إربد وشبيلات وصدام: بين “الحراك الشتام” و”الولاء السام”
كانت- بالتأكيد- رسالة ليس لليث شبيلات حصريا .
ولكن لفكرة ومشروع “توحيد الحراك” .
تقرر المجازفة والصمت رسميا على تقديم هذه الرسالة بالرغم من اولا- الإخفاق الواضح الفصيح في ولادة فكرة “توحيد الحراك” وإستحالتها عمليا الان.
وثانيا-الإلتقاط غير الموفق للمناسبة والمكان والزمان لأن المطروح هو ندوة كلاسيكية اقيمت طوال 11 عاما ويغلب عليها الاستعراض في نوعين من المعلومات..” القرب الشخصي من الرئيس الراحل ثم الإدعاء بمعرفة خفايا ما حصل له ومعه”.
نقول “مجازفة” تدلل على إفلاس اصحابها لعدة اسباب في غاية الاهمية نجملها دون الخوض في التفاصيل تلميحا: البعد الجهوي في القصة..سداد الدين لشبيلات تحديدا في وقت لاحق- المراهقة في التعاطي مع مشاعر الأردنيين الجياشة اصلا تجاه شخصية مثل صدام حسين- رحمه الله-الإيحاء المختل لقبيلة الحراكيين التي تضم اصلا “منحرفين بموقفهم اصابهم الشطط” بأن الرد عليهم يمكن ان يتطور والمواجهة إذا أستعرت وتصاعدت قد تسمح فيها كل الادوات.
وهي مجازفة أيضا لأنها : تمس بمصداقية خطاب الحكومة الحالية برمته-تدلل على “إفلاس” خيارات متقمصي او مدعي المواقف ضد الحراك ورموزه- تنطوي على”نكران وجحود” لم يعرف عن الاردنيين مؤسسات وشعب تجاه راحل من وزن صدام حسين- تضيف في رصيد الحراك- تغذي رمزية الشبيلات”غير المتفق عليها اصلا” وتجعله قائدا لكل التفعيلات بعد حادثة إربد…..راقبوا الايام المقبلة.
وهي مجازفة مفلسة بصرف النظر عن دوافع وخلفية المتحمسين لأنها تسيء عمليا لجوهر ونقاء “الولاء” خلافا لأنها لا معنى لها ولا طعم ولا رائحة وتخدم الحراك رغم مخاطرها ودلالاتها الاعمق.
هل حصل ذلك بترتيب –كما يوحي شبيلات الذي توفرت الان بين يديه مادة جديدة؟ أم ان المسألة برمتها في نطاق توصيف لا يتجاوز مجموعة مراهقين مغتاظوون لسبب او لآخر قرروا التصرف والاستعراض والمناكفة ثم إنفلتت الأمور بإتجاه “مشهد مؤذي وطنيا” بكل المعاني.
أقلها حتى لو خالف الشبيلات ورفاقه القانون ان تعلن حكومة “النهضة الوطنية” بأن ما حصل يخالف القانون وان التوجيهات صدرت بالتحقيق وانه ثمة تفسير “أمني” لغياب الامن في تلك اللحظة داخل قاعة نقابية كبيرة اعلن من اسبوعين ان شبيلات وغيره سيتحدثون فيها عن “إعدام صدام حسين”.
لسبب أو لآخر تجاهلت حكومة الرئيس عمر الرزاز المشهد وكأنه حصل”عند الجيران” .
تلك مصيبة يمكن اضافتها لسلسلة الاشكالات التي تثيرها حادثة اربد وصدام حسين.
طبعا تسرع حراكيون ومعارضون بدورهم لإتهام السلطات بتدبير الامر وكأن مناخ الاعتراض مصر على “قصته القديمة” التي تحتكر الحق والحقيقة مع ان وجود مواطنين لا يعجبهم الحراك ولا ما يجري فيه ولا الشبيلات وقرروا التصرف من الاحتمالات والفرضيات التي لا يمكن حسمها او حسم غيرها إلا بتحقيق قضائي على الاقل بواقعة تحطيم مرافق عامة تعود لنقابات مهنية.
الحراك ايضا وفي مناسبتين على الاقل طرح “هتافات” تنتمي إلى نمط مماثل من “البلطجة ضد القانون”…ذلك كان المبرر الذي استعمله الشبيلات وغيره في السعي لتوحيد الحراك وإبعاده عن “الشتائم” نحو ما هو أغلظ سياسيا .
المفارقة ان شرائح “غاضبة” ومغرورة وغير منطقية من المجتمع بدأت تتطرف وتخطف المايكروفون ومن الجميع وتعكس “عبثية” وضعت الحراك المنطقي الوطني الإيجابي على الشجرة منذ ستة أسابيع مع أن الاردن برمته على الشجرة اصلا لأسباب خارجة عن إرادة مؤسساته وشعبه.
الأخطر والاكثر حساسية إدعاء الغفلة عن تلك الإسطوانة من “الولاء السام” بالصعود ردا على ” سمية وخشونة وفي بعض الاحيان شتائمية” هتافات بعض الحراك.
مع وجود متحمسين ينتحلون صفة الولاء من طراز محطمي المقاعد في وجه الشبيلات وذكرى صدام حسين لا تحتاج الدولة للمزيد من “خصوم الشارع” فهؤلاء يتكفلون وحدهم بسحب الرصيد أكثر وأسرع ويساهمون في تغذية الاحتقان وتقديم خدمات”مجانية” للحراك.
هنا تحديدا ينبغي ان تعيد الدولة حساباتها فالمشهد لا يحتمل إنفلات السموم من هذا الطراز حتى لو خدمت في المدى القصير لإن النتائج معاكسة.
ومع وجود حراكيين يشتمون فقط يمكن تهنئة الصف الرسمي ان فهؤلاء يزيدون من عدد أصدقاء السلطة في الشارع.
وهنا تحديدا ينبغي ان ينتبه الحراك والحراكيون ويراجعون الحسابات.