اراء و مقالات

مفارقة أردنية حكومية: «استبعاد» التعديل الوزاري والبحث عن بدائل

إبلاغ الخصاونة للطاقم بعدم وجود تعديل وزاري وشيك لا يعني عدم الوقوف أمام استحقاق التعديل لاحقا لأن الهدف قد يكون احتواء أي بلبلة بين الوزراء وطمأنتهم.

عمان ـ «القدس العربي»: رغم التأكيدات المباشرة بعدم وجود نوايا وشيكة لإقرار تعديل وزاري على حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة في الأردن، إلا أن عملية البحث عن بدائل وزارية في أكثر من جبهة ومساحة تتهامس بها أوساط القرار والمؤسسات بين الحين والآخر وبصيغة توحي بأن استحقاق التعديل الوزاري لا يزال مطروحا وإن اختلفت التفاصيل والتوقيتات.

الانطباع العام أن حكومة الخصاونة بقي من عمرها نحو 10 أشهر في المرحلة اللاحقة. وأن سقفها الزمني قد يلامس سقف انتهاء ولاية البرلمان في دورته العادية الربيع المقبل ما يعني أن سلطتي التشريع والتنفيذ تتعايشان معا الصيف الحالي حتى الربيع المقبل.
وفي الانطباع أيضا توثق من أن مشكلات أساسية في الطاقم الوزاري وخصوصا في المطبخ الاقتصادي لا بد من معالجتها حتى لأغراض تمرير المرحلة المتبقية حيث القناعة متجددة بأن التعايش يزداد صعوبة لا بل يصبح مكلفا بين جناحين داخل الطاقم الوزاري المتخصص بالملف الاقتصادي.
لم يعد سرا في أوساط نخب عمان السياسية والوزارية بان واحدا من اثنين في قيادة الطاقم الاقتصادي هما الوزيران ناصر الشريدة ومحمد العسعس يتوجب من باب استعادة الهدوء العام يغادر إلى موقع آخر خارج الحكومة. ذلك طبعا من بين الاستخلاصات الرئيسية في هذا السياق. وأغلب التقدير سياسيا وليس عمليا أن إبلاغ الخصاونة للطاقم بعدم وجود تعديل وزاري وشيك لا يعني عدم الوقوف أمام استحقاق التعديل لاحقا لأن الهدف قد يكون هنا هو احتواء أي بلبلة بين الوزراء لا بل طمأنتهم لأغراض الاستمرار في العمل، الأمر الذي قد يدفع باتجاه إبلاغ الوزراء بأن الحكومة ليست قيد التعديل في وقت قريب وبأن ما يتردد على الصعيد الإعلامي محض تكهنات لا أكثر.
قد يكون ذلك صحيحا وقد لا يكون بدلالة أن شخصيات بارزة في موقع نائب رئيس الوزراء هي التي تتحدث عن تعديل وزاري قبل وأكثر من غيرها، بالرغم من تأكيدات الرئاسة والرئيس وعدم وجود ما يوحي بتعديل وشيك يطهى على النار.
لكن ورقة التعديل توضع على الطاولة في أي وقت لاحقا باعتبارها جزءا من انطباعات الاستحقاق السياسي مرحليا وعمليا وباعتبارها هدفا سياسي الطابع لمعالجة تلك الملاحظات على الأداء الوزاري هنا وهناك خصوصا في ظل المراجعات التي تجري لتقييم الأداء في مساري التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي.
ثمة قرائن يسوقها سياسيون وخبراء تؤشر على استحقاق التعديل باعتباره قد يصبح قريبا بين الممرات الإجبارية، فعملية الفصل بين وزارتي الصناعة والتجارة والعمل تقررت مباشرة.
يعني ذلك أن وزير الحقيبتين يوسف الشمالي بالحد الأدنى إذا بقي وزيرا للتجارة والصناعة سيفقد حقيبة العمل ويتطلب ذلك طبعا البحث عن شخصية تكنوقراطية تصلح لوزارة العمل على الأقل حتى يتم إثبات ميكانيزم المرونة عند الحكومة في تصحيح بعض الاجتهادات الخاطئة.
ويبدو أن الهمس شديد عندما يتعلق الأمر بالتقييم العام لأداء وزيرتي الاستثمار والتخطيط في الحكومة فكلاهما في موقع مهم ومتقدم.
لكن المسيرة بيروقراطيا لا تتقدم ووزيرة الاستثمار على الأقل تواصل التذمر والشكوى من ما تسميه غياب الصلاحيات والكادر.
وبعض التقييمات ترى بأن الحالة الأفضل لوزيرة التخطيط الحالية وهي مجتهدة ونشطة جدا وخبيرة بالمناسبة، أن تعود إلى ما وراء الستائر والكواليس وليس إلى موقع سياسي متقدم في الحكومة يفترض ان يشتبك مع النواب والأحزاب والإعلام والسبب خبراتها التكنوقراطية المتراكمة التي يمكن الاستثمار فيها في الحديقة الخلفية للحكومة والوزراء وليس أمام الجمهور.
ثمة أسباب منطقية وواقعية توحي بان وزارة الطاقة تحتاج إلى تغيير. وثمة أسباب أكثر عمقا توحي بأن الطاقم الوزاري الاقتصادي يحتاج لبدائل بصرف النظر عن حكمة وخبرة رئيس الوزراء وهو ينفي التعديل لأغراض تهدئة طاقمه.
طبعا تلك حزمة تعديلات متوقعة مع غيرها في مؤسسات القرار بانتظار الحسم المرجعي والملكي بكل حال. وهو حسم لبعض الملفات تأخر قليلا بهدف انتهاء عملية تقييم للمراجعة التي صدر توجيه بشأنها سواء في مسار تحديث المنظومة السياسية أو حتى في مسار وثيقة التمكين الاقتصادي.
تلك مسارات في المراجعة الهيكلية يفترض سياسيا أن تفرض بصماتها وإيقاعها والاستمرار في تجاهلها قد يجازف بالحكومة برمتها وأن كان لا ينطوي على حكمة وحنكة سياسية بحكم الخطاب المرجعي المعلن لجميع المسؤولين والذي قال بوضوح إن المستقبل لمسارات التحديث والتمكين وإن المسؤول الذي لا يرى في نفسه القدرة على الالتحاق وخدمة هذه المسارات يمكنه مغادرة الموقع. وأيضا بحكم الحاجة الملحة لوقف بقاء ونمو وزحف مسألة ازدواجية المرجعيات بين المؤسسات على الأقل في مسائل التنفيذ والإجراء والأداء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى