عشاء سياسي في ضيافة الإخوان الأردنية: نصحنا القصر بتنويع الخيارات نحو روسيا والصين وتركيا
لا توجد أي علاقة بين المراقب العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية الأصلية والأم وبين الصين الشعبية.
لكن الشيخ عبد الحميد الذنيبات، عضو البرلمان السابق يميل إلى استذكار بعض المترادفات السياسية التي مرت عليه بعد تجربة طويلة من العمل العام. ففي أحد المواسم الانتخابية اتصل به ضابط الأمن المسؤول مقترحا عليه إعادة النظر في ترشحه للانتخابات عن مدينة الكرك جنوبي البلاد لأنه لن ينجح حتى لو صوتت له جمهورية الصين الشعبية. وصل الأمر بالشيخ الذنيبات وهو يداعب ضيوفه لمستوى ذكر اسم وتحديد هوية الضابط الأمني. تلك مفارقة في رأي الشيخ ورفاقه تستحق التأمل لأن لها علاقة مباشرة بجدية خطاب الإصلاح.
في جلسة خاصة مع بعض أركان مطبخ الإخوان الأصليين وليس المرخصين، تحدث الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة، عن حاجة مركز القرار لحلول إبداعية واستثنائية هذه المرة. ولسبب بسيط وهو ان اللعب في المنطقة والإقليم من الوزن الثقيل والمراوغة في مقترحات إصلاح سياسي ليست في مكانها لأن الظرف لا يسمح.
الشيخ ذنيبات يسأل أمام نحو 25 ضيفا من الإعلاميين: من الذي ولماذا أمر باعتقال بعض الشباب المسيس في اليوم التالي تماما للقاء شهير برعاية جلالة الملك في الجامعة الأردنية دعا فيه الشباب للعمل السياسي؟
طبعا الجواب معقد هنا وبعض الحضور مال لنظرية التشكيك، لكن ما يتضح عند الشيخ العضايلة على الأقل هو ان شراء سيناريو التشكيك ليس خيارا عاقلا عند مؤسسة عريقة من حجم الإخوان المسلمين، فالحلول الإبداعية المسؤولة مطلوبة اليوم ليس فقط من الحكم والدولة إنما أيضا من المواطن وأحزاب المعارضة وحتى من الحركة الإسلامية .الأمور في عمق الشعب تغيرت في رأي عضايلة، والحلول ينبغي ان لا تنتمي للنادي المعلب والمجرب سابقا وان ما صلح في الإدارة قبل عشرين عاما لا يمكنه ان يصلح اليوم.
لاحقا يلاحظ العضايلة ما يلي: المتصدرون في الشارع اليوم ضد النظام هم أولاده قبل غيرهم وجزء كبير منهم كانوا في تربية مؤسسات الدولة والنظام خمسين عاما. فوق ذلك تغريدة صغيرة لأمير تقلب الأمور رأسا على عقب في الحالة الإعلامية الوطنية وشريط فيديو لمعارض أو مدعي معارضة في الخارج يشاهده اليوم مليون أردني.
تلك إشارات في رأي العضايلة توحي بالخطر وبأن الجميع متضرر وتحديدا مؤسسة النظام قبل غيرها لأنها فقدت حلفائها التقليديين في الإقليم والعالم ويعترض عليها أولادها في الداخل. الجميع متضرر – يشرح العضايلة – الناس والوطن والنظام والمعارضة وقد نكون نحن في جماعة الإخوان المسلمين الأقل تضررا في هذه المرحلة، الأمر الذي يستوجب فعلا مقاربة جديدة وتغيير لقواعد اللعبة.
يسأل عضايلة ويشاركه الذنيبات: ما الذي يعنيه ان الحركة الإسلامية الأردنية لم يقابلها جلالة الملك شخصيا في لقاء سياسي إلا مرة واحدة طوال عشرين عاما.
يدخل الذنيبات على خط الحوار ويوثق قناعته بأن الدولة غير جادة في حماية التعددية الحزبية والمشاركة السياسية لأن السلطات تعاقب في اليوم التالي كل من يحاول ان يتأطر في تجربة حزبية من الشباب وتلك ازدواجية لا تصلح للصمود حتى عندما تخلص النوايا. والسبب في رأي الشيخ العضايلة ان حجم ومستوى اللعب في المنطقة هائل فلا توجد ضمانة حتى لليلة واحدة لان تصبح أي دولة على ما أمست عليه. ونحن كأردنيين جميعا في نطاق المسؤولية الوطنية وعندما يتعلق الأمر بالحديث عن ضعف الرواية الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين نقر بذلك، لأن الرواية تأثرت بحالة الكمون التي كانت ملاذا بسبب كثرة التضييق والضغط والطرق.
الخلاصة أنه من غير المعقول ان يواجه الأردن مستوى اللعب الإقليمي والدولي بالطرق القديمة. هنا حصريا يشتم المراقب رائحة سعي الإخوان المسلمين لنمط من أنماط المصالحة تحت عنوان الحوار الوطني وتدشين الإصلاح السياسي الحقيقي.
ضمنيا تعرض جماعة الإخوان الأصلية سعيها للعودة على أساس شراكة وطنية لإنقاذ البلاد وهي رسالة تعني أن على مؤسسات القرار إذا رغبت في التجاوب إزاحة الحركات المنشقة عن الجماعة والتي خضعت للتسمين الرسمي، عن الواجهة وإعادتها إلى رف الاحتياط أو التوقف عن محاولات نفخ الروح في الميت على حد تعبير أحد القياديين.
لا يعرف رموز المطبخ الإخواني بعد ما إذا كان رئيس الديوان الملكي الأسبق الدكتور فايز الطراونة قد مرر فعلا ورقة علمية سياسية اقترحتها الحركة الإسلامية على القصر والملك بعنوان مصالح الأردن في إعادة التموضع السياسي.
يرصد الإسلاميون وحسب القيادي جميل ابو بكر، مواقف متقدمة جدا لا بد من دعمها وتستحق الثناء من بينها إنهاء العمل في تأجير أراضي الباقورة والغمر لإسرائيل. لكنهم يطالبون عند الإصلاح السياسي بأفعال على الأرض بدلا من الأقوال وما تم تسريبه من الورقة التي وضعت بين يدي الطراونة هو فقط مقترحات لها علاقة بتنويع الخيارات والتحالفات باتجاه دول محورية مهمة مثل روسيا والصين وتركيا وكذلك قطر بدلا من البقاء في الحضن السعودي الأمريكي الذي تخلى عن الأردن.
مثير جدا وعلى هامش العشاء الحواري الذي استضافه في منزله الشيخ الذنيبات وحضرته “القدس العربي” الإشارة إلى ان تلك الورقة المعنية بتنويع التموضع وضعت في درج أو جيب الطراونة في شهر نيسان/ابريل الماضي.