مؤتمر لندن يخرج عن «السياق الأردني» فجأة و«أوقات عصيبة» تعيشها حكومة الرزاز بعد عودة التجاذب «الجهوي»
دخل الطاقم الوزاري الأردني وحكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز من حيث العنصر الزمني والتوقيت، وفقط خلال الساعات القليلة الماضية، في حقل ألغام سياسي مفتوح على كل الاحتمالات، بما في ذلك مفاجآت غير سارة على صعيد استهداف الحكومة والتوثق من الضعف الكبير في أداء طاقمها الاقتصادي حصرياً. يبدو أن الساعات القليلة التي تسبق مؤتمر لندن الاستثماري كشفت لدوائر القرار عن مظاهر في التقصير والتدبير والتحضير يعتقد أن قطبين في الحكومة يتحملان مسؤوليتهما، وهما الرئيس الرزاز ونائبه الدكتور رجائي المعشر.
وسط اللحظات الأخيرة تأتي الأنباء غير سارة من كواليس مؤتمر لندن الذي سينعقد في أقل من 48 ساعة مقبلة دون وجود أي قرائن توازن أو تعادل مستوى الرهان الحكومي الرسمي على فعالية هذا المؤتمر في تنشيط الاقتصاد الأردني. لم تعرف بعد الأسباب التي أعادت توصيف مؤتمر لندن من مؤتمر مخصص للمانحين يحاول مساعدة الأردن على غرار ما فعلته فرنسا عام 2015 لصالح لبنان إلى مؤتمر مخصص لعرض إمكانات الاستثمار في الأردن.
مذكرة برلمانية لحجب الثقة عن أربعة وزراء و«خطأ بيروقراطي» يعيق التصدير للسوق العراقية
الرعاية البريطانية هنا كانت لوجستية وفنية، والوفد الوزاري الأردني الذي شارك منذ أكثر من أسبوعين في التحضيرات فوجئ بأن المشاريع التي تقدم أو قدمت في كواليس التحضير لانعاش الاقتصاد الأردني هي نفسها التي سبق أن قدمت قبل سنوات طويلة وبدون أي تجديد أو إطار منطقي بعيداً عن الدعم المالي المباشر الذي قال البريطانيون إنه غير متوفر. في الأثناء اضطرت الحكومة الأردنية، بالتنسيق مع السفارة البريطانية، لإقناع العشرات من أبناء القطاع الخاص بالمشاركة في المؤتمر الذي تغيرت أجندته، فـ «سلقت» الكثير من الخطوات المتسرعة هنا.
في الأثناء، وفيما تحول مؤتمر لندن إلى صيغة أقرب إلى «معرض استثماري» متسبباً بخيبة أمل كبيرة للأردنيين، كان اجتماع عريض التمثيل في العاصمة عمان يخفق بعد اتصالات مع أكثر من 30 دولة في جمع مبلغ يزيد على 50 مليون دولار فقط، علماً بأن قيمة العجز الذي تعتمده الأرقام الأردنية تتجاوز سبعة مليارات.
في كل حال، سياسياً، يمكن القول بأن الإخفاق المتوقع والملموس مسبقاً من الآن سيضاف إلى سجل إخفاقات أخرى يتحملها رئيس الوزراء الحالي، لأن أصول المراجعة والتقييم أظهرت خللاً كبيراً أفشل رهاناً كاملاً، حيث ظهرت الحكومة غير مستعدة لمؤتمر في غاية الأهمية. وظهر أيضاً بأن عدم الاستعداد وغياب الجاهزية يشمل أيضاً مسؤولين عن الملف الاقتصادي في دوائر أخرى مهمة في الدولة قد يكون من بينـها الإدارة الاقتصـادية في الديوان الملـكي.
استبقت حكومة الرزاز أصلاً خيبة الأمل المفترضة بتصريح للناطق الرسمي الوزيرة جمانة غنيمات أبلغت فيه الجمهور بأن الطاقم الوزاري في لندن «لن يعود ومعه مليارات». يحصل ذلك بطبيعة الحال في الوقت الذي يعيق فيه خطأ في جاهزية وزارة الصناعة والتجارة تصدير البضاعة والمنتجات الأردنية إلى السوق العراقية بالرغم من توقيع اتفاقيات ضخمة، وبالتوازي مع الانتقادات الحادة التي يوجهها الجميع حالياً في الإعلام والمنصات لحكومة الرزاز بسبب قضية مسيرة المتعطلين عن العمل أمام الديوان الملكي، الأمر الذي اضطره-أي الديوان- للاشتباك مع التفاصيل في قضية شائكة غابت الحكومة عن معالجتها. في الأثناء يتجول بعض النواب بمذكرة جديدة وغامضة لحجب الثقة عن أربعة وزراء في حكومة الرزاز .
من الصعب توقع نتيجة ونهاية هذه المذكرة الآن، لكن كرة الاحتجاج ضد الحكومة والتصعيد في الاتجاه المعاكس لها تنمو وتتدحرج وتزداد في الحالة السياسية المحلية، خصوصاً بعد غرق مجلس النواب، أمس الأحد، في الجدل البيزنطي المتعلق مرة أخرى بـ «جهوية» التعيينات في الوظائف العليا.
انقسم النواب هنا ما بين مؤيد ومعارض لعدم تجديد عقد مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون فراس نصير، الذي خاض بدوره مواجهة للبقاء في موقعه مدعومة من مستويات عدة في الدولة مع الرزاز والـوزراء المعنيـين المقربين منه، وبينهم الوزيرة غنيـمات. ويعـتقد أن التجـاذب بين الحكومة ومراكز قوى أسـاسية في الدولـة زادت جرعته على نحو سريع ومباغت خلال الساعات الأخيرة التي تواجه فيها حكومة الرزاز بعض الأوقات العصيبة، فيما ينتظر الجميع المراجعة والتقييم الذاتي للأخطاء والمشكلات التي يمكن أن ترتبط بعوائد ومكاسب صغيرة جداً وبائسة من مؤتمر ضخـم اسـتضافته دولة عظمـى مثل بريطانيا لدعـم الاقتصـاد الأردنـي دون تحقـيق تلـك المكاسـب التي كانـت الحكـومة تقـول إنـها تسـتعد لها منذ خمسـة أشهر على الأقـل.