كورونا» في نسخته الأردنية: حركة وترفيه أقل… وإدراك متأخر لخطأ إلغاء التجارة مع تركيا
لا مبرر للهلع في كل الأحوال، فالحديث في الأردن عن إصابة واحدة فقط بفيروس كورونا تمت السيطرة عليها، وحامل المرض في حالة استقرار صحية، والإجراءات الاحترازية تبدو مبادرة وسريعة وفعالة حتى الآن على الأقل.
رغم ذلك، المخاوف في الشارع ووسط الجمهور كبيرة.
وسلوك المجتمع يبدو غريباً ويحتاج إلى تفسير، فقد خلت الصيدليات مساء الثلاثاء بنسبة كبيرة من المواد المعقمة والمطهرة ومن أصناف الكمامات، وحصل نوع من الازدحام على تحزين المواد الغذائية. وتأثرت على نحو كبير الأسواق وزاد معدل الركود أيضاً.
في الوقت نفسه كادت المولات التجارية تخلو من الزبائن ويتم تأجيل الكثير من المناسبات والاحتفالات العائلية، ورواد المقاهي في الحد الأدنى حسب محمد خليل، صاحب ثلاثة مقاه غربي العاصمة عمان، وهو يؤكد لـ»القدس العربي» بأن نحو 70 % من زبائنه على الأقل يفضلون الآن البقاء في بيوتهم في فترة المساء.
خليل يربط النقص الكبير في عدد الرواد والزبائن بالإعلان عن ظهور أول حالة لمصاب بفيروس كورونا رغم أنه استمع كغيره من المواطنين لوزير الصحة الدكتور سعد جابر وهو يشرح كيفية تسلل الحالة بالرغم من حزمة الإجراءات الاحترازية.
شرح الوزير للرأي العام بالتفصيل ما حصل مع الإصابة اليتيمة حتى الآن، وهو يسعى لطمأنة الأردنيين في كل الاتجاهات، في الوقت الذي اجتهدت فيه الحكومة والسلطات باتجاهين؛ الأول هو تجديد الثقة بمنظومة الرقابة والمتابعة الصحية، والثاني هو ردع الشائعات والتسريبات والتقولات التي يمكن أن تسبب هلعاً في المجتمع وبقوة القانون، كما صرح رئيس النيابات العامة القاضي محمد الشريدة.
وتأثرت المراكز التجارية بشكل كبير بعد ظهور ميول ركود في التسوق، ومراكز الترفيه الجماعية شبه خالية، والحكومة تستعد لأسوأ السيناريوهات إذا ما ظهرت إصابات جديدة.
في الوقت الذي طالبت فيه غرفة تجارة عمان، عبر رئيسها خليل الحاج توفيق، بعدم المبالغة وبالتركيز على اتصالات تنسيقية مع ممثلي القطاع الخاص. اختفت من الأسواق تقريباً أو بقيت بصعوبة بعض المنتجات، فيما تبين لجميع الأطراف الخطأ الناتج عن تجميد الاتفاقية التجارية مع تركيا المجاورة بسبب الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات التي يمكن استيرادها من تركيا، خصوصاً بعد انقطاع الاستيراد تقريباً من الصين، وبعد صعوبات يقدر الحاج توفيق بأن السوق العالمية قد تشهدها في حركة البضائع والمنتجات، الأمر الذي ينبغي أن يبحث.
ولا تعتمد سلة غذاء الأردنيين على مواد أساسية مستوردة من الصين. لكن التعقيدات قد تكون لاحقة إذا ما توسع انتشار المرض الذي بدأ يربك جميع الحكومات والدول.
والتعقيدات متوفرة بالجملة أيضاً بسبب الدور السلبي الذي لعبه إلغاء اتفاقية التجارة مع تركيا المجاورة، حيث منتجات يمكن الحصول عليها بكلفة نقل أقل.
والإقبال في الأسواق شديد على الكمامات الطبية والمواد المعقمة، والمدارس بدأت باتخاذ بعض الإجراءات وتوجيه رسائل للأهالي بتزويد أولادهم بمواد التعقيم، الأمر الذي انتهى بزحام في الأسواق المعنية، مع أن مدير الرقابة على الغذاء والدواء هدد بإغلاق الصيدليات والمراكز التي تبيع الكمامات الطبية والمعقمات بأغلى من سعرها وتحاول استغلال الظروف.
بصرف النظر عن إجراءات الحكومة المنطقية وشفافية وزير الصحة الدكتور جابر، ثمة مؤشرات على مخاوف وسط الجمهور الأردني، خصوصاً بعد ظهور إصابات بالفيروس في دول الجوار، مثل العراق ومصر والسعودية والكويت، وبعد استمرار حظر الرحلات الجوية من إيطاليا وتايلند والصين وإيران.
أصبح إنكار تأثير المرض على الحالة الأردنية المحلية صعباً جداً، فقد تم تأجيل مباريات كرة القدم ومسابقات رياضية، وأبلغت وزارة السياحة بتأجيل انعقاد المنتدى العربي للاستثمار السياحي في الأردن. ويبدو أن عشرات النشاطات في طريقها أيضاً للتأجيل في انتظار مستجدات فيروس كورونا وسط حالة انتباه وطوارئ وتعدد في التحذيرات من كل المؤسسات المعنية، خصوصاً خلال التجمعات السكانية وفي المدارس والمستشفيات.
وتزيد المخاوف في المستوى الشعبي بالرغم من مؤشرات الثقة التي تعززها سلطات الرقابة الصحية، حيث صرحت وزارة الصحة بأن التعامل مع الفايروس ضمن الاحتواء والخطط والعلاجات متوفرة، وطلبت الحكومة الأردنية من منظمة الصحة العالمية تعزيز المعونات والمساعدات لها لضمان الأمن الصحي للاجئين السوريين وغيرهم في المملكة.
وتكتم الحكومة مشاعرها القاضية بأن مبالغة المواطنين في التوقع وأحياناً في الخوف، لها علاقة بضعف مصداقية المؤسسات الرسمية وبوجود تصور مسبق حول تراجع أداء خدمات القطاع العام، وقد ورد ذلك صراحة في تقرير حالة البلاد الصادر عن مؤسسة تتبع للدولة، وهي المجلس الاجتماعي الاقتصادي. باختصار، زاد الإعلان ظهور إصابة واحدة بـ كورونا من احتمالات الحذر عند الشارع الأردني، وتناضل الحكومة لكي تثبت نجاعة إجراءاتها.