كازينو الإقليم: حوار مع «سفير إيراني»
يحاول السفير الإيراني الذي يستعد للمغادرة من العاصمة الأردنية عمان الدكتور محبتي فردوسي طرح سؤالين وتحصيل اجابة عليهما وهو يلجأ إلى توديع بعض الأصدقاء.
السؤال الأول: كيف وعلى أي اساس تفترض حكومتكم أن مشروع ناقل النفط بين العراق والأردن يمكن أن يعبر بهدوء وببساطة في الوقت الذي لاتزال فيه السفارة الأردنية في طهران بلا سفير؟
السؤال الثاني ينطوي على الكثير من الحسابات والتفاصيل لكن فكرته كالتالي: إسرائيل والسعودية تضغطان عليكم كأردنيين ضدنا.. هذا مفهوم.. غير المفهوم هو الشعب نفسه لماذا يوصد الأبواب في وجهنا ويستسلم للدعاية المضادة؟.
.. علمت بالسؤالين بعدما تفرغت مباشرة من رؤية ذلك المشهد المهم في إحدى الفضائيات العراقية لرئيس سابق لهيئة مكافحة الفساد في العراق يقر فيه ويعترف أن جميع المسؤولين في الهرم السياسي العراقي وبدون أي استثناء «لصوص تورطوا في الرشى» مع تعميم إضافي يتحدث عن كل هؤلاء الموجودين داخل المنطقة الخضراء في بغداد.
المذيع يسأل:.. هل أنت منهم ايضا؟ يجيب المسؤول العراقي عن مكافحة الفساد: طبعا أنا منهم فقد ارتشيت سابقا.
يعود المذيع للسؤال: لماذا لا تعرض الأسماء؟.. يجيب الرجل: لأنهم سيقتلونني ببساطة وسيجدون مجموعة ميليشيات متعصبة مرتزقة تهتف باسم الله والعراق والحسين وتتولى اختطافي والقضاء علي باعتباري عدوا للوطن المحرر.
على نحو أو آخر ثمة إجابة في هذا المشهد على السؤالين اللذين طرحهما سفير إيران الأسبق في الأردن.
لكن يحتاج المشهد دوما المزيد من التأمل والتعمق فإيران تلتقي مع الكيان الإسرائيلي في نقطة مشتركة بالنسبة لي كمواطن عربي بسيط من أهل السنة عالق تحت ظل ثنائية الفساد والاستبداد في النظام الرسمي العربي.
هنا لا يقدم لي الإيراني مشروعه بصرف النظر عما إذا كان فارسيا أو سياسيا أو ايديولوجيا بطريقة مستنيرة وبدون تحشيد طائفي وتشنج وبدون لصوص وحرامية تماما كما يفعل المشروع الإسرائيلي.
بالنسبة للعربي العراقي أو اليمني وفي بعض الأحيان السوري واللبناني تتحرك الماكينة الإيرانية بصرف النظر عن مطامحها وهويتها باتجاه تقنية الدم والدم فقط فهي تقتل وتسمح للمرتزقة اللصوص بنهب العراق وترتدي عمة سوداء مماثلة لتلك العمة التي ارتداها خليفة المسلمين المزعوم الذي تحركه الماكينة الأمنية الإسرائيلية بالمقابل باسم المتطرفين السنة لكي يرد على المتطرفين الشيعة الذين تمولهم وتحميهم إيران بالمقابل.
تتحرك الماكينة الإيرانية بصرف النظر عن مطامحها وهويتها باتجاه تقنية الدم والدم فقط فهي تقتل وتسمح للمرتزقة اللصوص بنهب العراق وترتدي عمة سوداء مماثلة لتلك العمة التي ارتداها خليفة المسلمين المزعوم الذي تحركه الماكينة الأمنية الإسرائيلية بالمقابل باسم المتطرفين السنة
بمعنى آخر أنا العربي البسيط في أضيق الزوايا وألعنها.. خلفي مشروع احلالي استعماري إسرائيلي يسعى لأسطورة إسرائيل الكبرى ويديره متطرفون مجانين يشربون الدم ويقصفون شعوب العرب في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين وغزة بتلك القنابل الذكية التي يصنعها تجار السلاح الأمريكي في البنتاغون شريك الإيراني في تدمير عراق صدام حسين وادخال السفلة والأوغاد واللصوص إلى غرفة بغداد التي كانت بدورها ديكتاتورية فعلا.
لكنها كانت في المقابل تنطوي على نمط من الديكتاتورية المنصفة.
في ظل الديكتاتور صدام حسين ثمة عمل ورزق وماء وكهرباء وطب وثمة فساد عامودي فقط ودولة وهيبة مؤسسات.
أما في ظل الدولة التي أقامها الإيراني والأمريكي بالشراكة فلا ماء ولا كهرباء ولا عمل ولا علم.. فقط منطقة خضراء أسست بالشراكة لحماية لصوص بحيث تكفل القطبان معا في تدمير العراق الذي كنا نعرفه أولا، وفي نهب ثرواته المقدرة بنصف تريليون دولار على الأقل حسب معلومة أمنية أردنية.
أنا ذات المواطن نفسه من أمامي مشروع إيراني غير مستنير يعتمد على التحشيد الطائفي وعمة سوداء لعوب يقابلها عمة بيضاء مستكينة أحيانا ومجرمة في أخرى.
ويقف خلفي في الأثناء عدو إسرائيلي مستعمر أخضع القدس وفي طريقه لإخضاع بغداد وعمان والقاهرة ومكة وينتظر سقوط طهران وقم.
غريب جدا أن الإيراني يقاتل الإسرائيلي بالكلام والمؤتمرات والأغرب أن الإسرائيلي يقاتل الإيراني بدمي أنا كمقاتل سني.
أنا السني العربي الساذج البسيط المستكين يحشرني المشروع الطائفي الإيراني في زاوية تستند إلى المشروع الإسرائيلي الاحلالي وإلى يميني مشروع خليجي سعودي مغرق في البؤس يفتك بالشعب اليمني ويمنع اللبناني من انجاز الوئام ويهدد السوري والأردني بذريعة الطموح الفارسي.
وإلى يساري نظام عربي رسمي متهالك ومستبد وفاسد يحتكر الحكم والحقيقة والمشهد ويزاود على جميع الأطراف.
باسم الممانعة والمقاومة يطالبني الإيراني في كازينو الإقليم وأوكازيون المنطقة بالانضمام إلى حلقته الطائفية الغيضة لأن «زينبنا لن تسبى مرتين».
وباسم الرد على الممانعة اللعوب والكاذبة يستقبل نظامي الرسمي العربي قادة إسرائيل ويعزف سلامها تحت ستار الإنسانية والأمر الواقع وخوفا من خطورة المشروع الإيراني.
المشروعان الإيراني والإسرائيلي معا في نفس الزاوية التي تحولني إلى حطب موقد وتدفعني دفعا إلى حضن الجهل والاستبداد في النظام العربي الرسمي.
.. هل هذه إجابة على سؤالي صاحبنا السفير.