اتهامات برعاية الرزاز للفساد وبيع “هواء وماء الوطن” .. وخبز وطماطم ومعلبات في نقاشات الميزانية في البرلمان الأردني
ارتسمت معالم الحيرة بوضوح على وجه رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز، وهو يستمع للقطب المعارض والبرلماني صالح العرموطي يصيح في وجه الحكومة قائلا: ” لقد بعتم الهواء والماء في هذا الوطن”.
الملامح نفسها يمكن توقعها، عندما استمع الرزاز الى معارض آخر من خارج علبة المعارضين وهو الدكتور صداح الحباشنة الذي أطلق وصفا لا علاقة له بالإنصاف على رئيس الوزراء معتبرا انه “يرعى الفساد”.
النائب الحباشنة وفي جملة عصبية برلمانية، وخلال نقاشات مجلس النواب بمشروع الموازنة المالية اشتكى من التعليمات التي تحرم في المؤسسات الرسمية النواب المعارضين للحكومة من الخدمات الطبيعية لدوائرهم الانتخابية.
قبل ذلك حمل أحد النواب وهو يخطب بالناس رغيف خبز وحبة طماطم.
ثم حاولت النائب المتميزة بخطابات حادة ومنطقية، الدكتورة ديمة طهبوب وهي تقدم للرزاز وحكومته سلة معلبات فيها المواد الأساسية الضرورية التي ارتفع سعرها تذكير رئيس الوزراء بالفتى الأردني الذي أصبح رمزا للأزمة الشارع وهو قتيبة الراغب بالهجرة.
ضمنيا ما طرحته طهبوب هو التأشير على ان قتيبة موجود في بيوت كل الأردنيين اليوم مع عتاب بلغة راقية للرزاز الذي طلب في أحد الايام من قتيبة عدم الهجرة من المملكة.
في الاثناء تراكمت المفارقات والمشاهد الغريبة من النواب وهم يخطبون ضد الحكومة وميزانيتها كالعادة أمام الكاميرات.
يحاول الرزاز تلمس طريقه لتجديد الثقة بخطته الاقتصادية والمالية دستوريا وسط مثل هذه المفارقات.
النائب يحيي السعود سجل نسبة العتاب الاكبر وسط الجمهور ومداخلته تحت القبة ساهمت في تغذية وزيادة عدد المحتجين على الدوار الرابع عندما طالب وبجرأة بقطع الرواتب التقاعدية عن اي موظف او متقاعد يخرج للشارع ويسيء لرموز الوطن.
تلك بطبيعة الحال دعوة خارج الدستور والقانون، وظيفتها الاستفزاز كما لاحظ النائب السابق والحراكي اليوم الدكتور احمد الشقران مع ان السعود نفسه اقر علنا بتمثيله القانوني لأكثر سجناء اليوم شهرة وهو رجل التبغ والاعمال عوني مطيع.
وفي الاثناء ايضا اعتذرت عضو البرلمان علياء ابو هليل مؤخرا عن صورتين عرضتهما تحت القبة على اساس انهما لمدرسة حكومية وتبين لاحقا انهما لمدارس في اليمن ومصر، قبل ان يتدخل رئيس المجلس عاطف طراونة مرتين لصالح الرزاز وحكومته فيلوح بتحويل صاحبة الصورتين إلى لجنة سلوك ويشطب الشتائم التي طالت رئيس الحكومة من زميله النائب صداح الحباشنة.
أغلبية النواب بطبيعة الحال استعرضت كل سبل التصعيد ضد الحكومة امام الكاميرات دون ان يعني ذلك الالتزام بالتصويت ضد الموازنة في النهاية.
والغالبية نفسها تمترست وراء مطلب يتيم وأساسي بتوسيع مظلة قانون العفو العام الجديد المرسل للنواب والذي يحرم الخزينة من مبالغ كبيرة تحتاجها الحكومة إذا ما أصر النواب على تعديله وفقا لإرادتهم.
مناخ المقايضة واضح تماما في احضان الرزاز واتجاهات النواب ضمن معادلة تقايض توسيع مظلة قانون العفو العام مقابل تمرير الموازنة التي يشكك اصلا حتى النواب الداعمون للحكومة بحيثياتها الرقمية خصوصا عندما يتعلق الامر بعوائد نفاذ قانون الضريبة.
كيف يمكن للرزاز ان” يتسلل ” بإنجاز عفو عام منطقي وسط هذا المناخ من الانفلات والمقايضة؟
هذا هو السؤال المطروح في صدارة المشهد للعلاقة بين السلطتين خصوصا وان” القدس العربي” استمعت لأحد اركان طاقم الرزاز وهو يتحدث عن صعوبات تسلله بمنجزين مؤخرا هما وقف بعض ملامح التشدد في قانون الجرائم الالكترونية ثم التمكن من طرح فكرة العفو العام.
المقاومة العكسية لمشاريع واتجاهات حكومة الرزاز متعددة ومتنوعة فالشارع يتظاهر ضده كل خميس بالقرب من مكاتبه في الدوار الرابع وبتفعيل ملموس من الحراكيين النشطاء بالأطراف والمحافظات.
وحلفاء الرزاز الاساسيين في التيار المدني يتوارون عن الأنظار ولا يملكون حجة او ذريعة للتصدر في الدفاع عن الحكومة، ومجلس النواب متطلب ومغرق بالفردية والاستعراض والخطاب، وعدد من اعضاء المجلس يكرس حالة الفصام حيث التصعيد اللفظي والتهدئة والتنازل عند التصويت .
وسط هذا السياق العام المختل المطلوب من الرزاز المشي بين ألغام الشارع والبرلمان وقوى الامر الواقع ومراكز الدفع العكسي بالتوازي مع التمسك بالشعار الذي سمعته” القدس العربي” منه مباشرة بعنوان ..” الوضع معقد .. المهمة صعبة جدا .. ولن استسلم “.