“قناص الأردن” يعتزل الحصار ويتبادل السفراء مع قطر بعد التغريد الباكستاني خارج السرب السعودي
لا أحد يمكنه تحديد “الشعرة” التي قصمت ظهر البعير الدبلوماسي فجأة، ودفعت عمان لاستمزاج رسمي أُرسل للدوحة بشأن “تسمية سفير جديد” للمملكة لدى دولة قطر.
لكن ما تستطيع “القدس العربي” أن تؤكده هو أن مسألة “تسمية سفير أردني” وإعادة السفير القطري متفاعلة منذ أشهر بين البلدين وسط “تردد” أردني حصريا استند إلى سياسة “نصف الباب المفتوح”، وأن أردنيين مخلصين يعملون بصمت على الملف القطري كان لهم دور “الجندي المجهول” في ترتيب الأوضاع بصبر شديد.
عمليا، تفكر عمّان بالخطوة من تلك اللحظة التي فتحت فيها قطر أبوابها لتعيين 10 آلاف أردني حصريا، وتؤكد الناطقة الرسمي باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، أنه تم فعلا تعيين نصفهم والتشاور متواصل من اجل النصف الآخر.
بمعنى ثمة إقرار بـ”مصداقية” وعد الأمير تميم تجاه التضامن ليس فقط مع “الحالة الاقتصادية ” الأردنية، بل أيضا والأهم مع الجملة السياسية لملك الأردن بخصوص موقفه من القدس ودعم قطر للوصاية الهاشمية ولمجمل ثوابت الأردن في الملف الفلسطيني.
وليس جديدا أن تعلن الوزيرة غنيمات مساء الأحد بأن العلاقات أصلا مع قطر “لم تنقطع” وأن المرحلة الجديدة ستشهد تطورا لافتا فيها.
من نشر نبأ استمزاج عمان للدوحة بخصوص تسمية سفير جديد للمملكة، موقع إعلامي يتبع القوات المسلحة، تلك أيضا إشارة مهمة لها علاقة باتفاقيات التعاون العسكري التي سبق أن وقّعها رئيس الأركان الأردني الجنرال محمود فريحات مع القطريين.
عليه لم يكن قرار الأردن “المتأخر” بخصوص “تبادل السفراء” مفاجأة من الناحية العملية لأن المسألة تبحث خلف الستارة منذ أسابيع طويلة.
لكن الدلالة والتوقيت هما المفاجأة الأكبر.
في الدلالة السياسية المباشرة قرار تبادل تسمية السفراء قد يعقبه “لقاء قمة” أسرع زمنيا من التوقعات.
لكنه سياسيا وبكل حال قرار يقول فيه الأردن وبوضوح أنه قرر من جهته تفكيك الحصار على قطر أو اعتزال الحصار المعلن على الدولة الشقيقة من أربع دول عربية، أو إعلانا صريحا بأن عمّان لم تعد طرفا.
ينهي القرار عمليا صيغة الدبلوماسية الأردنية التي اعتبرت مطالبة السفير القطري قبل عامين بالمغادرة صيغة “معتدلة”.
الأردن يتطرف هنا قليلا عن “اعتداله” المفترض ويؤسس لمسافة مع الحصار المعلن على دولة قطر.
تلك جملة لا تنسجم فقط مع مصالح الذات الأردنية، لكن في التوقيت يمكن ملاحظة أنها أعقبت إرسال الأردن لوفد صغير لمؤتمر البحرين وبعد عروض جاريد كوشنر المالية الضعيفة والبائسة لدعم الأردن.
أغلب التقدير أن القرار الأردني بالاتجاه القطري “يزعج” حلفاء عمان في أبو ظبي والرياض.
لكنه قرار يتوقع الخبراء أنه درس وبعناية بالتنسيق مع الحليف الأمريكي الذي ألمح عشية مؤتمر البحرين المثير للجدل بأن محطته التالية ستكون “مصالحة خليجية داخلية”.
مهم في سياق التوقيت، فهم أن الخطوة الدبلوماسية الأردنية اتخذت بالتزامن مع “التغريد الباكستاني” خارج السرب السعودي فجأة أيضا حيث الأمير تميم في باكستان بجملة استراتيجية فعالة وعميقة وبمناكفة واضحة من رئيس وزرائها للمحور السعودي وبلحظة قرر الأردن اقتناصها.