هل يسمح لنواب الأردن بمناقشة والتشكيك بشرعية «اتفاقية الغاز الإسرائيلي»؟
تتفاعل مجدداً في الأردن، وعلى نطاق البرلمان، الدعوة لمناقشة والتشكيك بشرعية اتفاقية الغاز مع «العدو الإسرائيلي» وسط نمو ملموس في إعادة إنتاج التجاذب حول هذه الاتفاقية التي تضع ملف الطاقة الوطني في الحضن الإسرائيلي.
وكان تقرير نشرته «القدس العربي» الأسبوع الماضي عن كواليس نقاشات البرلمانيين حول الملف الشائك في اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل قد أثار المزيد من النقاشات وألقى الضوء على حقيقة مواقف الكتل البرلمانية.
وعبر القطب البرلماني، صالح العرموطي، عن قناعته بأن اتفاقية الغاز «أخطر بكثير مما يتصور كثيرون».
العرموطي لـ «القدس العربي»: امتحان «أخلاقي ووطني وتاريخي»
وكان العرموطي قد تمكن من استقطاب بعض النواب لصالح مذكرة تطالب بإخضاع اتفاقية الغاز مع الإسرائيليين للنقاش لقياس شرعيتها القانونية والدستورية، مشيراً إلى أن الاتفاقية تخالف الدستور ولم تعرض على مجلس النواب.
وفي تواصله الجديد مع «القدس العربي»، لفت العرموطي إلى أن اتفاقيات سيادية من هذا النوع ليست شرعية بدون عرضها على مجلس النواب والسلطة التشريعية، متذرعاً بحجتين؛ الأولى لها علاقة بالأهمية الاستراتيجية القصوى لملف الطاقة والغاز وبالبعد السيادي في المسألة.
والثانية لها علاقة بأن أي اتفاقية مع شركة أجنبية تعرض وجوباً على ممثلي الشعب بمجرد أن ينتج عنها إلحاق أضرار بممتلكات مواطنين أردنيين، الأمر الذي لم يحصل.
يحاجج العرموطي بأن مسار نقل الغاز يلتهم أراضي وعقارات مواطنين أردنيين بدون سبب شرعي، وهذا السبب يكفي لكي تعرض الاتفاقية قبل نفاذها على سلطة التشريع.
ويطلب العرموطي من «القدس العربي» لفت النظر إلى أن زيارة واحدة لمناطق شمال المملكة تظهر بأن نفاذ هذه الاتفاقية يمس بملكيات أردنيين قسراً، حيث عطاءات التنفيذ واستملاك الأراضي لصالح مشروع مشبوه.
جمع العرموطي وبعض رفاقه النواب معطيات قانونية وإجرائية حول تلك الصفقة المشبوهة التي تمت هندستها في عهد حكومة الرئيس عبد الله النسور، وتثير نقاشات سيادية وأساسية، خصوصاً وأن الإطار القانوني «عادي ومحبوك» بين شركتين، كما أفاد عضو اللجنة القانونية في البرلمان حسين القيسي.
تدقيقات العرموطي أشارت إلى أن الجانب الإسرائيلي نفسه لا يشتري الغاز من تلك الشركة المشبوهة التي تم التوقيع معها بسبب فارق النقل والأسعار في وضع ينتج المزيد من التساؤلات، خصوصاً أن الأسعار تغبن الأردن ولا يمكنها أن تكون منطقية.
خلافاً لذلك، يطرح الخبراء تساؤلات بعنوان التضحية بالمشروع النووي الأردني الوليد من أجل تمرير الاتفاقية ووجود تدخل أمريكي سياسي، إضافة إلى الاستغناء عن مشاريع الطاقة البديلة لصالح شركات إسرائيلية احتفت بالاتفاقية مع تعريض مصالح المملكة للخطر ولاحتمالات مواجهة قضايا «تعويض» من شركات دولية تضر بها الاتفاقية.
على هامش هذا النقاش المتجدد، يقترح بعض الخبراء بأن الإصرار البرلماني على مذكرة نقاش تخفق في طرح الثقة باتفاقية الغاز- من شأنه أن «يشرعن ويخدم» هذه الاتفاقية ما دام الجهد البرلماني المضاد لن يؤذيها.
لكن العرموطي، وبعدما نقلت له «القدس العربي» هذا التحذير، أفاد بأن إزعاج وإيذاء وفضح مثل هذه الاتفاقية هدف وطني مطلوب بكل حال، معتبراً أن تجاهل الأمر- وكأنه لم يحصل- هو الذي «يشرعن هذا العار».
وأعاد العرموطي هنا الأمر ونهايات النقاش إلى «ضمائر النواب»، وأشار إلى اختبار وطني حقيقي وتاريخي، معرباً عن قناعته بأن الشعب الأردني- وللتاريخ- من حقه أن يعلم من وقف ضد أو مع اتفاقية إذعانية خطيرة من هذا النوع مع العدو، من ممثليه ونوابه وعلى أساس أن «التاريخ لا يرحم أحداً».
في مقايسات العرموطي «إقلاق الموقعين على الاتفاقية»ومضايقتها حق دستوري وسلوك سياسي وطني، وكذلك «فضح» هذه الاتفاقية التي انتهت باستملاكات لعقارات أردنيين لأغراض مشروع مشبوه، معرباً عن قناعته بأن على ممثلي الشعب في السلطة التشريعية أن يقوموا بواجبهم في مواجهة مشروع خطير جداً من هذا النوع.
مقابل هذا الجهد، يحاول أركان مختلفون في مجلس النواب التأشير على أن طرح جلسة نقاشية رقابية من أجل تتبع مسار هذه الاتفاقية لن يكون أمراً مجدياً أو منتجاً، خصوصاً وأن البعد القانوني يسمح للشركات الأردنية التي وقعت الاتفاقية بتوقيعها بدون الرجوع إلى سلطة التشريع.
لكن المنطق الأخير، الذي يقول نواب إن المكتب الدائم لهم يميل إليه، قد يعبر في حقيقته عن علم المعنيين بأن التحرش في تلك الاتفاقية قد يكون من المحظورات وعلى أساس صعوبة السماح لمجلس النواب هنا سياسياً بالاشتباك.