اراء و مقالات

هل هو سفير ترامب أم بايدن؟ سوابق تظهر بأن سفارة واشنطن تتحدث مع «الداخل الأردني»

انطباعات تعزز القناعة بأن الأمريكيين وعبر سفارتهم في عمان بدأوا يدخلون في تفاصيل محلية من الصنف الذي لا يدخلون فيه في العادة.

عمان ـ «القدس العربي»: يقدر خبراء ودبلوماسيون بأن تصرفات وتصريحات وتعليقات السفير الأمريكي في العاصمة الأردنية عمان هنري ووستر، ليست من حيث عمقها والسوابق التي ترسمها أكثر من خطوة المقصود فيها تكريس عادة أمريكية جديدة، وهي إمكانية ان يتحدث سفير واشنطن إلى الداخل الأردني وبدون حواجز الحكومة والمسؤولين وحتى في بعض الأحيان بعيدا عن الاعتبارات الدبلوماسية.

يزعج الأمر بطبيعة الحال وزير الخارجية أيمن الصفدي ويتقدم بملاحظات حول كثرة ظهور السفير ووستر في محاكاة لتجربة سفيرة سابقة كانت تزعج وتقلق السلطات الأردنية من كثرة نشاطاتها خصوصا الاجتماعية ومن تعدد تلبيتها لدعوات تناول الطعام والحديث في الشؤون الداخلية لا بل طرح أسئلة أحيانا حساسة لها علاقة بملفات مغرقة بالمحلية مثل حصة الوظائف في السلك غير المدني لبعض القبائل من دون غيرها.
حتى الآن لا يفعل السفير ووستر ما كانت تفعله السفيرة التي خلفها بخصوص بعض الملفات المدرجة تحت عنوان عمل غير دبلوماسي، أو تعليق خارج عن المألوف، لكن مناورات الوزير الصفدي لا تخفف من الإندفاع الدبلوماسي هنا.
السفير ووستر لديه مقاربة مختلفة كما يؤشر سلوكه فهو يزور ويداخل ويتحدث مع مؤسسات الإعلام غير الرسمية بطريقه مثيرة وفي سياق ثوابت لم يألفها الرسميون الأردنيون.
زار السفير ووستر صحيفة «الغد» اليومية سابقا. وهي الصحيفة اليومية الوحيدة المحسوبة على القطاع الخاص تماما. وتحدثت سفارته قبل عدة أسابيع عن عقد لقاء صحافي، فيما تبين بان اللقاء عقد مع شخصين فقط من نفس الصحيفة مع جرعة التركيز على «إستراتيجية الأمن المائي من فهم أمريكي».
وفي ذلك التصريح الشهير حاول السفير الدفاع عن خيار اتفافية الماء والكهرباء التي ضغط من أجل توقيعها المبعوث لشؤون المناخ وملف الطاقة للمنطقة جون كيري.
وقتها أزعجت تعليقات السفير ووستر وزير المياه الأردني محمد نجار ولجنة الخدمات الوزارية، وتم الاستفسار عن هذه الخلفية. لكن قبل أيام قليلة ظهر السفير نفسه في وصلة مباشرة يتحدث فيها للأردنيين عبر فضائية «رؤيا» المحلية وهي فضائية ثمة ملاحظات كثيرة على خطابها وأدائها بالنسبة للرسميين الأردنيين خلافا لحضورها المهني القوي في المجتمع.
مجددا أطلق السفير تصريحا مثيرا للجدل يتردد وكأن الأمر يتعلق بموقف وإنطباعات الشارع الأردني ووسائل الأعلام الأردنية بخصوص أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وهنا لاحظ الجميع بان السفير الأمريكي يحاول توجيه رسائل الإعلام الأردنية والتقدم بصيغة «الواعظ» عندما حذر من نشر الأخبار المغرضة التي تصدر عن مؤسسات وأذرع إعلامية روسية، منتقدا الفضائية التي استضافته لأنها تعتمد في بعض تغطياتها على وكالة «إسبوتنيك» و«روسيا اليوم» بمعنى حذر السفير الأمريكي الشعب الأردني من التعامل مع رواية الإعلام الرسمي الروسي لحرب أوكرانيا.
صنف السلوك في إطار سابقة أيضا وهي سابقة في الواقع قد لا يكون لها أي مبرر.
ويبدو ان بعض الإشكالات لحقت بلقاء كان قد خطط مع بعض الوزراء للسفير الأمريكي قبل عدة أيام أيضا تحت عنوان التعاون ونقاش أولي بحضور وزير الاستثمار الدكتور خيري عمرو الذي تغيب عن لقاء مبرمج في اللحظة الأخيرة ولأسباب يبدو ان لها علاقة ببرنامج وبروتوكول رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة في ذلك اليوم.
اعتبر الطاقم العامل مع السفير الأمريكي بان غياب الوزير عمرو كان عبارة عن مفاجأة وغير مبرر خصوصا وانه لم يعتذر.
ثمة ترتيبات مرتبطة بتجهيز بعض عناصر قانون الاستثمار الأردني الجديد بالشراكة مع وكالة الإنماء الأمريكية وهو أيضا عنصر غير مسبوق.
هنا تبرز إشكالية أخرى، حيث لا يعرف الأردنيون بان قانون إستثمارهم الجديد يمكن ان يناقش مع وكالة معنية بالدعم والتنمية باسم الإدارة الأمريكية. لكن الإنطباع يعزز القناعة بان الأمريكيين وعبر سفارتهم في عمان بدأوا يدخلون في التفاصيل أو في تفاصيل محلية من الصنف الذي لا يدخلون فيه بالعادة. وهو تموقع دبلوماسي جديد يثير الكثير من التساؤلات ويؤسس لحالة قد لا تكون مسبوقة لا بل يعزل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية أحيانا عن ملف التعامل بحرية وبدون قيود أمريكية.
لكن الانطباع لأن الإدارة الأمريكية هي المانح الأكبر والمقدم الأكبر للمال لحكومة الأردن وهو ما يقر به ويتحدث عنه وزير المالية ومع «القدس العربي» محمد العسعس.
وبالتالي الحديث عن تصرفات أو سلوكيات أو تعليقات السفير ووستر يثير شهية بعض الفضوليين المحللين لطرح سؤال مثل «هل يتصرف السفير الأمريكي الحالي باعتباره ممثلا لإدارة الرئيس جو بايدن أو يتفاعل على أساس حسابه أصلا على الطبقة اليمينية الأقرب لإدارة دونالد ترامب الراحلة؟».
لكن بالمحصلة الإشارات موجودة في الحالتين على أن سفارة واشنطن «تتحدث مع الداخل الأردني» مباشرة الآن.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى