سيارة «أمريكاني» تدفن «سليماني» وفي الأردن السؤال الأصعب: «العسس» أم «العسعس»؟
لا يجد تلفزيون الحكومة الأردنية مسارا للإفلات من إعادة تكرار نشر الخبر على أسفل الشاشة.
وزير «الريادة» – الداعي لإصلاح النظام أو إسقاطه سابقا، والمعني لاحقا بملف الاتصالات – يطلب من شباب المملكة تجاوز «العلبة المحلية» والتفكير في «المنافسة عالميا».
تكاد أذني تنفجر من عدد تكرار عبارة «التفكير خارج الصندوق»، التي أسمعها مؤخرا في كل مواقع القرار.
صاحبنا أبو المنافسة العالمية كاد يتسبب في سيناريو لبناني، عندما اقترح مرة فرض «ضريبة» على «فيسبوك» و«تويتر».
واضح تماما أن «الصندوق» إياه يريد أن يهجره الجميع في السلطة، مما لا يعني إلا شيئا واحدا وهو «الإقرار بالأزمة عموديا» وللمرة الأولى.
لكن كيف سيحصل ذلك وهل نملك الجرأة، هذا هو السؤال؟
ريادة وثورة رابعة
لسبب أو لآخر يذكرنا تصريح وزارة الريادة بكلام دولة رئيس الوزراء يوما عن «الثورة الصناعية الرابعة»، مع أن غالبية تعيينات الوظائف العليا تنتمي لمرحلة ما قبل الصندوق الخشبي.
الشعب لا يتجه نحو الثورة الصناعية أصلا بدون ثورة في آلية إختيار أدوات الإدارة والحكم وبدون «إصلاح سياسي عريض» تبدأ معه سلسلة الإصلاحات اللاحقة.
لكن الشيخ زكي بني ارشيد قد يقترب من أساس الحقيقة وهو يتحدث عن «قوى أمر واقع» تعاند الإصلاح، حتى لو تحدثت عنه نقابة المطربين أو رابطة فرق الفنون الشعبية.
سؤال بسيط وساذج: ألا يعرف القوم في طبقة السكن العليا ما الذي يعنيه التفكير خارج الصندوق؟ هل تنافس مهارات معالي وزير الريادة الشخصية مهارات نظيره الفنلندي أو حتى الفلبيني مثلا حتى يطالب الشعب بمنافسة العالم؟
إقتراح أبسط للحكومة: دخيل عيونك… جدي حلا لنا لمشكلة غياب عجينة «قمر الدين» الشامية عن الأسواق أولا أو لمشكلة تعدد مرجعيات المراقبين والعسس، ثم نتحدث معا عن منافسة العالم وميزانية وزير المالية محمد العسعس، التي تنشد تحفيز النمو الاقتصادي، مما يتطلب تحفيز الإصلاح السياسي.
جثمان سليماني
حتى في جانب محور المقاومة نحن أمة تخجل منها الأمم.
تمنينا كمشاهدين أن ينتبه الخطيب المفوه على شاشة «التقوى» العراقية لما يحصل، بدلا من العويل ثأرا وانتقاما لمقتل الجنرال قاسم سليماني.
محطة «سكاي نيوز» مثلا انتبهت للمفارقة: جثمانا سليماني وصاحبه المهندس كانا يتحركان بين حشود المصدومين والمهددين بالويل لأمريكا على سيارة شحن «إمبريالية» من صناعة أمريكية .
حتى عندما نقتل كمسلمين لا نجد عجلة تحمل جثثنا يمكن أن يكتب عليها «محلية الصنع»!
سليماني «المسلم الشيعي» وأبو بكر البغدادي «المسلم السني» تقاتلا وأشغلا الأمة لعقد من الزمان وغرقا ببحر دماء، وعندما قتلا تجاورا معا كجثتين في آلية صنعها «الأمريكي الكافر»!
أليست صورة تبعث على الوجع القومي؟!
فبالنسبة لمحطة «المنار» فإن القائد الإيراني الراحل هو «سيد الشهداء»، كما وصف في نشرة أخبارها.
ووفقا لـ»العربية» و«بي بي سي» وبرامج «الجزيرة» فان الرجل كان يحمل اسم «قائد فيلق القدس» دون أن يطلق صاروخا واحدا من أجلها، فمات قتيلا.
تلك تصنيفات السماء ولسنا معنيين بالانشغال أو إشغال السادة القراء بها.
ومرتبة الشهداء – والعلم عند الله طبعا – في أعلى قممها يجلس أصغر طفل فلسطيني قتلته رصاصة الاحتلال وأبسط مواطن سوري، لا حول له ولا قوة له، قصفته البراميل المتفجرة، التي كان الجنرال سليماني يُستشار في تجهيزها، وكذلك أي إنسان بريء طالته يد الغدر ورحل قسرا، ولا يحمل سلاحا ليدافع عن وجوده.
سليماني قتله مجرم بالتأكيد، ليس أفضل منه، رغم أنه يحمل لقبا عملاقا يشبه نياشين جنرالات الحرب العرب، الذين يهربون الذهب ولا يقاتلون الأعداء!
في هذه المناسبة نُذكِر «دموع الإيرانيين» والعراقيين بمقولة «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» فسليماني ومؤسسته كانا وفي كل حزم وثبات شريكين كبيرين للأمريكيين في احتلال العراق ونهب ثرواته وقتل صدام حسين والعبرة لمن يعتبر.
كوميديا فلسطينية
لست من المعجبين كثيرا بوصلات الكوميدي الفلسطيني عماد فراجين، التي تبثها يوميا قناة «رؤيا» الأردنية، مع أن أطفالي كغيرهم في عطلة المدارس يميلون للمتابعة.
رغم تقييمي للاستعراضات المبالغ فيها عند الفنان الشاب، إلا أن حلقته الأخيرة استوقفتني قليلا على هامش حوار مفتعل مع جيران له في العمارة طالبوه بـ«وصلة فنية» خاصة.
قال فراجين: لا أريد التحدث في السياسة، فسأله جاره: بدناش سياسية. لماذا لا تؤدي وصلة تمثيلية لها علاقة بالرياضة؟
انتفض الممثل وصرخ قائلا: دخيل ولاياكم بلاش رياضة. «مسحوا الأرض فيي مؤخرا.»
طبعا، يقصد الفراجين معركته الشعبية الشهيرة مع نادي وجمهور نادي الفيصلي، بعدما تجرأ على جملة نقدية صنفته في خانة «المشروع الصهيوني»!
المفيد في المسألة أن التابوهات مرنة ومطاطة وتتوسع في بلادنا وكل انتقاد «مكلف» ولا أحد يتحمل النقد، والدليل أن الممثل نفسه وعندما تقمص شخصية مختار ورئيس للمجلس البلدي صاح منفعلا في وجه متحدث خاطبه بلقب «السيد الرئيس»: «يخرب بيتك… رئيس مين أنا؟ بلاش تورطني مع أبو مازن»!