اراء و مقالات

أي «توافق» هو الأهم؟… لجنة الإصلاح الأردنية: «زحام قد يعيق الحركة»

عمان- «القدس العربي»: هل هو مجرد تفاعل مع «إلهاء مفترض» أم شغف شعبي حقيقي بعنوان «الحنين للإصلاح»؟
هذا سؤال سياسي أردني مبكر يرافق المسيرة الأولية للجنة الحوار الوطني الملكية التي شكلت مؤخراً وتبدأ اجتماعات لجانها الفرعية صباح اليوم الاثنين تحت عنوان التكليف بـ«تحديث المنظومة السياسية». الإلهاء نظرية موجودة مع التشكيك بكثافة في سوق التوقعات، لكن الشغب الشعبي بالتشكيك مؤشر حيوي على شغف الحنين والشوق لخطة ما إصلاحية من أي صنف. ويبدو واضحاً للجميع بأن المهمة إن لم تكن مستحيلة فهي ليست سهلة على الإطلاق، خصوصاً أن رئيس اللجنة المخضرم سمير الرفاعي يحاور ويناور مع كل الأطراف متمسكاً بقناعته بضرورة إنجاز تقدم والاستثمار في الفرصة.
مبكراً وفي الاجتماعات التمهيدية، أوصى الرفاعي الزملاء من أعضاء اللجنة بأن حصول «أي تأثير خارجي» عليهم وعلى أداء المداولات ينبغي أن يعلم به، وطلب من الجميع إبلاغه في حالة حصول محاولات تأثير حتى يتصرف ويتحدث تحديداً مع القيادة. يعني ذلك عملياً بأن الأضواء الخضراء منحت وصدرت لصالح الرفاعي، وكذا مداولات اللجنة الشفافة ومن أرفع المستويات.
كيف يمكن تحويل هذا الغطاء السياسي الوافر إلى بيئة عمل جاذبة وقادرة على النفاذ باللجنة من بين المطبات والكمائن؟ هذا هو السؤال الرئيسي الآن الذي تبدو الإجابة عليه أصعب من واقع الحال في كل الأحوال.
في المداولات ميل واضح للحديث عن وجود «ثلث المعطل» وسؤال بأثر رجعي عن تلك الأسباب والمسببات، لا بل الدوافع التي دفعت الجميع في اتجاه عدد ضخم من من أعضاء اللجنة وصل إلى 92 عضواً، حيث يطرح هذا العدد الضخم حتى هذه اللحظة أسئلة محورية لها علاقة بكيفية إدارة الأمور بعد انتشار وتوسع ونمو الجدل الإصلاحي على أكثر من صعيد.
حديث الرئيس الرفاعي هنا عن فرضية احتمال حصول تأثير والسعي لحماية اللجنة، ولاحقاً منتجها ومنجزها، من عراقيل محتملة من خارج اللجنة يوحي بأن الأمور قد لا تكون مرتبة على مستوى التوافق داخل الدولة، وإن كان الهدف المتعلق بالتوافق داخل اللجنة والمجتمع هو الأصعب.
أي من التوافقات هو الأهم؟ هذا هو السؤال الأساسي، لكن مخاطر التأثير مازالت موجودة. والاعتقاد يسود بأن ما يسمى بالثلث المعطل أيضاً موجود، وهو قيد الرقابة. وحتى هذه اللحظة يتصرف الرفاعي بأكبر قدر ممكن من الذكاء والحيطة والحذر، فقد فوضه أعضاء اللجنة في الاجتماع الافتتاحي باختيار رؤساء ومقرري اللجان الفرعية.
لكنه قرر إظهار سلوك ديمقراطي إلى حد معين عندما امتنع عن التعاطي مع هذا التفويض وطلب من اللجان اختيار رؤسائها. وبالتالي، نتحدث عن عملية انتخاب داخلية قد ويفترض أن تجري الاثنين داخل اللجان الفرعية لاختيار الرؤساء والمقررين، حيث إن التفويض الذي كان قد منح للرفاعي هنا قد يساء استخدامه أو قد يؤدي إلى اتهام اللجنة من متابعات الشارع، وهو ما حاول الرجل المحنك عملياً تجنبه حتى اللحظة الأخيرة.
الانطباع يزيد وسط النخبة السياسية الأردنية بأن «العدد الضخم» لأعضاء لجنة الإصلاح يتحول الآن إلى «عبء على المشروع الجديد. وتقدير مفكر سياسي من وزن عدنان أبو عودة، كما فهمته «القدس العربي» أن الزحام قد يعيق الحركة وقد يوحي بأن الهدف هو «التمثيل الأفقي» أكثر من «الجدية في العمل» ولأغراض سياسية.
ثمة طبعاً أدلة على قضاء وقت لا يستهان به في الأسبوع الأول لأغراض ضبط الزحام والطموحات وإدارة اللجنة، وثمة من يتصور بأن الرفاعي كان ينبغي أن يستثمر في التفويض ويحدد أسماء رؤساء اللجان التي تعج بالطامحين وغيرهم.
في كل الأحوال، المهمة معقدة إلى حد ما وليست بسيطة، وأحد الهوامش التي قد تثير خلافات من الآن هي تلك المتعلقة بسقف أعمال اللجنة وسقف الملفات والقضايا التي ينبغي لها أن تناقشها، فقد وضع عضو اللجنة والقيادي البارز في الحركة الإسلامية الشيخ حمزة منصور، مبكراً، بالون الاختبار عندما تحدث عن نقابة المعلمين، فعاجلته اعتراضات من التيار المحافظ والكلاسيكي تتحدث عن سقف عمل اللجنة المرتبط فقط بمراجعة ثلاثة تشريعات.
حصل ذلك علماً بأن غالبية الأعضاء المسيسين في اللجنة يشيرون إلى أن سقفاً محدداً فعلاً بنصّ الرسالة الملكية التي شكلت اللجنة الرفاعي، لكن الرسالة نفسها تتحدث عن «بيئة سياسية» إصلاحية وتستخدم عبارات وألفاظاً يمكن النفاذ من خلالها لإجراء تعديلات واختراقات على الأقل جوهرية في المجال الإصلاحي.
وهو ما ينبغي أن يعمل عليه في هذه اللحظة بالنسبة للمسيسين والمثقفين ودعاة الإصلاح الموجودين داخل اللجنة التمثيلية، التي أريد لها أن تكون ممثلة قدر الإمكان لغالبية شرائح ومكونات المجتمع الأردني.
وهو تمثيل من الملموس أن له أهدافاً سياسية «داخلية وخارجية» تتجاوز التقدم بخطة عمل واضحة ومنتجة على الصعيد الإصلاحي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى