ما الذي يشغل أعضاء “نادي الرؤساء” الأردني؟
التغيير في المناصب العليا في الأردن يحصل أحيانا على طريقة “الموت المفاجئ”.
تلك رواية شهيرة ومنقولة عن رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي الذي كان مؤخرا الوحيد من الشخصيات التي ردت على مزاعم بعض الأطراف بالجمهور حول فترة ولايتها وأدائها بكتاب موثق تماما يكشف بشفافية عن كل تفاصيل شركة دبي كابيتال التي أدارها الرفاعي لعدة سنوات بعد مغادرته المنصب الرسمي.
قبل ذلك كان الرفاعي أيضا الوحيد بين أقرانه الذي اقترح علنا ان يتقدم كل رئيس حكومة بكشف تفصيلي عن ما أنجزه ووعد بإنجازه وعما أخفق فيه على اعتبار ووفقا لشروحات قدمها لـ”القدس العربي” عدة مرات ضرورة تحلي من خدم سابقا في الوظيفة العامة بروح المسؤولية والقدرة على المصارحة والشفافية.
فعلها الرفاعي على أرض الواقع وأصدر بيانا في منتهى التفصيل عن فترته كرئيس للوزراء مرتين قال فيه للشعب الأردني والرأي العام بما يعتقد انه أنجزه فعلا وما لم تنجح حكومته في إنجازه.
لاحقا خرج الرفاعي بمبادرة الوثيقة التي توضح ما الذي حصل مع شركة دبي كابيتال بالرقم والبرهان والمرجع المفصل منعا لما اسماه باستمرار محاولات التشكيك وبث الروح السلبية وحرصا على الرد على شبكة الهدامين التي تستهدف إضعاف ثقة شباب الاردن بمسيرة دولتهم ومؤسساتها وقطاعاتها.
عمليا قدم الرفاعي وثيقته المكتوبة كما قال في رسالة أرفقها بها لـ”القدس العربي” توضيحا للحقيقة وتنقية للمعلومة واحتراما لحق الناس بالمعرفة بدون تدخل أو توظيف مشيرا إلى أن تجربة الشركة المشار إليها طالها ظلم وتشويش لأسباب سياسية وأخرى شخصية.
قد تكون تلك مبادرة مثيرة فعلا للنقاش سجلها الرفاعي وهو يهتم بترويج ثقافة توقف أعضاء نادي رؤساء الوزارات عن الاحتماء وراء المؤسسة فقط وتجنب مواجهة الرأي والحجة والمعلومة المضللة.
وعند الاشتباك في مساحة الرؤساء والواقع السياسي يمكن مراقبة الظهور الدائم والاشتباك مع التفاصيل بالنسبة لرئيس حكومة من وزن السياسي المخضرم طاهر المصري. لكن المصري ظهرت بتوقيعه مبادرة جديدة مؤخرا حيث تم إعلان تجديد خطوة قديمة للإعلان عن حالة تيار أو تجمع وطني جديد يساعد الدولة والمجتمع بشراكة مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات.
لم تعرف بعد المسافة التي يمكن أن يقطعها الثنائي المصري – عبيدات – باتجاه التيار السياسي الجديد خصوصا وأن الرجلين قادا عدة محاولات مماثلة في الماضي.
استمعت “القدس العربي” للمصري عدة مرات وخطابه في العام الأخير عموما يرمز على التركيز من تأثير مشروع تصفية القضية الفلسطينية على المصالح العليا للدولة والشعب في الأردن، حيث يعتقد أن البوصلة اليمينية المتطرفة في إسرائيل والولايات المتحدة تتجه نحو تصفية القضية الفلسطينية وتهويد دولة الكيان الإسرائيلي وتهديد مبنى المسجد الأقصى لا بل احتمالية إسقاطه قصدا وتدميره مع التأسيس لحلم إسرائيل التي تهمين على المنطقة.
والأخطر في رأي المصري هو التأسيس لتجربة ترانسفير منهجية وبطيئة وعلى خلفية اقتصادية بهدف تفريغ لضفة الغربية من أهلها.
يصول المصري ويجول في كل موقع متاح في بلاده وهو يحذر من صفقة القرن وخطورة تصفية القضية الفلسطينية على الأردن دولة وشعبا.
في المقابل يتحرك شريكه السياسي الجديد القديم عبيدات في مساحة مترددة، فقد رفض مؤخرا مبادرات من أقطاب المعارضة والحراك لتزعم جهد باسم توحيد الحراك الشعبي.
ويبدو أن تمسك عبيدات بالتصرف كرجل دولة قبل أي اعتبار آخر أجلسه بصورة نادرة في الحوار اليتيم الذي جرى في القصر الملكي مع الملك وبحضور 13 شخصية على الأقل من أعضاء نادي الرؤساء السابقين.
يجدد في المقابل رئيس سابق من وزن عبد الكريم الكباريتي حراكه العميق والخالي من الضجيج والإثارة بين الحين والآخر تحت العنوان الاقتصادي مستصعبا تحقيق مصالح اقتصادية وتجارية ذات وزن باتجاه بلدين مجاورين هما العراق وسوريا والاحتفاظ بالقطيعة أو التخاصم السياسي مع دولة متحكمة بالبلدين هي إيران.
يغيب بالتوازي عن المشهد عدة رؤساء حكومات ولأسباب متباينة من الذين يمكن تصنيفهم بأنهم خارج معادلة القرار الرئيسي، فالرئيس معروف البخيت مثلا يتحدث بالقطعة بين الحين والآخر ويتذمر مقربون منه من أن أحدا لا يشاوره، والدكتور فايز الطراونة بعد ست سنوات من إشغال وظيفة الديوان الملكي يختفي تماما عن الأنظار والنقاشات. كذلك لا يتحدث في السياق العام رئيس مثل نادر الذهبي ويعتزل المخضرم المحنك رجل الدولة رفيع المستوى الدكتور عون الخصاونة كل الجدالات.
المبادرات في نادي رؤساء الوزارات الأردني مترددة وموسمية، بعضها كتوم وبعضها الآخر جريء ويشتبك لكن الاستنتاج العام حتى اللحظة يشير ان النخبة التي تحكم المشهد حاليا تحرص لسبب أو لآخر على تجنب الاستفادة من مخزون الحكمة والتجربة والخبرة في النادي المشار إليه.