الأردن في «عتمة صفقة القرن» والسيناريو الأسوأ بعد انتخابات إسرائيل يتضمن «قرارات ثأرية» من نتنياهو والليكود
لا الصفدي ولا أي وزير خارجية في العالم لديهم معطيات ومعلومات
مباشرة بعد تجميد الأردن لاتصالات عبر قناة أمريكية فلسطينية سبق أن مثلها المستشار ثائر مقبل، عاد وزير الخارجية أيمن الصفدي أمس الأحد لتأكيد المؤكد بعنوان «لا تفاصيل حول صفقة القرن».
في الأثناء، تتفحص غرف القرار الأردني طبيعة وجوهر المشهد الانتخابي الإسرائيلي حالياً أملاً في وضع أهداف محتملة ضد الأردن إذا ما تمكن بنيامين نتنياهو ومجموعته من الإفلات بالحكومة.
السلطات المركزية في الأردن تحتاط تلقائياً لأسوأ السيناريوهات عندما يتعلق الأمر باحتمالية عودة الليكود إلى الحكم مع وجبات الانتخابات الإسرائيلية المقبلة. حلقة أردنية خاصة جداً بعيداً عن الأضواء استشعرت، مع بعض أذرع العمق الإسرائيلي، نصيحة فنية وسياسية وجهت لمركز القرار في الأردن: توقعوا خطوات تصعيدية واستفزازية إذا ما فاز نتنياهو مجدداً ضد الشراكة مع الأردن.
النصيحة نفسها ومن العمق الإسرائيلي الأمني تحديداً تحدثت عن ضرورة الصبر وضبط النفس على أساس أن بنيامين نتنياهو ومجموعته يريدون الآن إظهار عمان بلغة الطرف الذي يحاول تقويض اتفاقية وادي عربة. وجنرال إسرائيلي متقدم جداً أبلغ نظيراً أردنياً له خلف الستارة: عليكم الانتباه جدياً، ولا تمنحوا نتنياهو فرصة لتحقيق هدفه. بينما يتفحص الأردنيون هذه النصائح والمعطيات بحرص شديد.
ويعتقد على نطاق واسع بأن هذه النصائح هي التي دفعت حكومة عمان لتمرير الجدول الزمني التنفيذي الخاص بضخ الغاز الإسرائيلي إلى الأردن بالرغم من كل الضجيج المثار حول المسألة في الشارع، حيث نظمت أول مسيرة غضب شعبية، وحيث وقّع عشرات من النواب وللمرة الثانية مذكرة تطالب بمناقشة حجب الثقة عن حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز لأنها سمحت بضخ الغاز الإسرائيلي.
وعلى هذا الأساس يمكن الاستنتاج بأن تجاوز الموقف الرسمي والحكومي لكل الاعتراض على ضخ الغاز والمجازفة بمواقف الشارع ومجلس النواب هو تعبير عن خطوات تكتيكية يريد عبرها الأردن اتقاء شر محتمل من تيار الليكود الإسرائيلي، والتغطية على التشويش الذي شهد نشاطاً من نتنياهو تحديداً يحاول إظهار الأردن بصورة الدولة التي تحاول الخروج عن مضمون اتفاقية وادي عربة وعن تداعيات السلام المشترك. وهي نقطة أشار إليها الوزير الصفدي في حديث سابق مع «القدس العربي» عندما قال إن بلاده تحترم المواثيق والقوانين، وسلوكها أخلاقي، خلافاً لما يظهر عليه الأمر عند حكومة نتنياهو تحديداً.
وبالنسبة إلى وزيرة الطاقة هالة زواتي، الإطار القانوني والفني لاتفاقية غاز شركة «نوبل إنرجي» الأمريكية مكتمل. في المقابل، يحاول مجلس النواب اللجوء إلى مزيد من التصعيد بعدما ظهر ضعيفاً جداً وهو يسعى لإسقاط هذه الاتفاقية المثيرة للجدل. لكن بالمقابل تخشى أوساط القرار من «إبر تخدير» سياسية عبر نصائح الدولة العميقة في كيان الاحتلال، ثم من إنتاج مزيد من خلق الوقائع على الأرض التي تقلص هوامش المناورة والمبادرة أمام اللاعب الأردني.
وهنا تفيد تلك الرسائل الإسرائيلية العميقة أيضاً بأن نتنياهو شخصياً اعتبر إصرار الملك عبد الله الثاني على عدم تمديد عقد إيجار أراضي الباقورة والغمر سلوكاً عدائياً ومباشراً من الجانب الأردني في مرحلة انتخابية حساسة، ساهم في تقليص فرصة نتنياهو بالعودة رئيساً للوزراء، ولاحقاً بتشكيل حكومة ائتلاف وطني في الانتخابات الأخيرة التي يفترض أن تتجدد في غضون أسابيع.
بمعنى آخر، يتهم نتنياهو الأردن بالعبث ضد حساباته الانتخابية الداخلية، الأمر الذي يبرر هجمة منابر وأقلام إعلام الليكود مؤخراً على الأردن، ثم يبرر النصائح من الجانب الإسرائيلي التي تقترح تجنب الصدام والمواجهة وتحذر من سياسات وخطوات ثأرية وانتقامية لنتنياهو إذا ما عاد للواجهة والصدارة لاحقاً.
في هذه الأثناء، يطل الوزير الصفدي متمسكاً بمقولته حول عدم وجود أي تفاصيل لها علاقة بما يسمى صفقة القرن. وقال الصفدي لأعضاء اللجنة المالية في البرلمان، أمس الأحد، أنه لا يوجد لديه معلومات أو معطيات لها علاقة بصفقة القرن. الجديد في خطاب الصفدي أنه أشار إلى أن كل وزراء الخارجية في العالم الذين قابلهم أو تواصل معهم لا علم لهم أيضاً بصفقة القرن. والجديد قول وزير الخارجية الأردني، مباشرة، بأن الإدارة الأمريكية تحتفظ بصفقة القرن وتفاصيلها.
ويعني ذلك ضمنياً أن الأردن لا تربطه صلات وثيقة وقوية بطاقم إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب. كما يعني أن عمان، على الأقل حتى اللحظة، تصرح بعدم وجود معطيات أو دور لها في أي ترتيبات خاصة يقررها أو يحتفظ بها اليمين الأمريكي وشريكه اليمين الإسرائيلي في وضع تكتيكي محرج للغاية قد يؤشر على أن حكومة الأردن تتلمس طريقها مع اليمين في واشنطن وتل أبيب في العتمة والظلام.