الأردن “جاهز” لتحرك ديناميكي في قمة تونس: ربط العراق بمصر وبحث مقعد سوريا والوصاية الهاشمية
إشارتان ليس من السهل تجاهلهما صدرتا على هامش تحضيرات القمة العربية من الرئيس الدوري لمؤسسة القمة مرحلياً ملك الأردن عبد الله الثاني، وهو الزعيم العربي الوحيد الذي زار واشنطن وقابل طيفاً واسعاً من رموزها وكبارها باستثناء الرئيس دونالد ترامب، قبل نحو شهر من انعقاد قمة تونس.
أجندة الأردن في السياق مليئة على الأرجح بالمعطيات والمعلومات.
وخلافاً لكل مرة، من الواضح أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي سيحضر غداً أو بعد غد للمشاركة في اجتماعات وزراء الخارجية التحضيرية، وهو لديه تعليمات ملكية واضحة الملامح ويتحرك باعتباره رئيس الاجتماع طبعاً ضمن محاور ظهرت أكثر من غيرها في الأيام الأخيرة فقط، ضمن نطاق تأثير وفعالية بوصلة الاهتمام الأردنية.
الثابت أن الأردن قرر بذل جهد خاص في وقت متأخر جداً بعد قمة البحر الميت الدورية وقبل أسابيع قليلة العدد من قمة تونس التي سيتم تسليم الرئاسة فيها.
والثابت أكثر من غيره أن الملك عبد الله الثاني، وقبل ليلة واحدة من سفرته الأخيرة إلى واشنطن وخلال لقاء مع بعض النشطاء، صدرت عنه إشارتان لهما علاقة مباشرة بجدول أعمال القمة العربية. الأولى، تتحدث عن ضرورة الاستثمار في مناخ لقاء القادة العرب لترتيب أوراق العلاقة بين العراق ومصر. والثانية، إظهار قدر من الاهتمام بإعادة تأهيل سوريا على مستوى الجامعة العربية، بمعنى إعلان انتهاء مرحلة التجاذب والشد العصبي والخلاف في المسألة السورية.
صدرت، في اللقاء ذاته، عن ملك الأردن إشارة ثالثة مهمة تتحدث عن ضرورة إعادة ربط وتشبيك العلاقة بين دول الشرق ودول المغرب العربي، وهذه نقطة لم يظهر الأردن في الماضي الاهتمام بها، وفي الأثناء ثمة همسة لها علاقة بالسعي إلى أن تعالج قمة تونس قدر المستطاع التصدع في العلاقات العربية ليس بين دول الشرق والمغرب العربي فقط، ولكن أيضاً بين نادي الخليج العربي ومنظومته.
الاهتمام الأردني بهذه المسائل وقبل ثم بعد الوقوف على المحطة الأمريكية في واشنطن، مؤشر لحراك سياسي ودبلوماسي أردني في هذا الاتجاه استبقه ملك الأردن عملياً بمبادرتين في غاية الأهمية.
ففي الأولى أعلن، وبعبارات صريحة، بأنه لن يغير موقفه من ملف مدينة القدس، وبأن شعبه معه في مواجهة الضغوط. وفي الثانية بدأ، فعلياً بالخطوة الأولى، في إقامة حوار فعال بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي الجديد عادل عبد المهدي، حيث انتهى جهد أمني ودبلوماسي هنا بقمة ثلاثية عقدت في القاهرة في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، بمعنى عقدت زمنياً قبل ستة أيام فقط من اللقاء العربي في تونس.
قراءة هذه التحركات تنتج المزيد من الانطباع على جدول أعمال الأردن على الأقل في اجتماعات تونس، مستثمراً في رئاسة مؤسسة القمة إلى حين أن يتم التسليم، والهدف فيما يبدو الاستفادة من التقارب المصري العراقي لأغراض اقتصادية والبحث على المستوى العربي عن سيناريو عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وهو ما تحدث عنه مباشرة رئيس مجلس النواب الأردني وهو يستضيف في عمان الاجتماع الأخير للاتحاد البرلماني العربي وبمشاركة رفيعة من وفد سوري.
والهدف أيضاً إعادة جذب اهتمام دول المغرب العربي إلى مشرقه دون أن تتضح بعد المرامي التي يستهدفها الأردن هنا، إلا إذا ربط الأمر بسعي عمان لتحصين موقفها السياسي من صفقة القرن، بما يحافظ على مصالحها الأساسية والحيوية عبر غطاء باسم قمة العرب يشمل بعنايته ورقة الوصاية الهاشمية على أوقاف القدس، والتي تثيرها صحافة إسرائيل بين الحين والآخر تحت عنوان السعي لاستدراج شراكة مغربية وأخرى سعودية.
يبدو واضحاً أن تحضيرات قمة تونس ستشهد نشاطاً ديناميكياً للأردنيين. ولأول مرة، يبدو أن هذا النشاط يتميز بأنه مؤسس على معلومات أمريكية أولاً. وثانياً، وهو الأهم، نشاط ولد وزحف وحتى الآن يتحرك بعيداً عن البوصلة والعباءة السعودية، وهو ما لا يحصل بالعادة عندما يتعلق الأمر بالمرجعية السعودية لاجتماعات القمة العربية، بدليل أن واحداً من التحضيرات المبكرة أردنياً خلال أعمال لقاء القمة تختبر مبكراً اليوم وقبل الاستعراض الكبير إمكانية أن تشهد فعاليات المشاركة الأردنية في قمة تونس عدة لقاءات ومشاورات أردنية مكثفة مع ثمانية من الزعماء العرب حسب مقربون من وزير الخارجية أيمن الصفدي من بينهم أمير قطر وملك البحرين.