اراء و مقالات

ظهور «الدولة السمسار» … رصيف بـ«الدم الغزاوي» وكوشنر الذئب العقاري

حتى الركام لم يسلم من «جريمة ومحرقة العصر» في غزة؟!
قنوات عربية تحدثت بلغة التأكيد عن «سرقة الاحتلال لبيوت الغزيين»، وقد توسعت محطة «الحقيقة الدولية» الأردنية في توثيق بعض تلك السرقات.
لكن لم يخطر في ذهن إنس ولا جن ما تحدثت عنه القناة الإسرائيلية «14» حيث شاحنات «تسرق ركام» البيوت والمنازل شمالي القطاع، لكي تزرعها على الشاطئ في إطار بناء «رصيف قبرص» الأمريكي ما غيره!
سألنا مقاولا مختصا فأبلغنا أن مثل هذه الخطوة لا يفعلها إلا «مقاول غشاش وبخيل»، ويسعى لتوفير النفقات، خلافا لأن طمم الساحل الفلسطيني يختلط بكفاءة إنشائية بنوعية الإسمنت المخلوط بالجبس الذي يستعمله أهالي غزة.
رئيس الوزراء علي أبو الراغب، وهو نقيب مقاولين ومهندسين سابقا بالمناسبة ظهر في وقت سابق على شاشة «المملكة» متحدثا عن آفاق العدوان مع تلميح يتعلق بطاقة وقدرات أهالي غزة.
قبل ذلك أشاد الرجل بـ«مهارة الإنشائيين من أبناء غزة»، وعندما استفسرنا قال من واقع خبرته الشخصية إن «العمال المهرة»، وحصرا في البناء والإنشاءات من أبناء قطاع غزة هم الأفضل في العالم العربي والأكثر قدرة على الابتكار.

دويري الغائب

يعرف الإسرائيليون ذلك على كل حال، وبعدما قتلوا «الجميع» وهدموا البيوت ها هم يسرقون الركام لبناء رصيف بمال مقاول عربي يعبر عليه الحلم الإسرائيلي – الأمريكي!
لعل بين الأسباب مسار «أمني» أيضا، فقد سمعنا اللواء فايز الدويري عدة مرات – أعاده ألله بصحته لشاشة الجزيرة – يقول إن الركام تحول إلى «ساتر عسكري»، وقد شاهدنا كيف يخرج المقاتل الفلسطيني من وسط الركام، محتميا به ليواجه المحتل – ليس على الجزيرة وقناة الأقصى فقط – بل على شاشة «سي أن أن» مؤخرا فقط.
حسنا، يريدون التخلص من «ركام» اختلط بالأشلاء والدماء – متنازلين باسم «العدالة الأمريكية»، التي تزعم أنها تريد إيصال المساعدات – عن تحديد مصير أكثر من 8 آلاف شهيد تحت الأنقاض.
بنية الكون الأخلاقية انهارت وخذلت الركام والأشلاء.
مراسل الشاشة الإسرائيلية كان يقف إلى جانب الجنود، وهو يصور الشاحنات، التي تسرق الركام جهارا نهارا وعواصم العرب، التي تسهر على «التكيف»، لم تدرك بعد، أن الخطوة التالية ركام قصورها وعظام جنرالاتها وشعوبها، وإن كانت غزة وحدها اليوم تقول «لا» وتقاوم المخرز نيابة عن «أمة منبطحة». كنا نقول «عدو يهاجم البشر والشجر».
أرجوكم بعد الآن أضيفوا «والركام والطمم»! وللعلم القصف الإسرائيلي سبق أن طال شبكة المجاري والصرف الصحي.
إنه بامتياز رصيف أمريكي بالدم الغزاوي. هي مرافق ومنشآت تكومت مسبقا في أحشاء طفل شهيد.
مرحى لعالم من هذا الصنف ولدول كبرى مع قوانينها ومعاهداتها وجيوشها وعملائها لا تساوي – بعد الذي حصل ويحصل – ذرة غبار علقت أسفل حذاء طفل، كان يمشي للتو على تلك الشواطئ، التي ستصبح رصيفا.
ألم يخطر في ذهن المقاولين أن عظمة شهيد مطحونة أسفل الرصيف ستصرخ في وجه أمه أو شقيقته وتقول «لا تغادري»؟

كوشنر والدولة السمسار

أبشع المقاولين، دون منازع في المقابل، المغضوب جاريد كوشنر، الذي اشتم بأنفه العقاري قيمة الأراضي على سواحل غزة، فأقترح ما كان قد اقترحه قبله زعيم عربي بعنوان «نقل سكان غزة إلى النقب»، ثم إنشاء مرافق مبهجة على أراض لها قيمة كبيرة.
كوشنر «ذئب عقاري»، لكنه ليس منفردا، بل مع قبيلة من صنفه تتجمع الآن للانقضاض على ساحل غزة.
أحد ضيوف «الجزيرة» حاول التحدث سياسيا عن اقتراحات كوشنر منددا، لكنه لا يفهم في المعطيات العقارية. وعلى فضائية «اليرموك» قال أحدهم «إنهم يبيعون غزة وأهلها بالقطعة والتقسيط».
ثمة أداة في الأردن اسمها «كركر»، وهي موازية لفظية لـ«كوشنر».
تلك أداة يحملها المقاولون والسماسرة لقياس مساحة الأرض، قبل بناء العقار، ومن يراقب الفضائيات، وهي تغطي زيارات علية القوم للمنطقة والإقليم، يشعر أن كلا منهم يأتي ويمسك بالكركر لقياس حصته، بعد خلط الدم بالإسمنت ومياه الساحل من الأرض والتخلص من «السكان الأصليين»!
وزير الدفاع الإسرائيلي حمل «عدة النصب والاحتيال» وزار على متن قارب حربي منطقة عمليات بناء الرصيف، وأنتوني بلينكن توقف عن ذرف الدموع على جدته، التي دفنت غريبة، وعاد للمنطقة متحدثا لـ»سي أن أن» عن «ميناء إنساني» على الشاطئ.
دول كاملة السيادة والأناقة والتفوق أمسكت بالكركر وتقمصت وظيفة «السمسار» في سوق غزة، الذي يقام رصيفه على «لحم أدمي يحترق»، فيما صاحبنا إياه على «أم بي سي» عمرو أديب نسي سؤال الفنانة أصالة عن «الدمار والشوق في سوريا»، وركز على خلافها مع «شيرين»!
لا نعرف ما هي أداة قياس السماسرة في تركيا، لكن أحد النافذين يمتلك 69 قاطرة نقل بحرية وظيفتها من يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول تعويض «الإسرائيليين» عن فاقد البندورة والباذنجان بعد «يباب» غلاف غزة.
لا حجة للصامت، لكن لا حصة أيضا بالمناسبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى