هل يحتاج الأردن لبناء المزيد من السجون؟
أعلنت السلطات الأردنية مجددا عن توقيف 81 شخصا لهم علاقة بمخالفات مالية وجنائية.
وقبل ذلك قالت إحصاءات رسمية إن عدد المطلوبين لجهاز التنفيذ القضائي بالتوازي مع الضائقة الاقتصادية المستمرة منذ ثلاثة أعوام لا يقل عن 200 ألف أردني بقرارات وأحكام وعقوبات أغلبها لها علاقة بالجوانب المالية والاقتصادية.
قياسا بعدد أفراد الشعب وبالوضع المالي والاقتصادي الحرج وبالزيادة المرعبة لعدد الشيكات المرتجعة، يمكن القول إن عام 2019 قد يشهد المزيد من التصدع في الخلافات ذات السياق المالي.
ويحذر خبراء من ان عدد القضايا ذات الطبيعة المالية في المحاكم سيشهد نموا مربكا لجميع الأطراف خصوصا وأن الجهات المعنية بتنفيذ أحكام القضاء لا تجد إمكانات بشرية ومالية تساعدها في إنفاذ القانون.
ومع وجود عشرات الآلاف من الأردنيات المطلوبات قضائيا بسبب قروض صغيرة جدا حصلن عليها وعجزن عن السداد، تتحول قضية الخلافات المالية بين الناس إلى ملف رأي عام مربك ومعقد له صلة مباشرة بالأمن الاجتماعي خصوصا وأن الانعكاسات السلبية الحقيقية على السوق والحركة التجارية ومصالح المواطنين حسب عضو البرلمان خليل عطية ستظهر في العام المقبل.
الأعداد المرشحة للتحول إلى أطراف خصومة في المحاكم كبيرة جدا والأرقام خصوصا عند التشاؤم في مسألة انعكاسات قانون الضريبة الجديد مرشحة لإثارة بلبلة وبعض الرعب في المجتمع، حيث عشرات الآلاف الآن بين القضايا العالقة في المحاكم والتي تنتظر بدورها الحسم، وحيث قواعد صارمة في القانون تحسم الخلافات المالية وتنص على توقيف أو سجن الأطراف المدانة والمتهمة إلى حين تسوية الخلافات المالية، ومع الركود الاقتصادي وغلاء الأسعار وضعف الموسم الزراعي وتراجع حركة الاستيراد يمكن توقع أوضاع في غاية الصعوبة قريبا على المستوى الداخلي.
وتفكر وزارة العدل في آلية عصرية مع وزارة الداخلية وجهاز الشرطة لإنفاذ أحكام القضاء.
ويحذر خبراء عبر “القدس العربي” ومن بينهم الإعلامي والصحافي ناصر قمش، من أن السجون الموجودة في البلاد ومراكز التوقيف فيها أصلا أعداد فائضة عن الحاجة. قمش كان صاحب مبادرة عندما طالب بالاستعداد لمرحلة ما بعد قانون الضريبة الجديد ببناء المزيد من السجون والمقابر أيضا، حيث يتوقع أن يلجأ المتضررون أكثر في الخصومات المالية إلى القضاء ما سيؤدي إلى التوقيف والسجن ويحذر من أن أزمة المعيشة الاقتصادية الخانقة قد تنتهي بأزمة جنائية تؤدي إلى المزيد من الوفيات أما بسبب الجرائم أو الحسرة والجلطات.
مثل هذا الرأي قد ينطوي على مبالغة لو أن جميع الأوساط الخبيرة غير متفقة على أن التداعيات ستظهر عام 2019 لأن تطبيق قانون الضريبة مع ثبات الدخول والرواتب واستمرار معدلات البطالة قد يؤدي لانحسار كبير في النقد في الأسواق وإغلاق العديد من المصالح التجارية والشركات وركود في عمليات البيع والشراء. وقد يؤدي أيضا إلى أن من يملكون النقد سيمتنعون عن استثماره وتحريكه في السوق بسبب مشاعر الخوف التي يمكن أن لا تكون مبنية على حقائق ووقائع من تطبيقات قواعد الضريبة الجديدة ومن نتائج خطة الحكومة في تخفيض العجز المالي، حيث يعتبر المواطن الأردني المصدر الأساسي اليوم للدخل وللخزينة والاعتماد شبه كلي عليه لتمويل النفقات في جميع مؤسسات وأجهزة الدولة.
حجم الاختلال الذي سينتج في رأي البرلماني والخبير يوسف القرنة عن الذهنية المحاسبية التي أدارت ملف التصعيد الضريبي صعب جدا ونتائجه ستكون سلبية، لأن عقل الحكومة تجاهل من البداية الفكر المالي أو الاقتصادي وتمت إدارة الملف برمته بعقلية محاسبية.
الخشية تتواصل بهذا المعنى من سلسلة قد لا تنتهي من الخصومات المالية الناتجة عن الاحتفاظ بالنقد عند من يملكونه أو المنسحبين من السوق خوفا من قانون الضريبة الجديد أو المتأثرين بالركود بعدما أعلنت قطاعات مهمة عن ركود مسبق وصل إلى 40 في المئة مثل قطاعات الألبسة والسيارات، في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي عن أن حجم رهن رواتب الأردنيين إلى القطاع المصرفي أكثر من 40 في المئة. وحسب مجمل هذه المعطيات من المرجح بروز آلاف القضايا المتعلقة بالإخفاق في الالتزامات المالية أو بالخصومة المالية.
العبء هنا سيكون كبيرا على الجهات القضائية، وعلى الدولة في رأي كثيرين أن تستعد لتوسيع أو بناء المزيد من السجون وبالتالي تخصيص الموازنات المالية لإدارتها حيث يكلف السجين الواحد وفقا للأرقام الرسمية المتداولة ما يقارب ألف دولار على الأقل شهريا.