عمق الدولة الأردنية يبحث كلفة حمل الإسلاميين مجددا وفاتورة “إقصائهم”
يعزف عضو مجلس النواب الأردني عن القائمة الإسلامية الدكتور أحمد الرقب، على اسطوانة الرغبة الكامنة عند رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في استقطاب شخصيات إسلامية أو محسوبة على الإخوان والحركة الإسلامية لطاقمه الوزاري. ورغم ان الرقب ورفاقه في كتلة الإصلاح البرلمانية حجبوا الثقة عن حكومة الرزاز إلا أنه يقترح علنا ضم وزيرين من الإخوان المسلمين لحكومته.
مثل هذا الاقتراح لا يمكنه ان يكون عبثيا من حيث التوقيت والبعد السياسي، فالرزاز حرم من البداية عندما شكل حكومته من استقطاب قريبين من جماعة الإخوان أو محسوبين عليها إلى طاقمه الوزاري.
اقترح الرزاز مبكرا وقبل تشكيل وزارته ان يختار وزيرين من الحركة الإسلامية. رفض المستوى الأمني وقتها الاقتراح جذريا، وسألت المرجعية الملكية رئيس الوزراء الجديد عن ضمانات بضم إسلاميين للحكومة يقدمون استقالاتهم لاحقا ويسعون إلى الشعبية والمزاودة.
ذلك قد يحصل بطبيعة الحال وفي كل الأوقات لكنه قد يحصل مع الإسلاميين وغيرهم. ومن الواضح أن النائب الرقب يستند إلى شغف الرزاز باستقطاب شخصيات إسلامية وهو يعلن مبادرة جديدة في الوقت الذي تظهر فيه الوقائع والحقائق أن علاقة كتلة الإصلاح القريبة من الإخوان المسلمين بحكومة الرزاز مسترخية ومريحة إلى حد كبير.
وألمح الرزاز لاحقا إلى أنه فكر في الموضوع نفسه عند التعديل الأول قبل عدة أسابيع ومبادرة الرقب بهذا المعنى تنضج عشية ترقب التعديل الوزاري الثاني على حكومة الرزاز. وهو تعديل يريد الرجل ان يكرسه سياسيا وأن يستثمره لإعادة تجديد الثقة بحكومته في المستوى الوطني مع تأسيس شراكة محتملة يتحدث عنها القيادي السابق في جماعة الإخوان والمفصول حاليا الشيخ زكي بني ارشيد بين الإسلاميين والتيار المدني.
في كل حال يبدو ان الرزاز يحتفظ بشغفه القديم لكن دون ضمانات بأن يتمكن من ترجمة وبرمجة هذا الشغف لصالح تعديل وزاري يجذب شخصيات من التيار الإسلامي مقربة من الإخوان المسلمين تحديدا على أمل بناء تصور سياسي لأجندة الحكومة المستقبلية.
وسعيا لتمحيص هذه الفكرة المغرية كان وزير الداخلية في الحكومة سمير مبيضين، هو محطة التفاعل النادر الأول بين ثلاثة من قادة جبهة العمل الإسلامي التابعة للإخوان المسلمين وبين الحكومة عبر وزارة الداخلية بحضور شخصيات أمنية أيضا. في ذلك اللقاء قدم الأمين العام للجبهة الشيخ مراد العضايلة لـ”القدس العربي” إفادة تشير إلى تبادل صريح للملاحظات بين قادة الحزب والوفد الحكومي في مكتب وزير الداخلية. وفقا للعضايلة تم التطرق للكثير من التفاصيل.
وقرأ الرزاز نفسه لاحقا تقريرا إجماليا ساهم في زيادة جرعة الحماس لفكرته القديمة والتي لا تتحمس لها مراكز أخرى قوية في الدولة وتعتبرها أمرا سابقا لأوانه ويمكن الاستغناء عنه من باب وجهة النظر الرسمية التي تقول إن كلفة حمل الإخوان المسلمين مجددا واحتضانهم مرة أخرى داخل الحكم والدولة قد يكون خطوة مضرة بمصالح الأردن مع عدة دول مجاورة من بينها مصر والسعودية والإمارات.
لكن ذلك السبب في رأي العضايلة والرزاز أيضا لا يكفي ليس فقط، لأن تجربة الإخوان المسلمين في الأردن متمايزة عن غيرها ولكن أيضا وهو الأهم لأن طبيعة الأزمة الداخلية الأردنية في بعدها الاقتصادي والاجتماعي تتطلب قواعد جديدة للعبة حسب العضايلة ونظرة أعمق لواقع المشاركة السياسية وفقا للرزاز.
بمعنى آخر قد تكون الفرصة اليوم مواتية عشية التعديل الوزاري المقبل لاختبار هذه القضية مجددا وسط قناعة الرزاز والمقربين منه في أن الهدنة مع التيار الإسلامي الذي يتجنب اليوم بوضوح التأزيم والصدام مع السلطة يمكن أن تكون أطول وعميقة أكثر في حالة جذب إسلاميين للطاقم الوزاري.
في طبيعة الحال لا يقترح نائب مثل الرقب مثل هذا الاقتراح بدون التشاور بشأنه مع مرجعيات الحركة الإسلامية.
لكن الاعتراض داخل دوائر القرار على هذا المقترح يتضمن التأشير على أن الدولة ليست مستعدة بعد لمشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات النيابية الأخيرة لدفع كلفة وجود التيار الإسلامي داخل الحكومة حيث يريد الإسلاميون هنا وقف اعتقال نشطائهم وإعادة المقرات التي سيطر عليها خصومهم المنشقون إلى ملكيتهم وعودة بعض خطبائهم للمساجد.
تلك كلفة يقول خصوم الحركة الإسلامية في الدولة أنها أكبر من عوائد استقطابهم، فيما يرى الرزاز وأوساطه بانها كلفة بسيطة ومنطقية وقابلة للتفاوض وعوائدها في المسار الوطني معقولة.