“ناسا” أم القصيم؟ “توقيت العيد”: موجات “تمرد” على المفتي السعودي
لا يحق للأشقاء في السعودية الاسترسال في العتب على مفتي الأردن الشيخ محمد الخلايلة، لأنه قرر هذا الموسم مخالفتهم في توقيت العيد.
محطة «العربية» التابعة للسعودية عمليا خالفت مثل الشيخ الخلايلة، عندما استقبلت بتوسع الفلكي السعودي عادل السعدون، وهو يشرح بحماس شديد أن ما حصل من إعلان يوم العيد الثلاثاء الماضي جريمة بحق العلم.
السعدون، كان منفعلا على هاتف الكاميرا، وهو يحاول إبلاغ المذيعة الشابة أنه أرسل خطابا لـ«سيدي سمو ولي العهد»، يعترض فيه على تلك الجريمة قائلا إن مشاهدة الهلال بالعين المجردة مستحيلة اليوم.
ما يريده السعدون هو ما ألمح له صديق خبيث، عندما طالب بإغلاق محطة الرصد الشرعية في القصيم، حيث مجموعة مشايخ ينظرون من خلال تلسكوب بدائي والتعاقد مع وكالة «ناسا» الفضائية الأمريكية مقابل مبلغ مالي مقطوع .
مذيعة «العربية» وليلة الإثنين قبل العيد السعودي، ظهر عليها الارتباك بسبب إفراط السعدون، وهو سعودي، في الحماس ضد الجريمة، التي ارتكبتها بحق العلم ما يسمى بلجان الفتوى الشرعية في المملكة الشقيقة .
قفزت المذيعة فجأة بسؤال: يا دكتور: لماذا نعتمد فقط على الرصد العلمي الفلكي، ألا يوجد رصد شرعي؟!
بوضوح كانت المذيعة تريد الإفلات من مطب السعدون، وطرح أي سؤال من أي نوع، على طريقة المذيع علي العلياني، عندما استقبل المطرب الأردني عمر العبد اللات بسؤال حول استمراره مستقبلا بالغناء في قطر، فما كان من الضيف إلا أن أعلن أنه لم يغن سابقا أصلا في قطر حتى يستمر .
في الأحوال كلها، نطلب من «ديسك» التحرير في محطة «العربية» الاطمئنان لاحقا على السعدون المغرد خارج السرب، ضد لجان الفتوى الشرعية، والتورط في دعم العلم والمهنية على حساب الولاء .
«هرمنا» على الطريقة الأردنية
يذكرنا المشهد طبعا بالمقولة الخالدة لأحد أبرز حراس الدولة الأردنية من جماعة «الدهن في العتاقي» عندما انتفخ واشرأب وتوهج وخاطب الملك، محذرا من «مؤامرة يا سيدي يقودها دعاة الإصلاح والمهنية والكفاءة على حساب الوطن».
بالصدفة، جلست مع مسؤولين كبار في الحكومة ونخبة من المثقفين. شعرت بالسرور وأنا أستمع لرئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز يطالب بعض مسؤولي الإعلام الرسمي بيننا بالمهنية والإنصاف .
هرمنا في الأردن قبل أن نستمع لمسؤول يطالب محطة «المملكة» الفضائية بأن تزيد في سقفها، ولكن أن تخصص في الأثناء مساحة لرأي الحكومة لزوم المهنية، بطبيعة الحال .
الكاميرات الحرة تؤرق دوما المسؤولين والسياسيين. للتذكير فقط بيعت محطة «أي تي في» على طريقة «كوم حديد» وخسر مالكها شقاء عمره وملايين الدنانير، لأن الكهرباء انقطعت فجأة عن المحطة بعدما التقطت كاميرا أثناء البث التجريبي صناديق انتخابات مزورة، واجتهد أحد المدراء في بث اللقطات التجريبية .
المستبد العربي عموما وأجهزته الأمنية خصوصا، لا مجال للتعايش أمامه مع الكاميرا الحرة .
أسئلة برسم الوعي
على سيرة الفضائيات، توقفت إجباريا عند عرض بالبطء الشديد في لقطة أرسلها لي صديق في البرلمان الأردني تعكس تلك النظرات، التي أطلقها العاهل السعودي مستغربا في الوقت، الذي كان يمر أمامه رئيس وزراء قطر دون تبادل نظرات .
التلفزيون الأردني الرسمي، بدوره تقصد تكرار افتتاح خطاب الملك عبد الله الثاني في قمة مكة، حيث تبدأ عبارة سبق وأن اعترض عليها خادم الحرمين الشريفين، وهي تحية باسم «النبي العربي الهاشمي الأمين».
لم يعترض هنا الملك سلمان ومرر المسألة مع رفاقه.
لكن الأردن يريد أن يقول ما يريد أن يقوله اليوم فوسط عمان، كما وسط الدوحة على الأرجح، وفلسطين والعواصم المبتلاة في هذه الأمة تزيد عناصر إعلان العصيان والتمرد، أو إذا اردنا تخفيف اللهجة على طريقة سعد الحريري مع تلفزيون المستقبل «النأي بالنفس».
لا عداء ولا خصومة مع الشقيق السعودي، وحرص شديد على المشاركة في كل حفلاته المتعلقة بالهواجس الإيرانية.
لكن رئيس مجلس النواب الأردني المهندس عاطف طراونة سأل عن الحجم الكبير للتبادل التجاري بين دول مثل الإمارات والكويت مع إيران في الوقت الذي تطالب فيه دول أخرى مثل الأردن وقطر بإعلان الحرب على الإيرانيين.
قد لا يكون سؤال في مكانه اليوم، لكن السعودية تدفع أو تحجب. تحاصر. تناور. تقود. تقصف في اليمن.
يفعل الشقيق السعودي كل ما يخطر في باله، وفي ذهنه، ولا اعتراض. لكن لو كنت سعوديا ناصحا مثل خبير الفلك السعدون لسألت عقلي وقلبي: ما الذي يحصل؟ لماذا تغيرت دولة عميقة مثل السعودية؟ لماذا دول تدور تاريخيا في الفلك السعودي تحتج اليوم أو تناكف أو لم تعد تحتمل؟!
أسئلة برسم الوعي تحتاج لأجوبة لا أكثر ولا أقل، ومن باب المحبة للسعودية طبعا .