اراء و مقالات

الأردن وسط «تحديث المنظومة»: الرفاق والإسلاميون والحزبيون والنقابيون «حائرون… يفكرون»… ماذا بعد؟

عمان- «القدس العربي» : خيارات محدودة جداً و«حائرة للغاية» لكنها مقلقة سياسياً ووطنياً ولها تداعيات خصوصاً على السلطة ومؤسسات القرار إذا ما دخلت سياقات حيز التنفيذ.
يسأل بعض المسيسين وأصحاب الرأي المستقل داخل اللجنة الملكية الأردنية لتحديث المنظومة السياسية: ما الذي يمكن أن نفعله أو نقوله أو نتجه إليه إذا تبين بأن سقف المنتج والمنجز في المشهد الختامي أو في الحلقة الأخيرة هو دون المطلوب أو حتى دون السقف الذي توفره الأوراق النقاشية الملكية؟
سؤال ينتج الحيرة الآن وإن كان رئيس اللجنة سمير الرفاعي قد أجاب عليه ضمناً وبذكاء خلال عبوره لتفقد سير الحوار في اللجان الفرعية، وهو يبلغ الرفاق: «مهمتي أسهل، ومرتاح…».
لكن مجرد طرح السؤال طبعاً يعني وجود بعض المرتابين في جسم اللجنة لا يريدون الاستعجال على الأقل الآن حتى وإن كانوا يشعرون ببعض القلق.
التقط الصحافي العتيق والخبير حمدان الحاج، المفارقة عندما أشار عبر منصته التواصلية إلى تيارين: الأول شغوف بتوسيع إطار اللجنة، والثاني يؤمن بالالتزام بـ»المرسوم».. الحاج توقع حسم الأمور لصالح الجناح الثاني.
القلق – في رأي سياسيين كبار استمعت لهم «القدس العربي» من خارج اللجنة- له ما يبرره وطنياً، فالحديث برأي الأمين العام في حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة هو عن «آخر لجنة.. ثم آخر فرصة» والحديث بتقدير الدكتور ممدوح العبادي هو عن مفصل مهم بعد «صدمات» لا بد من قراءتها بعمق وجهد، ينبغي أن يعيد الأمور إلى نصابها الأصلي والأساسي، وهو مجدداً الاحتكام إلى الدستور.
والحديث – برأي مفكر سياسي من وزن عدنان أبو عودة- هو عن مناخ وإجراءات وقرارات صعبة تتجاوز حالة التشاور وتشكيل لجان فقط.
مجدداً، يطرق السؤال بقوة على أبواب المثقفين والمسيسين من أعضاء اللجنة الذين حضروا الاجتماعات وقدروا بأن الإيقاع الصاخب المحافظ أو المعرقل والمعطل يختطف الميكرفون، وبأن التوازن السياسي لم يتحقق عند تشكيل هرمية اللجان الست وهرمية المكتب التنفيذي، مما أنتج المزيد من الحيرة.
النقابيون والحزبيون والأكاديميون وأبناء العمل العام في الشارع في تركيبة اللجنة هم بنسبة قليلة في مقاعد الصف الأول. لكن هؤلاء بنسبة أكثر في مساحات انتظار الخطوة التالية والقلق بما سيحصل لاحقاً، الأمر الذي ينعكس بوضوح على الكثير من تفاصيل الاشتباك التي يحاول مايسترو سياسي محنك خبير بالتوازنات مثل الرئيس الرفاعي، التعامل معها وبين عينيه -سياسياً ووطنياً- تلك التوازنات المنتجة التي ترضي أهم الأطراف الفاعلة، ليس فقط في المجتمع وفي اللجنة ولكن أيضاً في عمق الدولة والقرار.
ذلك وضع تكتيكي في مؤشرات الاشتباك، وطبيعي أن ينتج عنه بعض الأسئلة الحائرة التي يجيد الرفاعي وبحرفية تجاهلها أو عدم التأثر بها أو تنميطها أو حتى تخديرها.
وكل ذلك لا يعني بأن التساؤلات غير موجودة وغير متاحة، فاللجنة تحت الأضواء الساطعة، سواء في غرف القرار والعمليات أو في أوساط الشارع والرأي العام، وحتى في مفاصل التيارات والأجنحة داخلها، وإن كانت النكهة الحزبية على الأقل لم تظهر معطياتها بعد بالرغم من وجود نخبة تمثل حزب جبهة العمل الإسلامي الأهم في منسوب المعارضة، وباقة من الأحزاب اليسارية والمدنية.
خلافاً لما ذكر سابقاً مثلاً، وعلى لسان بعض قادة التيار الإسلامي، لم يحصل لقاء تشاوري بين الرفاعي والبرلمانية المعروفة الدكتورة ديمة طهبوب قبل تشكيل اللجنة كما ذكر سابقاً، في وضع بقيت فيه طهبوب أيضاً تحت نطاق الأضواء والمتابعة وأحياناً الاستهداف وبعض التشويه.
طهبوب التزمت بالتصويت للمشاركة في اللجنة، ولم تكن تعرف قبلها رئيسها الرفاعي الذي خاطب الإسلاميين عند التشكيل والتركيب بود شديد، ثم حاورهم لاحقاً. يجتمع الحزبيون الممثلون لنكهات اليسار أيضاً مع بعض المعبرين عن التيار المدني على أمل التوصل إلى ما يمكن وصفه بـ «جملة مختصرة ومفيدة» على صعيد الإصلاح الوطني الجدي، فالمشاركة الحزبية كانت وستبقى حتى بتقدير طهبوب وغيرها نمطاً من الاشتباك الإيجابي على أمل التوصل إلى مقاربة ما تصلح لبناء عملية إصلاحية سياسية قادرة على الصمود والبقاء.
التشاؤم السياسي هنا قبل الاشتباك والنتائج، هو سلوك يخلو من الحكمة. والإغراق في التفاؤل قبل ذلك هو خطوة في غير مكانها بعد؛ فعلى المحك العديد من المفاصل والتساؤلات. لكن بالمقابل، وعلى الأقل بالنسبة للحزبيين وبعض المسيسين المرتبطين بمصالح في الشارع وليس مع الدولة أو الحكومة، فـ»الاحتياط واجب».
تلك عبارة لعوب سياساً في الواقع، ومناخات الحوار المتفاعل حتى اللحظة في لجنة الإصلاح وتحديث المنظومة السياسية ترزح مبكراً وبدون استعجال أيضاً تحت وطأة سؤال مكرر ومتردد في أوساط النخبة الأردنية، عنوانه الأعرض: حتى ننتظر أكثر.. ما هي ملامح الخطوة التالية؟
طبيعي في السياق المألوف، أن الخيارات بالنسبة للإسلاميين الحزبيين مثلاً وعلى حد تعبير الشيخ العضايلة، مفتوحة إذا لم تقدم أعمال اللجنة للوطن والناس شيئاً ملموساً، وهي على الأرجح خيارات مفتوحة لغير الإسلاميين أيضاً من الحريصين بين الأعضاء في اللجنة الأم على عدم استعمالهم في إضفاء الشرعية على توصيات دون الطموح الوطني. ما يتبقى من كل هذا التجاذب والحوار السياسي هو فقط ترسيم وتحديد عبارة صغيرة مثل «الخيارات المطروحة».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى