اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: «أقل من حظر تجول» ودون «الأحكام العرفية»… وتساؤلات حول تبرعات «الأثرياء»؟

سلطات‭ ‬بالجملة‭ ‬بيد‭ ‬الرزاز‭… ‬والشارع‭ ‬في‭ ‬صدد‭ ‬إصدار‭ ‬‮«‬قوائم‭ ‬سوداء‮»‬‭ ‬

 

»‬‭ : ‬تبدو‭ ‬الحكومة‭ ‬الأردنية‭ ‬صلبة‭ ‬ولديها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬عمل‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬تتعامل‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬خلايا‭ ‬وزارية‮»‬‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬سلطات‭ ‬القرار‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬تغيير‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬في‭ ‬البوصلة‭ ‬السياسية‭ ‬عبر‭ ‬إعلان‭ ‬الموافقة‭ ‬ملكياً‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬الدفاع‮»‬‭. ‬تلك‭ ‬سياسياً‭ ‬طبعاً‭ ‬مرحلة‭ ‬تسبق‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬الاحكام‭ ‬العرفية‮»‬‭ ‬تفعيلاً‭ ‬لبنود‭ ‬الدستور‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الكـوارث‭ ‬والأوبـئة‮»‬‭.‬
‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬الثاني‭ ‬تقصد‭ ‬تجنب‭ ‬خيار‭ ‬الأحكام‭ ‬العرفية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬وأصدر‭ ‬أمراً‭ ‬مباشراً‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الدكتور‭ ‬عمر‭ ‬الرزاز‭ ‬يقضي‭ ‬بأن‭ ‬تفعيل‭ ‬قانون‭ ‬الدفاع‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬‮«‬أضيق‭ ‬نطاق‭ ‬ممكن‮»‬‭ ‬و»بدون‭ ‬المساس‭ ‬بحقوق‭ ‬المواطنين‭ ‬الأساسية‮»‬‭ ‬،الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الدكتور‭ ‬عمر‭ ‬الرزاز‭ ‬لمخاطبة‭ ‬الأردنيين‭ ‬وإبلاغهم‭ ‬الالتزام‭ ‬بمنطوق‭ ‬التوجيه‭ ‬الملكي‭ ‬بعبارة‮»‬‭..‬حقوقكم‭ ‬مصانة‮»‬‭.‬

الهدف

الهدف‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬توسيع‭ ‬صلاحيات‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬بصفة‭ ‬‮«‬قوانين‭ ‬الدفاع‮»‬‭ ‬مما‭ ‬يحوله‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬متقدم‭ ‬ووحيد‭ ‬في‭ ‬هرم‭ ‬السلطة‭ ‬ويتصرف‭ ‬كـ‭ ‬‮«‬وزير‭ ‬للدفاع‭ ‬الوطني‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يتوقع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬ليبرالي‭ ‬مؤمن‭ ‬بالتيار‭ ‬المدني‭ ‬مثل‭ ‬الرزاز‭. ‬لكن‭ ‬مضمون‭ ‬التكليف‭ ‬الملكي‭ ‬يضع‭ ‬قيوداً‭ ‬على‭ ‬تفعيلات‭ ‬الرزاز‭ ‬لقانون‭ ‬الدفاع‭ ‬والهدف‭ ‬السياسي‭ ‬الأعمق‭ ‬‮«‬كبح‭ ‬جماح‮»‬‭ ‬أي‭ ‬حالة‭ ‬تشعر‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬بأنها‭ ‬متفردة‭ ‬بالقرار‭ ‬وتستطيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الدفاع‭ ‬لفرض‭ ‬‮«‬وقائع‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬قانونية‭ ‬جديدة‮»‬‭.‬
يعني‭ ‬ذلك‭ ‬عملياً‭ ‬أن‭ ‬خيار‭ ‬اللجوء‭ ‬لتغيير‭ ‬وزاري‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬ليس‭ ‬مطروحاً‭ ‬وبان‭ ‬الرزاز‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬طاقمه‭ ‬للتصرف‭ ‬وقيادة‭ ‬الدولة‭ ‬وأجهزتها‭ ‬وبصيغة‭ ‬بديلة‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬الأحكام‭ ‬العرفية‭ ‬وبأسلوب‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬من‭ ‬حظر‭ ‬التجول‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتسنى‭ ‬للطاقم‭ ‬الوزاري‭ ‬استشعار‭ ‬مقدار‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬توسع‭ ‬وانتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.‬
الحكومة‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬وبعد‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬قانون‭ ‬الدفاع‭ ‬تبلي‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية‭ ‬وتفعيلاتها‭ ‬تجد‭ ‬تفاعلاً‭ ‬سريعاً‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬ومستوى‭ ‬الرضا‭ ‬عن‭ ‬اشتباكها‭ ‬الميداني‭ ‬مع‭ ‬التفاصيل‭ ‬عند‭ ‬المؤسسة‭ ‬المرجعية‭ ‬معقول‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬خصوصا‭ ‬بعدما‭ ‬ادخلت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والحقت‭ ‬الاجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بنطاق‭ ‬الاستجابة‭ ‬لما‭ ‬يقرره‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وبصلاحيات‭ ‬استثنائية‭ ‬جداً‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة‭. ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الإمكانات‭ ‬والوقائع‭ ‬تتصرف‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بثقة‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬وتدير‭ ‬عمليات‭ ‬معقدة‭ ‬بالرقابة‭ ‬والترصد‭ ‬والحجز‭ ‬ثم‭ ‬العزل‭ ‬الصحي‭ ‬فيما‭ ‬تقاسمت‭ ‬الوزارة‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬عمليات‭ ‬المراقبة‭ ‬الصحية‭ ‬وأعلنت‭ ‬مديرية‭ ‬الامن‭ ‬العام‭ ‬أنها‭ ‬ستنفذ‭ ‬توجيهات‭ ‬الحكومة‭ ‬بحذافيرها‭ ‬وستستخدم‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬المناسبة‮»‬‭ ‬لحماية‭ ‬المجتمع‭ ‬‮«‬عند‭ ‬الضرورة‮»‬‭ ‬حسب‭ ‬بيان‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭.‬

وجود‭ ‬عناصر‭ ‬سلاح‭ ‬الهندسي‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التعقيم‭ ‬والتطهير‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬صيانة‭ ‬المرافق‭ ‬وفنادق‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬لخمسة‭ ‬آلاف‭ ‬مواطن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬لاقت‭ ‬ترحيباً‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭.‬

عنصر‭ ‬الاطمئنان

واستلام‭ ‬الجيش‭ ‬لمداخل‭ ‬المدن‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬عنصر‭ ‬الاطمئنان‭ ‬الأكبر‭ ‬للناس‭ ‬حيث‭ ‬يرحب‭ ‬الأردنيون‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬بالقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والجيش‭ ‬العربي‭ ‬ولا‭ ‬يرتاحون‭ ‬عموماً‭ ‬للعناصر‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المدني‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬وبرفقته‭ ‬الدرك‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬التفاصيل‭ ‬بحرفية‭ ‬شديدة‭. ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬تفعيل‭ ‬قانون‭ ‬الدفاع‭ ‬مستوى‭ ‬الاستجابة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الأردني‭ ‬رغم‭ ‬مخاوف‭ ‬الناس‭ .‬
وتلك‭ ‬لحظة‭ ‬تنفي‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬الازمة‭ ‬على‭ ‬الاقل‭ ‬رواية‭ ‬السلبية‭ ‬بين‭ ‬الشارع‭ ‬والمؤسسات‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬تعاون‭ ‬المواطنين‭ ‬وصل‭ ‬فعلاً‭ ‬لمستويات‭ ‬معقولة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التجاوزات‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬سلامه‭ ‬حماد‭ ‬ان‭ ‬السلطات‭ ‬ستتعامل‭ ‬معها‭ ‬و»بخشونة‮»‬‭ ‬متوعدا‭ ‬المخالفين‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إغلاق‭ ‬مرافق‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬والمقاهي‭.‬
اتبعت‭ ‬الفرق‭ ‬الوزارية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬العصا‭ ‬والجزرة‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬الوزير‭ ‬حماد‭ ‬ان‭ ‬الحكومة‭ ‬تتمنى‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬لكنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يمنعهم‮»‬‭ ‬من‭ ‬التنقل‭ ‬لأسباب‭ ‬ضرورية‭ ‬ودخل‭ ‬وزير‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬طارق‭ ‬حموري‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬طمأنة‭ ‬الشارع‭ ‬على‭ ‬توفر‭ ‬مخزون‭ ‬استراتيجي‭. ‬وأظهرت‭ ‬الفرق‭ ‬الوزارية‭ ‬بعد‭ ‬اعلان‭ ‬قانون‭ ‬الدفاع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتمي‭ ‬أصلاً‭ ‬لثقافة‭ ‬الرزاز‭ ‬المألوفة‭ ‬مرونة‭ ‬كبيرة‭ ‬وبدأ‭ ‬تعاون‭ ‬الجمهور‭ ‬يوفر‭ ‬المساعدة‭ ‬للأجهزة‭ ‬الطبية‭ ‬بعد‭ ‬إشراف‭ ‬ملكي‭ ‬يومي‭ ‬وتفصيلي‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الحيثيات‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الأزمات‭ ‬الوطني‭.‬
لكن‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬بعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬يتكفل‭ ‬نشطاء‭ ‬التواصل‭ ‬اليوم‭ ‬برصدها‭ ‬خصوصاً‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬‮«‬استغلال‮»‬‭ ‬احتياجات‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬شرائح‭ ‬البيع‭ ‬والتجارة‭ ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬‮«‬ضعف‭ ‬كبير‮»‬‭ ‬ومخجل‭ ‬في‭ ‬تضامن‭ ‬اصحاب‭ ‬رؤوس‭ ‬المال‭ ‬والشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬وكبار‭ ‬الاثرياء‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والبنكية‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬المالية‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬وسط‭ ‬عمل‭ ‬ميداني‭ ‬مجهد‭ ‬ومرهق‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭. ‬وبدأت‭ ‬هنا‭ ‬منصات‭ ‬الشارع‭ ‬وليس‭ ‬السلطة‭ ‬تحصي‭ ‬حجم‭ ‬التبرعات‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬وتضغط‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬المال‭ ‬وتستفسر‭ ‬عن‭ ‬مكانهم‭ ‬اليوم‭. ‬وثمة‭ ‬مقدمات‭ ‬لإصدار‭ ‬قوائم‭ ‬سوداء‭ ‬بالمعنى‭ ‬الشعبي‭ ‬التواصلي‭ ‬تضم‭ ‬أسماء‭ ‬مؤسسات‭ ‬وطبقات‭ ‬ثرية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬التضامن‭ ‬المطلوب‭ ‬مع‭ ‬توفير‭ ‬الإمكانات‭ ‬المالية‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬أو‭ ‬تبرعت‭ ‬بمبالغ‭ ‬مخجلة‭ ‬قياساً‭ ‬بأرباحها‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭. ‬تلك‭ ‬القوائم‭ ‬تستطيع‭ ‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬للصدور‭ ‬والإعلان‭ ‬لكن‭ ‬عبر‭ ‬تفاعلات‭ ‬منصات‭ ‬المجتمع‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى