صراع أقطاب في «عطلة برلمانية»… والأردن يتجهز للأولوية «الانتخابية»: ضرب «المال السياسي»
أشهر «مجانية» يعمل فيها الرزاز بدون «طراونة ورفاقه»
قد لا تبدو مجرد تغريدة ساخرة يسجلها عضو البرلمان الأردني المثير للجدل، طارق خوري، ضد التعديل الوزاري الأخير على حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز. خوري وصف التعديل المشار إليه باعتباره خطوة لإقصاء الشعب الأردني.
الأهم، وهو ما يؤشر عليه خوري بطبيعة الحال، أن الرزاز قرر الاستثمار في العطلة البرلمانية وانتهى من تعديله الوزاري في مرحلة فراغ لا يوجد فيها برلمان بين دورتين دستوريتين لمجلس الأمة.
هنا يريد رئيس الوزراء أن يعمل بارتياح بعيداً عن تجاذبات أقطاب مجلس النواب وحتى تنفرد حكومته بما يريد أن ينجزه إلى أن تدخل البلاد في الاستحقاق الزمني لدورة برلمانية عادية جديدة بعد خمسة أو ستة أشهر.
رغم ذلك، ينضم خوري إلى برلمانيين غيره هاجموا بشراسة تعديل الرزاز الوزاري، فقد وصفه القطب صالح العرموطي بأنه تعديل يخالف الدستور بسبب إلغاء وزارات وتشكيل أخرى قبل إصدار لوائح قانونية مختصة.
ووجه العرموطي اللوم لرئيس الحكومة لأنه يقرر، منفرداً، تعديلاً وزارياً بدون أي تشاور مع ممثلي الشعب والأمة. لاحقاً، اعترض عضو المجلس، صداح الحباشنة، بقسوة على تعديل وزاري مخيب للآمال، وقرر بأن إسقاط حكومة الرزاز التي تستهزئ بالشعب الأردني أصبح واجباً معترضاً وضمنياً على ما أسماه بالقبضة الأمنية المتشددة والمداهمات والاعتقالات إثر عودة الوزير سلامة حماد لحقيبة الداخلية.
في الأثناء، ينقل سياسيون وإعلاميون عن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة قوله بأنه وضع القصر الملكي بصورة تقديره التشريعي، حيث لا يوجد مبرر من أي صنف لعقد دورة استثنائية بعد شهر رمضان وقبل التوقيت الدستوري لدورة البرلمان العادية المقبلة.
وصفة الطراونة هنا تخدم الرزاز وبشدة؛ فهي تريحه من ضغط الغرفة التشريعية لصالح خيار عقد دورة استثنائية، حيث تكسب الحكومة هنا وبإسناد رئاسة مجلس النواب خمسة أو ستة أشهر من الحرية المطلقة في الميدان ودون ضغط أو تحرشات أو مغامرات أعضاء مجلس النواب.
الإيحاء في توصية الطراونة سياسياً واضح أيضاً، فعندما يتحدث عن عدم الحاجة تشريعياً إلى دورة استثنائية، يلفت النظر ضمنياً إلى صعوبة وضع أي تصور لتعديلات على قانون الانتخاب بين يدي نواب متحفزين وخلال دورة غير عادية. طبعاً، يفهم الجميع هنا أن عقد دورة استثنائية أو عدم عقدها خيار مرجعي بالأساس وليس في نطاق لا الرزاز ولا الطراونة. كذلك الأمر عندما يعلق بملف قانون الانتخاب، حيث المبرر الوحيد الآن لعقد استثنائية برلمانية هو صدور ضوء أخضر لفتح ملف قانون الانتخاب، وتلك قصة سياسية لها ظروفها واعتباراتها.
في كل حال، يشاغب النواب اليوم على الرزاز بعد تعديله الوزاري لفظياً وصوتياً وعبر منصات التواصل، ولا يملك أي منهم القدرة على مزاحمته أو مناقشة حكومته بسبب العطلة البرلمانية.
وهو وضع مريح عموماً لأطراف الحكومة والوزراء الجدد دون ضمانات بأن ينتهي باستبعاد طموح الرزاز وغيره بإنضاج الظرف الموضوعي للتحدث عن تعديل دستوري مقترح، لكن بخجل في أضيق القنوات.
مصلحة الحكومة هنا تقتضي توفير ملاذ يواتي فرصة التخلص من البند الدستوري الذي يجبر السلطة التنفيذية على الاستقالة فور تنسيبها بحل البرلمان.
ثمة من يقول في محيط الرزاز بأنه يطمح بالعودة إلى البقاء لفترة أطول حتى ينتهي من إنجاز برنامجه في الإصلاح الاقتصادي، الأمر الذي ينبغي أن يتيح له دوماً مساحة أكثر حرية في التخلص من البرلمان والبقاء في الإدارة في الوقت نفسه، وهو وضع مستحيل دون تعديل الدستور.
في الأفق مقترحات أخرى لتعديل نصوص دستورية ضمن عملية سياسية شاملة وعميقة، من بينها نصوص تم تعديلها أصلاً قبل عدة سنوات.
وهو خيار لم يحسم بعد على المستوى المرجعي في كل الأحوال، وإن كان الحديث يتواتر في أقنية صناعة القرار عن جاهزية أكبر لتوجيه ضربات أو صفعات قوية للمال السياسي حصرياً عندما يتعلق الأمر بالعصف الذهني المبكر في سيناريو الانتخابات المقبلة.
وفقاً لما يرشح حتى اللحظة، تم التراجع عن تعديل النظام الانتخابي. وصدر أمر مباشر بإجراء تعديلات طفيفة تضمن منظومة النزاهة أكثر. لكن الواضح في المقابل هو فقط التحضير لوجستياً وتنفيذياً وضمن معطيات الهيكل الأمني الجديد في البلاد لمرحلة انتخابية جديدة عنوانها الأهم نزع الدسم عن المال السياسي وتقليم أظافره في البرلمان والواجهة الانتخابية، وهو أمر ملح يتحدث عنه اليوم مسؤولون أردنيون بعد استرسال سفراء أجانب في التطرق إليه.
ويعني ذلك أن هجمة النواب اللفظية على الرزاز، الذي تزداد قوته في إدارة المشهد وتتضاعف حصته في النفوذ، قد تنتج مؤشراً مبكراً على أن بعض رموز المال السياسي في المشهد التمثيلي والانتخابي تربكهم المعطيات.