قمم مكة: “حج وبيع مسابح” في العراق ..”أكو حرية لطم أكثر” والحريري مع بن سلمان: “صافي يا لبن”
كانت صورة فريدة بامتياز تلك التي حاولت محطة «الميادين» جعلها خلفية للحدث، وهي تتلو «تقريرها الثوري» عن «قمم مكة الثلاث».
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، يقف مطولا مع الأمير محمد بن سلمان، ويبتسمان معا للكاميرا، فيما يغمز كلاهما «أحدا ما» خلف الكاميرا.
سيناريو الحديث تخيلته كالتالي: يقول الأمير للحريري: «صافي يا لبن» فيرد الثاني: «حليب يا إشطة».
ما زالت عالقة في ذهننا صورة الحريري وهو «سجين» في السعودية، شاحب الوجه، ويتحدث لكاميرا لبنانية عن استقالته المفاجئة، مكررا 23 مرة على الأقل عبارة «النأي بالنفس».
في الطريق، يمكن للمرء، خصوصا إذا كان زعيما عربيا أن «يبيع مسابح»، بعد أداء فريضة الحج السياسي ضد إيران في مكة.
الأردن: لا لبن ولا قشطة!
لاحقا، عندما يتعلق الأمر بتقرير موسع لفضائية «المملكة» الأردنية المتذاكية، وهي تلاحق الملك عبدالله الثاني، وكمراقب شعرت بعدم وجود «لا لبن ولا قشطة».
هنا على الشاشة الأردنية، كانت عينا ولي العهد تلاحق ضيفه الملك الأردني لعدة أمتار، بعد مصافحة سريعة جدا.
سأقول تحليلا للصورة: الملك أنجز المصافحة بأسرع ما يتطلبه الأمر، ومضى متحدثا وحده عن «القضية الفلسطينية»، أما البروتوكول السعودي فبالغ تمثيلا في إظهار حرارة عناق لا يعكس إطلاقا طبيعة العلاقات الأردنية – السعودية الآن.
تذكرت وأنا أراقب مشهد فيلم «الصرخة 3»، الذي تتحفنا به «أم بي سي» الثانية في ليلة الرعب بين المواسم، حيث ورقة كتب عليها «أعرف ماذا فعلتم الصيف الماضي»!
وبما أن سوق بيع المسابح افتتح على مصراعيه في القمم الأخيرة، يمكن التصفيق لرجلين أيضا في الهامش.
وفقا لما بثته عشرات المرات الفضائية السعودية، فقد قرر عادل الجبير إعلان قرار الأمة الإسلامية بـ«عزل إيران».
لا أعرف سببا يدفعني للاعتقاد أن «الأمة، التي نباهي بها الدنيا» عزلت إيران بدلا من محاورتها.
ولتذكير الجبير: إيران تسيطر على أربع دول عربية ونصف حلفائكم في البحرين والإمارات والكويت يقيم معها تجارة بالمليارات، و»الفستق»، الذي تناوله ضيوفكم قرب ستار الكعبة على السحور قد يكون إيراني المنشأ، أو من تلك الكمية، التي حملها معه من إسطنبول القاضي الشهير، وهو يحاول التحدث مع الأتراك حول قضية الشهيد خاشقجي.
المصافحة القطرية
ما علينا، موجة التصفيق الثانية يستحقها رئيس وزراء قطر، وهو يتمتع بروح «فدائية»، فقد ظهر جليا على شاشة «الجزيرة»، الرجل وهو يتنفس الصعداء عندما أنجز مصافحته البروتوكولية، مهرولا، دون أي حرارة، في أسرع تحية متحركة لزعيم دولة تستضيف قمة، وبدون تبادل حتى ابتسامة.
لا يُلام من يخضع للحصار، عندما يجد أن واجبه يتطلب صرف ابتسامة مجاملة لمن يحاصره أو يحاول تجويع شعبه.
على كل حال، ضحايا «الاستراتيجية السعودية العميقة»، وتطلعات العهد الجديد تحشدوا معا في مكة، من كل حدب وصوب، من عمان لبيروت حتى الخرطوم والدوحة، وطُلب منهم الابتسام أمام كاميرا قبل بيع المسابح وأداء العمرة مجانا.
كيف نهزم المشروع الإيراني بأمة منقسمة وعلاقاتها الأفقية ممزقة؟!
قالها يحيى السنوار مباشرة على شاشة فضائية «الأقصى»: «أغلقوا في وجه شعبنا الباب فاحتضنتنا إيران».
لو كنت سعوديا، ويشرفني طبعا أن أكون، لعزلت إيران بصورة أبسط، وعبر أربع خطوات فقط: «إنهاء الحصار على الشعب القطري وأهل غزة، ثم وقف الحرب على الشعب اليمني، والتصالح مع آردوغان، والتوقف عن مزاحمة الأردن ومساعدته ووقف دعم الانقلابات في افريقيا».
هذه خطوات بسيطة، ولا تحتاج لاستعراضات قرب الكعبة المشرفة، ولا لبيع مسابح صناعة «تايوانية»، ونتائجها فعالة وسريعة لو اعترف الشقيق الأكبر – ولو للحظة – أنه «أخطأ» واتجه نحو «التصويب».
العراق وإيران والقدس وحرية اللطم
على الجانب الآخر قرر وزير خارجية إيران محمد ظريف بدوره المشاركة عن بعد في بيع المسابح البالية عندما ظهرت محطة اسمها «التقوى»، وهي تنصح الزعماء العرب بعدم «بيع القدس»، ردا على قمم مكة.
مجددا يختار الجميع المزاودة على الجميع عبر «القدس»، مع أن عنوان تحرير القدس واضح لكل لبيب.
وصدقا لا يمكنني تصديق أن تحرير القدس إيرانيا يبدأ من تركيب الحوثيين قسرا على ظهر الشعب اليمني أو تهديد الرياض واحتلال دمشق، وتعطيل حياة الشعب اللبناني، كلما «دق الكوز بالجرة السعودية».
القدس بلعها اليمين الإسرائيلي مع الجولان بخريطة قدمها كوشنر لنتنياهو موقعة من ترامب وصاحبنا ظريف يعود للأسطوانة المشروخة نفسها، ويكتفي بتهديد العرب.
باختصار، ومن الآخر ننصح ظريف بمشاهدة برنامج صورته مع الناس محطة اسمها «آي» وفيها يتحدث مواطن عراقي عن الإنجاز اليتيم لطهران في بلاده وهو «حرية اللطم أكثر».
قال الشاب: نشكر بريمر والعمائم السود والحرس الثوري… ماكو ماي ولا كهرباء ولا رواتب ولا طعام، لكن «أكو لطم أكثر» مما كنا نفعل أيام صدام حسين!