي فيها مجهولا ولا توجد معلومات من أي نوع حسب الدوائر الأردنية جديدة.
الموقف الأردني لم يتغير ولا سنتيمترا واحدا، هذا ما سمعته “القدس العربي” من عدة دوائر والحديث عن لقاء ودعوات في كامب ديفيد لم يناقشه كوشنر بل سربته صحيفة “جيروساليم بوست” ونفاه الأمريكيون لاحقا.
بالنسبة لكوشنر وخلال وقفته في عمان رفض ورغم الإلحاح الأردني تقديم أي معلومات جديدة لها قيمة حول ما تخطط له إدارته. وأجاب بوضوح على استفسار أردني مشيرا إلى أن تفاصيل خطة السلام الجديدة في مسارها السياسي لن تعلن إلا من قبل الرئيس دونالد ترامب شخصيا وبعد إجراء مشاورات الجولة الأخيرة.
مثل هذا الموقف مؤشر على أن الأمور لن تحسم بعد بالنسبة لدوائر القرار الأردنية، وهذا وضع مريح أكثر للأردنيين والفلسطينيين، لأن أجراس الإنذار قرعت بعدما تحرك كوشنر في المنطقة قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.
في المقاربة الأردنية يعتبر عدم وجود تفاصيل لها علاقة بالمسار السياسي حتى الآن من بين الأنباء السارة، لكن بالنسبة لسياسي وقيادي بارز في الحركة الإسلامية هو الشيخ مراد العضايلة، ينبغي التوقف بحذر عند أجندة غامضة ومخفية تستهدف بالضرورة تصفية القضية الفلسطينية وأعمق مصالح الدولة الأردنية.
في كل حال تبدو اللهجة الأردنية ثابتة أكثر وأوضح من أي وقت مضى والاستثمار في هذه اللهجة التي تتقارب من الاتحاد الأوروبي في مساحة حل الدولتين، يساهم في فتح مساحات إضافية لحوار الأردن مع دول أوروبية حتى وسط أجواء العزلة في الحوار مع الطاقم الأمريكي الذي يدير العرض الآن.