مسلسل «جن» الأردني: الاحتضان وإيحاء جنسي بين مراهقين قرب أسوار مدرسة خاصة يتحولان إلى «حدث وطني»
طلبات تدخل للمفتي والنيابة والبرلمان… و27 مليون زائر جديد لـ«نتفليكس»
: مشكلتان من العيار الثقيل جداً أظهرتهما النقاشات العاصفة أردنياً مؤخراً على خلفية مسلسل فني يحمل اسم «جن». الأولى، تعيد التذكير بتلك «السطوة» العميقة جداً في عالم اليوم لمنصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإرهاق المؤسسات الرسمية وإشغال جميع السلطات بما فيها الأمنية والقضائية ودفع جميع المسؤولين والسياسيين بدون استثناء للتأمل والتصرف والانتباه والحيطة والحذر.
هنا حصرياً وأمام «القدس العربي» اقترح رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، وهو من أكبر الناقدين وأجرأهم لما يجري على المنصات الإلكترونية، مقاربة وطنية جامعة تبحث عن حل لهذا الإشكال التأزيمي التوتيري. الفايز يصر على أن فوضى «التعبير الإلكتروني» ينبغي ألا تقود الجميع، لأن المعاناة كبيرة جداً والشائعات كثيرة والتأثيرات السلبية على المجتمع والدولة أصبحت عميقة.
فكرة الفايز أنه: «لا بد من معالجة ومقاربة وطنية، ومن المعيب على جميع الأردنيين أن يُترك الحبل على الغارب لفوضى الافتراء والإساءة، مرة لذائقة الشعب وأخلاقه، ومرة للمؤسسات ورموزها». وبكل حال، وبعيداً عن منطوق ما يتحدث عنه الرئيس الفايز، من الضروري الانتباه الى أن الأزمة التي حملت اسم «مسلسل جن» مؤخراً أسست للقناعة التي يتحدث عنها عضو برلمان مخضرم من وزن خليل عطية من عامين بعنوان «وسائط التواصل هي التي تقود الآن».
«شغف» الأردنيين بالتواصل الاجتماعي ظاهرة عصية على التفسير حتى الآن، فهم في المرتبة الثانية عالمياً قياساً بعدد السكان والساعات على الشاشة الإلكترونية، حسب الخبير بالرصد الإلكتروني، علي الحبيب، الذي يصر بدوره على أن تلك قد تكون «ميزة» يستفيد منها الجميع لو انضبطت الأمور، مشيراً إلى أن الجانب الحقوقي يؤشر على أن وجود «انفلات» في حريات التعبير على المنصات ينبغي ألا يتحول إلى أداة تغذي الجشع المعني بفرض مزيد من القيود. ويتحدث الحبيب عن ثورة في التفاعل وسط الأردنيين عصية على الترتيب، والتعامل الأمني والقضائي معها فقط لا يكفي.
عملياً، أثبتت السياقات المتعلقة بمسلسل «جن» بأن تبادل الأحضان وعبارة بإيحاء جنسي بين مراهقين قرب أسوار مدرسة خاصة على شاشة الكاميرا يمكن أن يتحولا إلى «حدث وطني» تنشغل فيه البلاد مع العباد لأسبوع متواصل.
مع مسلسل «جن» المثير للجدل بدأت القصة من تعليق صغير لأحد النشطاء وانتهت بأزمة وطنية عارمة تطلبت تدخل المفتي العام والنيابة والبرلمان، وحتى بعض الأمراء في العائلة المالكة، خلافاً لجموع الرأي العام وغالبية المؤسسات.
الفلتر الرسمي المعني برصد تفاعلات الأردنيين تحدث عن ما لا يقل عن مليون تعليق في ثلاثة أيام صدرت عن الأردنيين ضد أو مع مسلسل قال الأمير علي بن الحسين مستغرباً أنه «غير وثائقي».
لا أحد يستطيع معرفة ما الذي يحصل بصورة محددة هنا، فبسبب الحملة الأردنية الشعبية على المسلسل وقناة نتفليكس التي عرضته، حظيت القناة نفسها – حسب خبراء من بينهم الحبيب – بـ 27 مليون «زائر جديد».
وكانت الحملة الأردنية البسيطة أقرب إلى دعاية مجانية كونية لقناة نتفلكس المثيرة للجدل، والتي يعتقد على نطاق واسع أنها تخدم التطبيع مع إسرائيل في النهاية.
وبكل حال، هذه الوقائع الرقمية والتقنية تقود إلى استنتاجات سياسية أكثر إثارة عندما يتعلق الأمر بالمشكلة الثانية أو التالية التي أثارتها عاصفة مسلسل فني بالأردن، حيث توارى إلى الوراء تماماً الحديث عن مؤتمر البحرين لدعم القضية الفلسطينية والحديث عن صفقة القرن. حيث أنه وقبل النقاش الجماهيري العاصف عن مسلسل «جن» كانت صفقة القرن تحتل المرتبة الأولى في اهتمامات المنصات الأردنية التفاعلية.