قصة التبغ وإسكوبار الأردن “بدأت للتو” وتتدحرج.. والشارع يتحرك مطالبا بـ”المزيد” من حيتان الفساد
توحي الاجواء السياسية والبرلمانية والشعبية في الاردن بأن واقعة القبض على المتهم الاول في قضية التبغ قد تتدحرج باتجاهات غير محسوبة وتؤدي إلى اثارة المزيد من الجدل والنقاش وعلى أكثر من صعيد، خصوصا في ظل إصرار الرأي العام على المطالبة بـ”شبكة نافذة” من معاوني المتهم ورجل الاعمال عوني مطيع بعضهم قد يكون من كبار البرلمانيين والمسؤولين.
وبات من الصعب تماما إقناع الشارع المتعطش لرصد “رؤوس كبيرة” خلف القضبان على ذمة قضايا وملفات الفساد بأن المقبوض عليه عمل وحيدا طوال السنوات الماضية، خصوصا بعدما صرح مسؤول بيروقراطي سابق وبارز يثق به الشارع بأن قضية التبغ والسجائر تخفي خلفها هدرا بـ”مليارات” الدولارات.
بات من الصعب تماما إقناع الشارع المتعطش لرصد “رؤوس كبيرة” خلف القضبان على ذمة قضايا وملفات الفساد بأن المقبوض عليه عمل وحيدا
الموجة الأبرز في هذا السياق ركبها المدير العام الأسبق لمؤسسة المواصفات والمقاييس، والذي يعتقد أن موقفه اثناء الواجب من قضية تهريب وتزوير التبغ أطاح عمليا بوظيفته، وهو المهندس حيدر الزبن الذي ترأس مؤسسة المواصفات والمقاييس وأطاح به رئيس الوزراء السابق هاني الملقي في آخر أيام حكومته.
الزين كان قد أعلن قبل أشهر أنه قابل الرئيس الحالي عمر الرزاز ووعده بتسليم ملفات فساد كبيرة جدا وبالوثائق.
لكن الرزاز لاحقا أبلغ بأن الزبن لم يسلمه أي وثيقة أو ملف موثوق.
لسبب أو لآخر نشرت محطة المملكة المقربة من السلطات مقابلة كاملة مع الزبن بمناسبة القبض على إمبراطور التبغ، وسجل الرجل كلاما لم يقل سابقا في السياق، عندما تحدث عن هدر مليارات الدولارات بسبب البعد الجمركي في قضية التبغ. وتحدث صراحة عن “شخصيات نافذة جدا” قدمت المساعدة لمطيع طوال الوقت. ملمحا إلى أن الأخير كان على صلة أيضا ببعض أعضاء البرلمان.
هذه التعليقات هي التصريحات الأكثر جرأة من موظف بيروقراطي رفيع المستوى وسابق. والتلميحات تضمنت الإشارة إلى أن الزبن نفسه منع إعادة تهريب مصانع كاملة كانت تدير العمل لصالح شبكة مطيع.
بكل حال كانت الموجة التي ركبها الزبن بمثابة الكرة المتدحرجة الأولى في قضية التبغ التي بدأتها الحكومة بالقبض على المتهم المركزي. وفي تصريح للرئيس الرزاز قال فيه إن “البقية ستأتي” دون أن يحدد مقاصده. في الوقت الذي تدحرجت أيضا فيه تصريحات المسؤولين والوزراء، حيث أعلنت الناطقة الرسمية باسم الحكومة الوزيرة جمانة غنيمات، بأن كل من يثبت تورطه بقضية مطيع والتبغ سيواجه القانون والمحكمة.
هذا التتابع في تصريحات المسؤولين يحاول التحرك بنفس رشاقة الشارع الذي شاهد عوني مطيع مقيداً بالأصفاد، لكنه الآن يطالب بالمزيد.
ومبكرا أعلن حراكيون على صلة بحملة “معناش” الشهيرة، بأنهم سيخرجون للشارع مساء الخميس للمرة الرابعة وسيطلقون هتافات يطالبون فيها بـ”أعوان مطيع” وشبكة الشخصيات النافذة التي قدمت له التسهيلات والخدمات، خصوصا وأن الرأي العام تحت انطباع قوي ومفعم بالتسريبات بعنوان وجود “وزراء سابقين ونواب حاليين”ضمن الشبكة التي قدمت المساعدة لإمبراطور التبغ أو “إسكوبار الاردن” كما يحلو للصحافة أن تطلق عليه.
ورغم أن مثل هذا الحديث مجرد “تسريبات” قد لا يكون لها صلة بالتحقيق، إلا أن الشارع مليء بالشائعات والتكهنات، وبدأ يشكر الحكومة على جلب مطيع، لكنه يطالبها بالكشف عن المزيد من أسرار إمبراطورية التبغ التي قال النائب مصلح الطراونه بمعية الزبن بأنها كلفت الخزينة مليارات الدولارات.
والمنصات الشعبية الالكترونية هنا “لن تشبع”، خصوصا وأن الكثير من ملابسات قصة مطيع أصلا غامضة أو لم تنكشف بعد وسط المزيد من الأقاويل والتسريبات عن “منع برلماني بارز” من السفر عصر الثلاثاء، وعن قوائم سوداء ستظهر قريبا، واستعداد يؤكد عليه الرزاز نحو المضي قدما في كشف ملف فساد التبغ وما خلفه.
المناخ المحلي الأردني بهذا المعنى مشحون للغاية، والإثارة في أعلى مستوياتها، وكرة القبض على مطيع تتدحرج بعنف وانفلات، والقصة”بدأت للتو” مع اعتقال رجل الأسرار والتبغ كما يؤكد لـ”القدس العربي” العديد من المسؤولين والسياسيين.