اراء و مقالات

ثلاثة أسئلة «أردنية» في مستجدات «الوصاية» على الأماكن المقدسة: هل تأثرت مصالح «القدس» بـ «دراميات مسار التكيف»؟

عمان – «القدس العربي»: هدأت جبهة المسجد الأقصى والقدس قليلاً خلال اليومين الماضيين، لكن ومع تواصل العزف على أسطوانة المتغير الإقليمي، لم يهدأ النقاش بين الأردنيين تحت عنوان أفضل المقاربات الممكنة لتجنب سقوط مسار التكيف السياسي الذي بدأ باستقبال بنيامين نتنياهو في عمان وانتهى بقمتين أمنيتين في العقبة وشرم الشيخ، في دراما يمكن أن تؤذي الدور والوظيفة وشرعية الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة.
لاحظ الجميع وزير الخارجية أيمن الصفدي وهو يتحدث مؤخراً عن نحو 70 عنصراً في طاقم الأوقاف الأردني بالقدس لا يستطيعون مواجهة شرطة الاحتلال.
ولاحظ الجميع أن أحداً لم يفترض بأن هؤلاء الموظفين واجبهم التصدي للاحتلال عسكرياً أو أمنياً بالمقابل فيما قصة عدد أفراد الطاقم بدت أو أصبحت غامضة نسبياً، لأن وزارة الأوقاف للتو أعلنت عن توظيف العشرات، ولأن الانطباع تشكل مبكراً بأن عدد حراس الأوقاف في التبعية الإدارية الأردنية يزيد عن 500 موظف، وفقاً لبيانات الوزارة المختصة.
في كل حال، يخشى الحريصون على الوصاية الأردنية من أن تكون اللهجة الدبلوماسية التي تقلل بالتصريح الرسمي عدد الموظفين وتحاول التذكير بأنهم بالصفة الإدارية فقط جزء من فلسفة التكيف الضارة والتي يكرر السياسي مروان الفاعوري وهو يتحدث مع “القدس العربي” إيمانه بأنها فلسفة لم تعد بأي مكسب، لا بل لا تقرأ وقائع الصراع الحالي ولا أهداف اليمين الإسرائيلي.

ثلاثة أسئلة

الفاعوري أحد المتحفظين الكثر على ما سماه مبكراً السياسي طاهر المصري وعبر “القدس العربي” بـ “مخاطر التكيف”. وبين هؤلاء الدكتور ممدوح العبادي ووزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، وغيرهما.
وهنا في السجال النخبوي الرمضاني في عمان على الأقل، انطباعات تبدو مقلقة على بروز جرعة قوية بين المسؤولين الكبار تحت بند الواقعية، فرفض الوزير الصفدي استقبال أي هاتف أو تواصل مع حكومة إسرائيل الحالية انتهى بإعلام اليمين وهو يقارن بينه وبين الوزير المتطرف بن غفير. والتقليص المقصود عبر سلسلة تصريحات لأعداد الموظفين في طاقم القدس يخشى مراقبون اليوم من أن يكون له هدف أبعد مما يظهر، مع أن الأردن هو الطرف الوحيد الذي يشتبك مع الإسرائيليين تماماً وبكل اللهجات عندما يتعلق الأمر بما يجري في المسجد الأقصى، في جهد مرصود وملحوظ وثابت، لكنه -برأي المراقبين الناقدين الملاحظين- لم يعد كافياً.
ما تسرب عن وزير الخارجية لبعض أعضاء البرلمان والوزراء هو انطباع رسمي متشكل بأن الطرف الآخر يهاجم الوصاية ويريد تقويضها وفرض ميكانيزم التقاسم الزماني والمكاني كبديل. ولم يعد ذلك سراً يخفيه الوزير الصفدي وهو يشتبك في الأقنية الدولية. ولم تعد خطة الطاقم اليميني الإسرائيلي بعنوان تقويض الوصاية الهاشمية الأردنية مغلقة أو سرية عملياً، لا بل علنية، ويومياً يشتبك معها أطقم الأوقاف الأردني. لكن الغريب هو طرح أسئلة حتى من قبل المختصين الرسميين الأردنيين لا جواب عليها حتى الآن.
وهي ثلاثة أسئلة رئيسية تلوكها الألسن وفقاً لما رصدته “القدس العربي” من مجالسات شهر رمضان.
السؤال الأول: ما الذي يمنع حتى اللحظة وزارة الأوقاف من تجاوز خلافاتها لأغراض الاشتباك من أجل الوصاية مع شخصيات أساسية في القدس مثل الشيخ عكرمة صبري مثلاً؟
للعلم، ثمة سبب في طرح هذا السؤال؛ فالشيخ صبري زار الأردن مرتين واستقبلته العشائر الأردنية في مختلف محافظات المملكة، لكن لم يلتقه أي مسؤول في الحكومة، بمعنى أن السؤال يصبح منطقياً عن الأسباب التي تحول دون الاستثمار بثقل شخصيات أساسية في مجتمع القدس وتعمل مع المجلس الأعلى للأوقاف التابع للأردن.

الدفاع عن الوصاية

السؤال الثاني في درب خطة ومشروع الدفاع عن الوصاية بالصيغة التالية: مادام التصويت في مجلس النواب بالإجماع على طرد السفير الإسرائيلي تم كما أبلغ “القدس العربي” أحد كبار النواب بغمزة من السلطات، فلماذا لا يطرد السفير؟
ثمة سؤال ثالث لا جواب للحكومة عنه حتى اللحظة: ما الذي يمنع البعثات الدبلوماسية في الخارج من خلط جهدها مع الأمريكيين بجهد مماثل في أقنية الدول الإسلامية والعربية تحديداً لمحاصرة الإسرائيلي أكثر؟
خلافاً لما قاله علناً رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز، بعبارة “لا نستطيع تحرير فلسطين ولا مجابهة إسرائيل”، يحاجج الملاحظون بأن المطلوب ليس تحرير القدس، بل الحفاظ على عمان ووضع مقاربة وطنية مباشرة على قدر التهديد الوجودي للأردن، الذي تمثله التصريحات والخطط العلنية لليمين الإسرائيلي، وهو ما تحدثت عنه سيناريوهات متعددة في جلسات حضرها رسميون عقدت في عمان والبحر الميت.
حقاً، لا أحد يطالب الأردن بأكثر من طاقته، لكن وزير خارجية سابقاً تحدث عن طرد السفير كرسالة سبق أن فعلتها عمان في أزمة باب المغاربة وفي مواجهة نتنياهو أيضاً، وكانت النتائج جيدة.
بالتوازي، أسئلة كثيرة أصغر في درب الحفاظ على الوصاية تطرح في مجالسات رمضان: لماذا لا تنظم في المحافظات الأردنية مسيرات حاشدة بإشراف الحكام الإداريين؟ لماذا لا يحصل تنسيق مع تركيا وإيران؟ لماذا لا يفتح ربع باب أمام فصائل المقاومة؟
طرح مثل هذه الأسئلة وغيرها لا ينطوي أو يهدف إلى تشكيك بقدر ما يخطط للفت النظر إلى وجود أوراق قوة آمنة يمكن استثمارها في المواجهة مادامت كلمة المجابهة تقلق المسؤولين الكبار. أغلب التقدير أن الأجوبة موجودة، لكنها ليست على الطاولة لسبب عميق ومرجح حتى الآن على الأقل.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى