مفاجآت متأخرة لأسوأ “تعديل وزاري” أردني: “عكا” والطفيلة ضمن “دعابة المحاصصة” والاعتذار من وزراء بعد تكليفهم
صعب جدا معرفة الظروف والملابسات التي أحاطت مؤخرا بأكثر تعديل وزاري أثار الجدل عمليا في تاريخ تشكيل الحكومات الأردنية.
الحديث هنا عن تداعيات لا تزال مستمرة للتعديل الوزاري الذي قرره الرئيس الدكتور عمر الرزاز منذ نحو أسبوعين على طاقمه، حيث يبدو واضحا أن بعض الوزراء الجدد يغردون خارج السرب فيما غضب وزراء غادروا الحكومة من ربط الرزاز للمسألة بتقييم الأداء.
تبرز مع مرور الوقت المزيد من المفارقات ويبدو أن الرزاز بحث فعليا عن شخصية تمثل محافظة الطفيلة في الطاقم خلفا للدكتور ابراهيم الشحاحده الوزير الحالي للزراعة والبيئة.
بعد عملية بحث واستشارات استدعى الرزاز الدكتور دريد محاسنة وهو خبير قانوني ومائي محنك وسبق له أن شارك في سلسلة مفاوضات وبقي زاهدا بالأضواء والمناصب طوال الوقت. عرض على المحاسنة حقيبتي البيئة والزراعة لكن الأخير اعتبرهما خارج الحقل الذي يتخصص به.
واستفسر من الرزاز عما إذا كان يستقطبه للحكومة باعتباره ممثلا لمحافظة الطفيلة. فوجئ المحاسنة بأن رئيس الوزراء يقر بذلك أمامه فقرر الانسحاب من المشهد والاعتذار بلباقة مازحا بأن أصوله وجذور أجداده تنتمي لمدينة عكا الفلسطينية أصلا.
التقط رئيس الحكومة المقصود وعلم أن الدكتور المحاسنة لا يرغب في الانضمام للحكومة وزيرا لقطاع لا يمثل خبرته ولا يرغب أيضا في التعامل مع خبرته في نطاق المحاصصة المناطقية فقط.
لاحقا يتردد أن الرزاز حاول استقطاب المدير الصلب لهيئة مراقبة الغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات وهو شخصية محبوبة اجتماعيا وتعتبر من رموز التصدي للفساد في قطاعي الغذاء والدواء.
لفت النظر أن الرزاز لا يعرض على عبيدات وزارة الصحة التي تنسجم مع خبراته رغم أنه كرئيس للحكومة قرر التغيير في هذه الحقيبة.
أشار الرزاز إلى أن خبرات عبيدات في الأمن الغذائي والبيئة مهمة ومطلوبة واستفسر إن كان الأخير مستعدا لشغل حقيبة الزراعة والبيئة على هذا الأساس. وافق عبيدات مبكرا لكن بعد ثلاثة أيام اتصل به الرزاز معتذرا عن ضمه للحكومة. وبدا واضحا في سياق مشاورات التعديل أن الرزاز قرر أن يعين الشاب نضال البطاينة وزيرا للعمل.
قبل أربعة أشهر فقط عين البطاينة مسؤولا عن ديوان الخدمة المدنية والتشغيل لكن الشاب الطموح قفز بسرعة إلى منصبه الوزاري الجديد على رافعة صديقه رئيس الحكومة وعلى أساس وجود برنامج شامل بعنوان التشغيل. في وقت لاحق لفت البطاينة وزير العمل الجديد الأنظار ثلاث مرات فقد نشر سيرة ذاتية موسعة جدا للرأي العام لتعريف الناس به كما يقول أظهرت أن كل خبراته طوال عقدين في ساحة بلد مثل الإمارات.
اعتذر الوزير الشاب مبكرا عن استقبال الأزهار وطلب من محبيه التبرع بقيمتها للمحتاجين ثم طلب ان يبدأ بالعمل بدون مراسم التهنئة المتكررة. في المحطة الثالثة الغريبة وجه البطاينة رسالة لنواب البرلمان تحدث فيها عن مؤامرة ضده من العاملين في مكتبه بعدما انتقده بعض النواب لأنه لا يتجاوب مع اتصالاتهم ومقابلاتهم.
قد يكون الوزير الشاب أول من يتسرع في اتهام طاقمه علنا بهذه الطريقة لكن العالمين بخبراته يشيرون إلى أن برنامجه في التوظيف والتشغيل أعجب الرزاز مبكرا مع ان وزير العمل المقال سمير مراد يحظى بشبه إجماع على مهنيته وكفاءته.
خروج مراد من الحكومة كان علامة غامضة وغير مفهومة وحجة مع ذريعة ضد التعديل الوزاري خصوصا وأن الهدف اليتيم كما تبين هو اخلاء موقعه لصالح الوزير الشاب الجديد.
المفاجأة الأبرز تمثلت في عودة المخضرم سلامة حماد وزيرا للداخلية خلفا لنظيره سمير مبيضين ثم تلتها مفاجأة الاستعانة بجنرال طبيب على رأس خدمته العسكرية هو سعد جابر وزيرا للصحة خلفا للطبيب المسيس الدكتور غازي الزبن.
قيل في التفسير ان رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي هو الذي لفت نظر الرزاز إلى ضرورة الاستعانة بوزير ثقيل الوزن مثل حماد وليس سرا أن علاقة قوية ربطت بين العيسوي ووزير الصحة الجديد في الماضي.
المعنى أن بعض مراكز الظل شاركت في التشاور حول هوية التعديل الوزاري الأخير ولتعويض نقص عدد مقاعد النساء بعد مغادرة وزيرة الخطيط ماري قعوار ابتكرت وزارة تطوير الأداء المؤسسي لكي تشغلها عضو مجلس الأعيان ياسرة غوشة.
في الوقت نفسه قرر الرزاز ان ينهي ظاهرة الازدواجية في المرجعية الاقتصادية. وهي الظاهرة التي اشتكى منها سفراء غربيون وممثلون للبنك الدولي والدول المانحة فقرر تعيين المسؤول الأول في الديوان الملكي عن الملف الاقتصادي محمد العسعس وزيرا للتخطيط وشطب وزارة الاستثمار ثم انتقد وزيرها بصيغة دبلوماسية بعدما غادرها وهو الخبير مهند شحادة.