إعلام الأردن… وخليط الرداءة والفوضى
غالبية مشكلات وتحديات المملكة الأردنية الهاشمية تبدأ وتنتهي أو لها علاقة دوما بالمسألة الإعلامية وبأنه لا يمكن تطور الأداء المؤسسي ولا ايصال الرؤية الملكية ولا حتى تسويق خطط الحكومة ما دامت الرواية الرسمية في الإعلام بائسة
تحالف الإعلام الرديء طوال الوقت في الحالة الأردنية مع الأداء السياسي والبيروقراطي والبرلماني المراهق. أنتج الخليط المشار إليه طبقا من الفوضى المركبة التي تحتاج لإستئصال أكثر من أي جراحات «تجميلية».
وهو طبق لا يمكن إلتهامه ولا حتى التمتع بمظهره الخارجي ولا تستسيغه العقول ولا يدخل القلوب والفوضى الناتجة عنه لا يمكنها أن تكون خلاقة أو إبداعية أو منتجة بأي صورة.
مساهمة خليط «الرداءة والفوضى» في الإعلام الأردني وعلى مدار 12 عاما على الأقل انتهى أيضا بسلسلة لا متناهية من الخراب في المزرعة الوطنية حيث سمح للدببة بدخول الحقل بالأطنان فحرثت الأرض وأهلكت الزرع وعملية الاصلاح تحتاج لسنوات طويلة.
أقر وأعترف بأن الجسم الإعلامي والصحافي المحلي يحتاج لعملية تطهير وتنظيف.
أقر وأعترف بأن الدخلاء على المهنة من رواد البزنس والتحالف مع برلمانيين ورجال أعمال صغار وشخصيات طارئة غير محترفة تصدرت المشهد تماما واستطاعت تحويل بضاعتها الرديئة إلى بضاعة تحتكر الصدارة والسوق بحيث تحولت مؤشرات الرداءة هنا إلى مراكز قوى تخضع للتسمين المنهجي ولديها أنصار في كل المواقع.
وأقر وأعترف بأن التواصل الاجتماعي التوتيري التأزيمي التشكيكي المرضي المختل الذي نرصده بيننا كأردنيين هو ثمرة ذلك التحالف الشيطاني حتى أن عادات وتقاليد كثير من المواطنين في ممارسة التواصل الاجتماعي أصبحت الآن الأسوأ وحيث منصات وتواصلات وتغريدات لا علاقة لها بالاحساس الوطني ولا بالمسؤولية الاجتماعية وتعتمد حصريا في الكثير من الأحيان على الشائعة والنميمة وربع الحقيقة دون أن ينتهي الأمر طبعا بالتعميم فالخراب هنا مثل الفساد عمودي وليس أفقيا. لكن في بلادنا العمودي يحكم الأمور بالعادة ويسترخي الأفقي بمكانه البائس من الملاحقة والمتابعة والسلبية.
ليس سرا أن مؤسسات الإعلام الرسمي لا تقوم بواجبها. وليس سرا أن نقابة الصحافيين التهمتها طوال الوقت الحسابات الأمنية على حساب القانونية والمهنية وبالتالي لم تقم بواجبها في إصلاح الخلل المهني أو حتى التخفيف من حدة الأمراض. وليس سرا اطلاقا أن مؤسسات الإعلام الرسمي أصبحت عاجزة تماما جراء الاستهداف المنظم لكل المهنيين فيها واقصائهم وجراء مغامرات في الإدارة العليا لهذه المؤسسات لا يمكنها أن تساعد لا في التطوير ولا في التعبير حتى عن أزمة الشعب الأردني او حتى عن أزمة الدولة.
اكتشفت جميع حلقات القرار الرسمي مع أزمة نقابة المعلمين بأن ظهر الحكومة مكشوف تماما وبأن الرواية الرسمية لا يوجد ولا مهني أو إعلامي ثقيل واحد يتبناها وبأن الرواية المضادة التي قد تكون انفعالية هي الأكثر حضورا في وجدان الشارع.
اكتشف علية القوم وقد سمعت الكثير في مقرات واجتماعات سيادية فيها درجة رفيعة من الافصاح والإقرار وعكس الانكار بأن غالبية مشكلات وتحديات المملكة الأردنية الهاشمية تبدأ وتنتهي أو لها علاقة دوما بالمسألة الإعلامية وبأنه لا يمكن تطور الأداء المؤسسي ولا ايصال الرؤية الملكية ولا حتى تسويق خطط الحكومة ما دامت الرواية الرسمية في الإعلام بائسة… سقيمة… غير مؤثرة تماما مثل الأدوات الأكثر بؤسا التي تدير العرض باسم الإعلام والإعلاميين وبعد إقصاء المهنيين وأصحاب الرأي المستقل وأحيانا مطاردتهم بل تطويع كل التشريعات لمنعهم على الأقل من معادلة الصورة وتعديل المزاج ووضع أسس لرواية مضادة لكل هذه السلبية التي يشتكي منها صانع القرار اليوم.
شاركت شخصيا في حوارات صريحة جدا وعميقة ومسؤولة حول حالة الإعلام الوطني عموما. كانت حوارات جريئة في التشخيص لكن للأسف هوجمت من قبل عدة أطراف بعضها حكومي أو نقابي أو قطاعي ودون مبرر وكأن على القرار المركزي أن يستمع فقط لتلك الأصوات المرتفعة التي هي أصلا عنوان شرعية «الأزمة» وليس الازمة فقط.
للأسف نخبة من كبار المسؤولين أرعبهم الصوت المرتفع الذي يعارض به الانتهازيون وصول أي فكرة اصلاحية لمسار الإعلام واليوم يتفوق الإعلام الرديء على المهني مجددا وتبدو الحكومة وأحيانا السلطة تواقتين دوما لذلك الزواج الأبدي المنتج ما بين كل أطراف الرداءة وتحالفاتها فالبرلماني السيئ يحتاج لإعلامي أسوأ ولرجل أعمال طارئ ولمسؤول جبان.
تعرف الأجهزة الرسمية تماما وبالتفصيل ما الذي يجري هنا وكيف يتحالف هؤلاء القوم.
لا يتعلق الأمر بالموظفين الإعلاميين ولا بالزملاء المهنيين الذين لا حول لهم ولا قوة وهؤلاء ينبغي الابتعاد عن استهداف أرزاقهم عند الحديث عن التطوير.
وعندما يتعلق الأمر بالإصلاح الإعلامي لابد من الإقرار بأن عملية «تغذية» جرت بواسطة «هرمونات التمويل» لذلك الزواج البائس وعبر غطاء «رسمي» في الكثير من المواسم حتى لا نقول ما هو أكثر من رسمي.
تماما مثل مغامرة تمويل وتمرير انشقاقات خدمت الإخوان المسلمين بدلا من أن تضعفهم.
زواج «عتريس من فؤادة باطل»..عبارة ترن كالجرس في تاريخ السينما العربية وتحديدا المصرية.
وفي مسألة الإعلام الأردني وعشية الحديث عن وثيقة لتطويره نقولها وبصراحة: الزواج المقدس بين الإعلام الرديء والطارئين باطل بالثلاثة.
بإختصار..تريدون إعلاما يدافع عن الوطن والدولة إليكم الطريق المختصر أولا قبل التشريعات والدمج: من «زوج» رموز الرداءة وتزوجهم يمكنه تطليقهم.