عشية مؤتمر لندن: خسائر بعشرات الملايين بعد الفيضان في الأردن وسخط شعبي على الحكومة
بدأت بلدية العاصمة الأردنية عمان، بتلقي كشوفات الأضرار التي تعرض لها تجار وسط المدينة بعد الفيضان المائي الأخير الذي أتلف بضائع تقدر بعشرات الملايين، فيما تواجه البلدية بعد النقد الشعبي الشديد لها واقعا قانونيا قد يلزمها بتعويض التجار ماليا جراء انهيار بنية الخدمات بسبب العاصفة المطرية الاخيرة.
وكشفت العاصفة المطرية عن عيوب ملحوظة ولا يمكن انكارها في شبكة التصريف والبنية التحتية.
وشوهدت شوارع بأكملها منهارة جزئيا ولم تعد صالحة للسير في وسط البلدة القديمة لعمان، الأمر الذي يوحي ضمنيا بان خسار الوسط التجاري في الموقع ستتضاعف خصوصا وأن أعمال الصيانة قد تستغرق عدة اسابيع.
وشكلت غرفة تجارة عمان لجنة مختصة لحصر الأضرار، وقد انكشفت البنية التحتية وشبكة التصريف، متسببة في غرق بضائع بالملايين ويفترض ان تفاوض الغرفة مركز البلدية ومجلسها للحصول على تعويضات ملزمة بموجب القانون .
من جانبها تعايش البلدية التي تعاني من أزمة مالية أصلا، حالة نادرة بسبب ضعف الجاهزية وما أسماه رئس غرفة التجارة للعاصمة خليل الحاج التوفيق بمنطقة وسط المدينة “المنكوب” حيث صورت بضاعة بالجملة في “الزواريب” والمكبات.
الحاج توفيق طالب ايضا بالتحقيق وليس فقط بالتعويض.
الرأي العام الأردني بدا شغوفا مع انتهاء السيول المطرية بالعودة للتحقيق العام والشامل في مبررات عدم الجاهزية وشبكة التصريف التي خذلت الجميع، رغم ان البلدية اعلنت حالة الطوارئ القصوى حيث لم يسبق لوسط عمان وهو مكان منحدر تصب فيه مياه سبعة جبال أن اغلقته المياه بالكامل كما حصل أمس الخميس. حيث زاد ارتفاع منسوب المياه عن المتر في منطقة وسط المدينة، وتعطلت الكهرباء، وصورت عشرات اللقطات من قبل تجار المدينة وهم في حالة صدمة ويرثون حالهم ويتوقعون بان مصيرهم السجن بسبب خسائرهم الفادحة، ويحملون في الوقت نفسه عمدة العاصمة يوسف شواربه وطاقمه مسئولية ما سمي بـ”الفضيحة”.
وصدم ضعف البنية التحتية في التعاطي مع السيول المطرية غالبية ساحقة من الأردنيين، وخطف الاضواء عن مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد الأردني، حيث كان الشواربة في المؤتمر يتحدث للمستثمرين الأجانب عن شبكة البنية التحتية الصلبة والمرنة في مدينته والتي يمكنها ان تساعد في جذب الاستثمار خصوصا في مجال النقل.
وبدت مفارقة يلازمها سوء حظ للحكومة ان تتحدث عن صلابة البنية التحتية في العاصمة عمان، في الوقت الذي انهارت فيه هذه البنية تماما بسبب الامطار في عدة مناطق وسط وشرقي المدينة وبصورة لم تحدث من قبل.
ولا تزال تجمعات المياه حتى بعد ظهر الجمعة مرصودة في عدة مناطق من الأردن، فيما قدرت لجان طوارئ متعجلة الخسائر المادية بعدة ملايين خلافا لخسائر القطاع التجاري وخسائر المواطنين المباشرة.
وبسبب ضعف تصريف المياه وثبوت تهالك شبكة التصريف، بدا واضحا ان كل الطرق أمام استرخاء الحكومة ولو قليلا سياسيا أقرب للمهمة المستحيلة فالشارع يطالب بإقالة كل رموز المسؤولية في بلدية العاصمة التي تعتبر من أضخم الأجهزة الإدارية في المملكة.
وطالت مطالبات الإقالة رئيس الوزراء شخصيا الدكتور عمر الرزاز كما طالت نائبه الدكتور رجائي المعشر الذي رفع سعر المحروقات فيما كان الشارع منشغلا بالتعاطي مع الأزمة الناتجة عن حالة الطقس.
واضاف الأردنيون شعبيا إلى سجلهم مادة جديدة يمكن ان تقصف بها الحكومة والسلطات عبر منصات التواصل الاجتماعي وظهر بأن ملفات “التعثر البيروقراطي” زادت واحدا مثيرا خلال اليومين الماضيين، خصوصا وأن مشاهد غرق وسط العاصمة من الصعب إسقاطها من الحسابات بالرغم من هطول كمية كبيرة من الامطار غير معتادة ساهمت في وصول سعة عدة سدود مياه إلى الطاقة القصوى مما يبشر ضمنيا بموسم مطري إيجابي لأغراض الزراعة وتجنب الجفاف.
وتواصل النقد الشرس لعمدة العاصمة وطاقمها وكذلك للحكومة وتم الإعلان عن انتشال جثة شاب جرفته السيول شرقي العاصمة، في الوقت الذي وقعت فيه حوادث سير أودت بحياة خمسة مواطنين بالتزامن مع أزمة سيول الامطار الجديدة.
ويعتقد أن الفرصة متاحة لتفعيل حسابات سياسية وتحميل المسؤولية لبعض المسئولين، إذا ما أرادت حكومة الرزاز تخفيف واحتواء السخط الشعبي الذي تلازم حكوميا مع تجاهل عائلات الشهداء من رجال الأمن والجدل الناتج عن استضافة نجمات في الفن والدراما والاستعراض، وما يتردد عن موافقة الرزاز على تمويل تظاهرة سيارات بمناسبة عيد ميلاد الملك بمبلغ كبير جدا وهي مسألة لم تثبت بعد.