استقالة جماعية لوزراء الأردن والرزاز “يكتم الأسرار” ويعزف منفردا امام امتحان “الشارع والنهج”
يبدو التفويض واسعا وعميقا عندما يتعلق الامر بالضوء الاخضر لإجراء تعديل وزاري موسع على حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز .
ويبدو ان الصيغة مختلفة هذه المرة حيث قدم جميع افراد الطاقم الوزاري استقالة جماعية تمهيدا لمشاورات التعديل الوزاري التي بدأها الرزاز مساء الاربعاء .
الرزاز اعلن شخصيا بعدما طلب من جميع الوزراء الاستقالة ان التعديل الوزاري دخل في سياق الاستحقاق .
زمنيا يعني ذلك بأن التعديل قد ينضج مساء الخميس او حتى السبت لأن الصيغة التي نشر فيها الخبر الرسمي حول التعديل المنتظر، توحي بقوة رئيس الوزراء وبأن الرجل على الارجح “كتم اسراره” طوال الفترة الماضية ولديه تصور مؤكد حول من سيخرج ومن سيدخل الى الحكومة .
الفرصة هنا تبدو كبيرة لكي يظهر الرزاز حزمه، ثم يبدأ برنامجه الفعلي بعدما بايعته المؤسسات الدولية المانحة عندما دعمته بقوة .
أغرب ما في مسألة استقالة الوزراء الجماعية هو عدم وجود تسريبات من النوع المألوف والمعتاد، الأمر الذي يوحي بأن الرزاز احتفظ بالتفاصيل اما لشخصه او في اضيق نطاق ممكن ولا يوجد له شركاء من النوع المؤثر جدا في طبخة التعديل على الاقل .
السبب في ذلك هو التغييرات التي حصلت قبل استقالة الوزراء في جبهتين نافذتين، كان يمكن ان تتدخلا في التفاصيل حيث طاقم مكتب الملك برئاسة مديره السابق منار الدباس والذي أخلى موقعه عمليا واصبح واحدا من اربعة مستشارين خاصين للملك .
وحيث مدير المخابرات الاسبق المحال على التقاعد الفريق عدنان الجندي، والذي لم يعد لاعبا الآن في المسرح، فيما يستبعد المراقبون ان يبدأ مدير المخابرات الجديد الجنرال احمد حسني صفحته في الادارة العليا بمزاحمة رئيس الوزراء على اختيار الطاقم، خصوصا بعدما نجح الرزاز قبل ذلك بالإطاحة ببعض الجنرالات في المؤسسة الامنية من الذين اتهمهم بالتحريض ضد حكومته .
بكل حال الرزاز يحمل الآن صفة كاتم الأسرار في التعديل، ويبدأ مشواره بالعزف المنفرد في التحضير والخطوط مفتوحة ومباشرة بينه وبين صاحب القرار المرجعي حصريا في ظرف قد لا يحتاج فيه الرزاز لشركاء من النوع النافذ يجد نفسه مضطرا لإرضائهم بحقائب .
قد ينتهي الشكل الجديد لحكومة الرزاز بمفاجآت من الوزن الثقيل وفقا لسجل الرجل في التفكير حيث اختبارات سبق ان عبر عنها مع اختيارات لم يتمكن منها في الماضي .
التعديل الوزاري الوشيك في الاردن فرصة لأن يقول الرزاز ضمنيا بأنه يريد استقطاب قيادات سياسية من التيار الاسلامي مثلا بعدما لم تمنحه المؤسسة الامنية الدعم لخيار من هذا النوع في الماضي .
الاختبار الثاني له علاقة بمن سيختاره الرزاز في موقع نائبه والرجل الثاني في الحكومة حيث الدكتور رجائي المعشر قد ازعج الرزاز ولوح بالاستقالة عشرات المرات باعتباره يمثل رسالة حكومة التيار المدني المعنية بطمأنة الحرس القديم والمحافظ .
حصلت مصالحة بين الرزاز والمعشر بعد عدة احتكاكات وبين يدي الرئيس اليوم فرصة ليوضح ما اذا كان سيحافظ على بقاء المعشر ام سيلجأ لاختيار شخصية اخرى في باب تمثيل التيار الكلاسيكي .
حصول تغيير في حقائب سيادية مثل الداخلية والخارجية من الاشارات المهمة ايضا على قوة وصلاحيات وتفويض الرزاز والفرصة اذا ما أتيحت لتعيين وزير للدفاع في التعديل الوشيك قد يذهب الرزاز بالدولة ورمتها الى منطقة جديدة .
تلك اختبارات على نفوذ الرجل ومستوى المقاربة والمهادنة لقوى الامر الواقع وبصيغة يختار فيها الرزاز التوقيت بدقة فيقيل جميع الوزراء عمليا قبل 24 ساعة من موعد حدده حراكيون للعودة الى سهرات الشارع في رمضان تحت عنوان اسقاط النهج .
اذا ما انجز الرزاز بعض المفاجآت ونجح بالإطاحة ببعض الرؤوس في حكومته واستقطب سياسيون بدلا من الاغراق في التكنوقراط يكون قد وجه رسالة توحي للشارع المضطرب والقلق بان ” النهج يتغير” لكن بعملية منطقية وبطيئة ويدعمها مركز القرار .
اذا لم يحصل ذلك ستعود الحكومة ورئيسها الى مربع التعديل الوزاري خالي الدسم وستحفر بيديها عمليا اول حفرة لوقوعها لاحقا في سيناريو التغيير الوزاري ورحيل الرزاز .