الأردن بين يدي طاقم المفاوضات إلى متى؟ في مصر والسعودية «ردح ونواح»… وأردوغان يحتفل في واشنطن
أردوغان في بلاد «العم سام». بعد لغط ونواح في الإعلام العربي، وتحديدا السعودي والمصري الرئيس التركي مباشرة بعد عملية «نبع السلام» إياها في واشنطن.
حسنا، احتفت «الجزيرة» بالخبر وأعادت بث تقريرها السياسي عنه ست مرات على الأقل.
محطة «العربية» كان لها رأي آخر، فقد ركز أحد محلليها في نشرة الأخبار على صفة «التاجر التركي»، وحاول المذيع تلقين الضيف وتذكيره أن أوروبا «تسكت» بطريقة مريبة على «الإرهاب التركي» أو على ابتزازها من قبل الرئيس التركي مجددا باللاجئين السوريين.
على النسخة التركية من «سي أن أن» اختار المنسق خلف الكاميرا العودة لبث برنامج وثائقي عن الانقلاب الشهير ضد أردوغان، فيما كانت شاشة «اورينتال» تعيد عرض المشهد، الذي يقدم فيه الرئيس التركي «كعكة مجانية» وعلى حسابه الشخصي، وسط إسطنبول لكل عابر طريق يؤكد للسيد الرئيس بأنه «غير مدخن».
نحن وأردوغان
الرئيس التركي نجم لكل تلك الانتفاضة الإخبارية المتلفزة، وفي غضون 24 ساعة فقط.
حتى صديقي المعارض التركي حاول التقليل من أهمية زيارة واشنطن، عبر الإشارة الى أن الرئيس دونالد ترامب، وللمرة الأولى سيلتقي أيضا الجنرال الكردي مظلوم، الذي تصنفه أنقرة في قائمة الإرهاب، ويقود ما يسمى «قوات الحماية الكردية».
الشاشات المصرية، مثل «القاهرة والناس» مشغولة فقط بتهميش إنجازات تركيا وملاحقة وتشويه الرئيس أردوغان، مع أن الرجل، عندما يتقدم أو يتراجع، ينتصر أو ينجز أو يهزم أو يناور أو يحاور زعيما متحركا قرر أن لا يخضع للتحنيط، مثل أشقائه في العالمين الإسلامي والعربي!
طبعا، ثمة ملاحظات بالكوم على الرئاسة التركية، والأداء أيضا، لكن نحن العرب، الذين لا نجيد إلا التحسر والردح، على طريقة المذيع الزميل عمرو أديب آخر من يحق له الفتوى بشأن الآخرين، والله من وراء القصد.
وفاة اتفاقية «وادي عربة»
يبدو التلفزيون الأردني مهتما هذه المرة، ويعكس فعلا المزاج الرسمي، وهو يتابع – خلافا للماضي – تفصيلات الاعتداء الهمجي الإسرائيلي الجديد على أهلنا في قطاع غزة.
أخبار ومتابعات وتغطيات ميدانية، وللمرة الأولى برنامج حواري.
خلافا للمناخ العام يحافظ تلفزيون «المملكة» على «محليته المحايدة»، على أساس أن العرس عند الجيران.
ندعو الله عز وجل أن «يفرق أكثر» بين بلادنا والعدو.
أملنا كبير – وأتحدث كمواطن أردني – في أن يتواصل الجفاء مع العدو الغاصب، وفي أن يستمر صانع القرار الأردني في اكتشاف الحقائق، التي تقول اليوم إن العمق الإسرائيلي، وليس فقط نتنياهو واليمين انقلب على الأردن قيادة وشعبا، ويخطط لتصفية قضية الشعب الفلسطيني، على حساب الأردن.
الشمس اليوم لا يغطيها غربال كوشنر أو نتنياهو.
والمطلوب، ليس فقط تغطيات صحافية حوارية على شاشة «رؤية»، بل صحوة وطنية ويقظة رسمية تعيد تسمية الأشياء، وتعريف العدو من الحليف، بدلا من الاسترسال في وهم السلام الزائف والتبعية والخوف من العدو الشريك.
هذه فرصة لأن يدافع الأردنيون عن دولتهم ومؤسساتهم، بما هو أكبر من مستشفى ميداني للجرحى في قطاع غزة، وبما هو أوسع من مجرد هتاف ومظاهرة تندد بالاستيطان، لأن الشمس نفسها تقول اليوم إن المستوطنات إياها هدفها اخضاع عمان، بعدما سقطت نابلس بين يدي الإحتلال.
ولا نتحدث طبعا عن إعلان حرب على طريقة حزب الله، بل عن صحوة.
مجرد صحوة من وهم الشراكة مع إسرائيل، والبقية تأتي لوحدها، فعلى أقل تقدير عودة النخب الوطنية القادرة للحكم والإدارة، بدلا من السبات لعقود في حضن «المفاوضين» وتسليمهم كل المناصب دوما. هنا أيضا الله من وراء القصد.
نحن لا نشكك – لا سمح الله – بوطنية ولا أداء طاقم المفاوضين، لكنهم أخفقوا جميعا مع وثائقهم في التوثق من «وهم الشراكة»، وفي «رصد العدو» متلبسا بجريمة إدعاء الصداقة على طريقة مجموعة الاغتيال، التي يسميها التلفزيون الإسرائيلي «الوحدة المستعربة».
ليس سرا بطبيعة الحال أن سياسيا ثقيلا من وزن الدكتور ممدوح العبادي يتوقع إنهاء وانتهاء اتفاقية «وادي عربة» قريبا ومغادرتها للسكة المرسومة، فالرجل لم يكن مفاوضا يوما، وحتى المفاوضين يؤمنون بانقلاب إسرائيل على الأردن، وعلى الاتفاقية، وخير دليل صديقنا الدكتور مروان المعشر.
أين السيستاني؟
لماذا لا يظهر السيستاني شخصيا على منابر كربلاء، بدلا من ممثله الشيخ أحمد الصافي، وهو يدعو للتحقيق في قتل المتظاهرين الأبرياء؟!
لولا العيب والعمامة السوداء لسمعنا ممثل المرجع السيستاني يتحدث بلغة كوفي أنان الكلاسيكية – طيب الله ثراه – عبر الدعوة لضبط النفس.
أحصينا أمام الصافي في خطبة الجمعة نحو 17 مايكروفونا، لكن شاشة محطة «الحدث» توسعت في التفاصيل، فنقلت جزءا من خطبة السيستاني عبر ممثله، ثم نقلت الكاميرا للمستشفيات، التي تعج بالجرحى والمصابين، مع تصريح لمدير مستشفى يشكو من تكدس الجثث.
أين السيستاني شخصيا ليخرج لنا ويعلق على الدم المهدور في الشوارع، وسط هتاف «إسقاط النظام»؟!