مفاجآت مثيرة: ولي العهد «نجم» إفطار رمضاني للعائلة المالكة والرزاز أول رئيس وزراء يتحدث عن «اكتشاف الغاز» الأردني
كانت أيضاً رسالة سياسية بامتياز بنكهة رمضانية ولكل الأطراف في الداخل والخارج والإقليم. فالعائلة المالكة في يوم الإفطار الأول في شهر رمضان المبارك مجتمعة مع غيابات قليلة بدواعي السفر لبعض أفرادها، ومتحلقة بحضور الملك عبدالله الثاني وزوجته الملكة رانيا العبد الله حول ولي العهد الأمير حسين بن عبد الله.
الأمير الشاب هو الذي نشر لقطات الفيديو التي تكرس المناسبة، وهي غير مألوفة على الصعيد الإعلامي بالعادة في مثل هذه المناسبة، حيث يجتمع الجميع بحضور الملك عميد العائلة بعيداً عن الأضواء بالعادة في الشهر الفضيل. بكل حال، الحضور الطاغي لولي العهد تسيد المشهد.
الحراك على درب العودة إلى «الدوار الرابع»
وشوهد في الإطار الأمير المخضرم ولي العهد الأسبق الأمير حسن بن طلال يعانق ولي العهد الشاب ويتبادل المجاملات معه ويحتضنه، في إشارة ذات دلالات سياسية. شوهد أيضاً المخضرم الأمير رعد بن زيد وبقية أركان العائلة المالكة حول ولي العهد الشاب، في رسالة تعيد التأكيد على «المرتكزات الدستورية» وتقول لعدة أطراف بوحدة الأردنيين في مواجهة التحديات، خصوصاً بعدما أصبحت المملكة عنواناً عريضاً للأنباء والأخبار محلياً ودولياً مؤخراً بسبب حالة الترقب لما يسمى بصفقة القرن.
قبل ذلك، كان الملك الأردني، وفي رسالة موازية ومعززة لما ظهر في اليوم الأول من إفطار ملكي سياسي بامتياز، قد أمر مدير المخابرات الجديد الجنرال أحمد حسني بالعودة للعمل ضد أي محاولة للمساس بالمرتكزات الدستورية، والتي تعني ضمنياً وجود شرعية دستورية واضحة الملامح لا لبس فيها، وعنوانها بعد الملك ولي العهد فقط، باعتباره صاحب الدور الدستوري الوحيد بين جميع الأطراف سواء في العائلة أو خارجها.
وقبل ذلك أيضاً ظهر الملك في فيديو وطني هنأ فيه الشعب الأردني بمناسبة الشهر الفضيل، فيما بدأت الأجهزة السيادية العليا تمتثل لأوامر وتوجيهات الملك بالتشديد إعلامياً ووطنياً على عدم وجود حقوق لتنظيم اجتماعات أو لقاءات أو تصريحات باسم المؤسسة إلا عبر أصحاب الدور المنصوص عليه دستورياً. ثمة رسائل في هذا السياق أرسلت لعدة أطراف في الجبهة العشائرية والقبلية وفي مختلف المناطق، خصوصاً وأن التكليف الملكي لحسني كان قد لمّح إلى حصول اجتماعات يحصل فيها مساس بالمرتكزات الدستورية.
في كل حال، لم تكن رسالة أول يوم في رمضان الملكية وحدها في سياق المشهد الأردني المفتوح على احتمالات الاحتقان محلياً والضغط إقليمياً في ظل تراجع حاد وغير مسبوق في العلاقات الأردنية السعودية وترقب التفاصيل التي ستعلن عنها الإدارة الأمريكية بخصوص ترتيباتها لعملية السلام وملف التسوية بالشرق الأوسط.
لأول مرة تماماً يتداخل موقف رسمي وحكومي بالتعقيدات ويعلن عن إمكانية «وجود كميات نفط وغاز» مبشرة في الأراضي الأردنية، وهو ما أشارت إليه سلطة معنية بالمصادر الطبيعية مباشرة بعد «النبأ السار» الذي قرر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز شخصياً الإعلان عنه.
الرزاز قد يكون تماماً، وفي اليوم الأول من شهر رمضان، أول رئيس حكومة في تاريخ الأردن يعلن عن اكتشاف إمكانية لوجود كميات تساهم في تعزيز الاقتصاد الأردني وأمن الطاقة من الغاز في حقل الريشة النفطي جنوب المملكة وبمحاذاة الحدود مع السعودية.
الإعلان هنا سياسي أيضاً؛ لأن غالبية الحكومات السابقة كانت تعلن بأن كميات الغاز في حقل الريشه تحديداً «غير تجارية» وكلفتها أكثر من عوائدها.
لكن الرزاز خالف القاعدة تماماً هنا وألمح إلى كميات تجارية وتحدث عن «سواعد أردنية» اكتشفت الغاز، رافعاً من منسوب التفاؤل في الإيقاع العام قبل 24 ساعة فقط من إعلان الحراكات الشعبية عودتها الوشيكة، اليوم الخميس، للتظاهر في منطقة الدوار الرابع.
لم تفهم أو تعرف بعد الخلفيات التي دفعت الرزاز للمجازفة بمثل هذا الإعلان عن كميات مبشرة من الغاز في حقل الريشة وسط دهشة الجميع، خصوصاً وأن الخبراء يتحدثون دوماً عن «تعقيدات سياسية أمريكية وإسرائيلية وسعودية» كانت تحول لعقود دون أن يتمكن الأردن من «غازه ونفطه».
عملياً، وضع الرزاز الأردنيين أمام اختبار حيوي، والحاجة ملحة للمزيد من الوقت حتى تتبين خلفيات مفاجأته حول غاز الريشة ومعرفة ما إذا كان سيكمل المشوار أم سيتراجع عن التفاؤل، خصوصاً بعدما صرح بأن حكومته ستراجع اتفاقية الغاز الموقعة مع إسرائيل وتدرس شروطها الجزائية.
قد ينطوي الأمر على لعبة سياسية في المحصلة لأغراض احتواء احتقانات الشارع الاقتصادية. وقد ينطوي أيضاً على حراك سياسي في الأفق الدولي تمكن منه الرزاز عشية تسوية مثيرة ومحتملة باسم صفقة القرن.
الوقائع تتضح قريباً بكل الأحوال بخصوص مفاجأة الغاز الأردنية والتصريح المثير للرزاز.
لكن في الأثناء، أعلن الحراكيون أنهم بدرب العودة إلى ساحات الدوار الرابع التي قفزت بالرزاز أصلاً إلى سدة «رئاسة الوزراء» وإن كانت بعض التعليقات تشتمّ علاقة ما بين الإعلان عن غاز الريشة والتجيهز لورشة «الصفقة الأمريكية».