الأردن: فوبيا “الدوار الرابع” تتوسع والجميع يسأل ماذا سيحصل في شهر رمضان المبارك؟
لا أحد عند مراقبة المشهد الداخلي الأردني يستطيع تقديم تصور حاسم للبوصلة والوضع العام عشية شهر رمضان المبارك المقبل خصوصا في ظل تفاعلات محتملة لما بعد مرحلة الربيع العربي العائد والذي حسم في الجزائر وفي السودان.
حجم تأييد منصات التواصل الاجتماعي للحراك الشعبي في الجزائر والسودان لافت جدا وأقوى من أي امكانية لتجاهله برسم الشغف الالكتروني للأردنيين بالرغم طبعا من الاقرار العام بظروف ومعطيات مختلفة وبالرغم أيضا من عدم وجود دعوات جماهيرية للخروج إلى الشارع.
فعاليات الشارع الأردني بغالبية أطيافها لا تزال ملتزمة بالخطاب الذي يطالب بإسقاط الحكومة والبرلمان.
وفي السقف الأعلى للحراكيين الأردنيين على المستوى الشعبي ثمة دعوات فقط للعودة إلى أحكام الدستور والعمل على نهج جديد في إدارة الدولة ضمن أصوات لا يبدو أن مراكز القرار تقرأها بقلق حتى اللحظة على الأقل.
الأهم أن السؤال الذي يدور سرا وعلنا في أذهان جميع النخب الأردنية هذه الأيام هو التالي: ما الذي سيحصل بصورة محددة على مستوى الحراك الشعبي في الثالث من شهر أيار/مايو المقبل تحديدا وقبل يومين فقط من شهر رمضان المبارك؟
الرسائل الصادرة حتى عن الدولة العميقة والنخب في الأردن تتحدث عن قلق محتمل وليس عن قلاقل والسبب يعود لإدراك جميع الأطراف أن المقاربات الحكومية ستخفق حتى ذلك التاريخ في تقديم حلول منطقية لأزمة المعيشة والاقتصاد التي تشهد تراجعا لم يعد من الممكن اغفاله.
العنصر الأساسي في تحريك فعاليات الشارع الأردني طوال الوقت لا علاقة له بأجندة الإصلاح السياسي بقدر ما يرتبط حصريا وبتقدير الناشط الإسلامي مروان الفاعوري بالضغط المعيشي والاقتصادي حيث ارتفاع حاد في الأسعار وكلفة المعيشة والضرائب والرسوم يقابله توسع في هوامش الفقر والبطالة واستثمارات مستعصية ومنشآت تجارية وصناعية تغلق الأبواب وتطرد العمال.
هذا الوضع المعيشي في راي الفاعوري وغيره يمكن في حال الاخفاق الحكومي في رفع منسوب التفاؤل العام بين أوساط الجمهور أن يزيد من عدد المواطنين المعترضين في الشارع.
وهو أمر في طبيعة الحال يمكن أن يقتنصه نشطاء ودعاة الإصلاح السياسي والعودة إلى مقتضيات الحكم الدستوري في الحالة الحزبية والنخبوية سواء عند حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض الذي قرر بوضوح العودة للشارع مؤخرا أو عند غيره من التعبيرات.
بمعنى آخر الاحتقان الاقتصادي والمعيشي يمكنه ان يخدم الأجندات السياسية وسط نمو حالة التشكيك بالنهج الإداري العام في أقرب فرصة متأثرا بمناخات الربيع العربي العائد بقوة بعدما حصل في الجزائر والسودان حيث تحركات في الشارع بدأت أصلا بسبب رفع أسعار المواد الغذائية الرئيسية واستعصاء الحلول الاقتصادية والمالية.
في كل حال لا تبدو الشخصية الأردنية عموما مهووسة بالربيع العربي. والعلاقة بين دوائر الدولة ومؤسساتها وبين الجمهور يمكن دائما استثمارها لصالح تجنب الانفعال والفوضى وترشيد حتى خطاب الحراك والمعارضة دون أن يعني ذلك عمليا الاستمرار في ضمان التداعيات خصوصا في ظل العبء الإقليمي الكبير على المؤسسات الأمنية تحديدا وفي ظل نمو حالات التنمر والتمرد في المجتمع. ما يدفع بعض مؤسسات العمق في القرار للقلق من مناخات شهر رمضان القريب والوشيك هو أن الشارع الأردني يحتفظ بنسخة كانت فعالة من الحراك الشعبي المنتج والذي أدى لإسقاط حكومة الرئيس هاني الملقي في شهر رمضان الماضي.
آنذاك سقطت حكومة الملقي وقفز على حراك الدوار الرابع الرئيس الدكتور عمر الرزاز بأجندة مغرقة في الخطاب الشعبوي والاستقطابي للجمهور تبين لاحقا أنها تصلح للاستهلاك العام فقط ودون انعكاس حقيقي على الأرض.
خلفية حراكات الدوار الرابع خلال سهرات الشارع في رمضان كان لها علاقة بالبعد الاقتصادي حيث تجمهر الناس وأسقطوا حكومة فعليا بسبب قانون الضريبة.
لكن الحكومة التي استفادت من المشهد طوال عام عادت واضطرت إلى اعتماد قانون الضريبة نفسه بعد سبعة أشهر فقط، الأمر الذي يعني ضمنيا ان سبب عودة الناس للشارع لا يزال على قيد الحياة لا بل زادت المسوغات التي تدفع المواطن المحتقن تحت وطأة الوضع المعيشي الصعب للاعتراض والحراك.
تدب في أوصال الحكومة الحالية وبعض النخب الرسمية همسات فوبيا لها علاقة بعودة احتجاجات الشارع في شهر رمضان بعد نحو ثلاثة أسابيع خصوصا وأن بيانات عشائرية وقبلية لوحت بمسيرات مليونيه في الثالث من شهر أيار/مايو المقبل وقبل ليلتين من شهر رمضان المبارك.
الخشية من عودة حراك الشارع لم تعد سرا في أروقة القنوات الرسمية الأردنية والمناخ مهيأ بسبب استعصاء المعالجات والحلول.