عشية «موسم المدارس» الأردني: هل يعود «الدوار الرابع» الحراكي إلى الواجهة مجدداً؟
نقابة المعلمين غيرت اسمه إلى «دوار الحجايا» والملك حضر الطابور الصباحي في مدرسة عريقة
هل يعود الدوار الرابع إلى الواجهة مجدداً في الأردن وبزخم أكبر خلال أيام قليلة؟.. هذا سؤال «الزاوية الحرجة» إلى حد كبير بعد سلسلة أحداث تعيد فيما يبدو إنتاج الالتهاب الحراكي السياسي المزمن في العاصمة عمان وهو يتغذى اليوم على أزمة اقتصادية خانقة.
صباح أمس الأحد بدأ اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، وخلال أسبوع قبل ذلك اكتوت الغالبية الساحقة من المواطنين بنيران أسعار التجهيز لموسم المدرسة ،حيث قرطاسية وحقائب وبدل كتب ونفقات وأقساط مدارس تجمعت معاً في أسبوع واحد، ودفعت بالأردنيين مجدداً إلى واجهة الاحتقان المالي.
المدرسة وموسمها بالمعنى الاجتماعي هنا أصبحت واجهة سياسية لتفريغ الاحتقان المعيشي. وقد أرسل الملك عبد الله الثاني شخصياً رسالة طمأنينة للمواطنين عندما حضر الطابور الصباحي في إحدى أعرق مدارس العاصمة عمان، في الوقت الذي تتغيب فيه الحكومة عن مستوى التطمينات.
بوضوح شديد وببساطة، لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد رحل عن الدنيا بحادث سير مفجع صباح الجمعة نقيب المعلمين الدكتور أحمد حجايا خلال تجوله بسيارته قرب مدينة الطفيلة جنوبي البلاد للقيام بواجب اجتماعي. نقيب المعلمين الراحل نشرت صورته بعد وفاته آلاف المرات، وعشرات الآلاف من المواطنين والمعلمين عبروا عن أسفهم لرحيله.
وفاة الحجايا قبل يومين من الموسم الدراسي، وبعد تدهور سيارته وإصابة ثلاثة من أولاده، أنتجت زخماً غير متوقع له علاقة بحراك طبقة المعلمين، حيث الحديث هنا عن أضخم نقابة في تاريخ البلاد من حيث العدد. النقيب البديل، وهو نائب الراحل، أقرب إلى جماعة الإخوان المسلمين وليس فقط حليفاً نقابياً لهم. وآخر تلويحات علنية لنقيب المعلمين الراحل كانت دعوة للاعتصام والاحتجاج بمسيرة معلمين ضخمة في قلب الدوار الرابع قرب مقر رئاسة الوزراء يوم الخميس المقبل. رحل الحجايا عن الدنيا قبل ستة أيام فقط من موعد الاعتصام الذي يربك الحكومة وتقريباً غالبية أجهزة الدولة.
ومن نافلة القول السياسي الإشارة إلى أن رحيل الحجايا ألزم هيئته العامة التي يزيد عددها عن عشرات الآلاف، ولو معنوياً، بدعوته العلنية إلى تنظيم الاعتصام الضخم، في مؤشر يمكن أن يزيد من عدد المعتصمين إذا أخفقت السلطات قبل الخميس في التفاوض مع النقابة بحلتها الجديدة، والتي أعلنت الاعتصام أصلاً تحت عنوان المطالبة بعلاوة 50 % على الرواتب على الأقل. طبعاً هي علاوة تنطوي على مبالغة وفي ظرف حساس، لكن أوساط النقابة تشير إلى أن أحداً لم يتحرك للتفاوض معها. لم تعرف بعد الأسباب التي دفعت الحكومة ووزارة التربية والتعليم إلى ترك المطالب تتفاعل في نقابة المعلمين دون اختبار التفاوض معها، حيث انتهى الأمر بأن أصبح الاعتصام المذكور مسألة «أمنية» وليست مطلبية فقط.
الأكثر أهمية في سياق الترميز السياسي هو تلك اللهجة المتصاعدة في بيانات وأدبيات نقابة المعلمين بعد رحيل الحجايا، فلأول مرة يقرر المعلمون تغيير اسم الدوار الرابع وإطلاق اسم جديد عليه هو « دوار أحمد الحجايا « مع ان الحجايا الراحل نفسه كان يطلق على الدوار اسم «دوار المعلم».
تلك طبعاً تبقى تسمية شعبية وليس رسمية لمنطقة الدوار الرابع المهمة والاستثنائية، حيث مقر رئاسة الحكومة، لكنها في الوقت ذاته تسمية فيها قدر كبير جداً من المناكفة والاعتراض والاحتجاج سرعان ما ستتحول إلى تسمية معتمدة على الأقل في الأوساط الشعبية. الاستعادة الشعبية السياسية هنا أكثر حساسية، فقد ارتبط حراك الدوار الرابع اليوم بشهر رمضان من العام الماضي، حيث أسقط الدوار واعتصامه حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي وقفز بحكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز.
بمعنى آخر، لو نجح المعلمون في إنعاش حراكهم الجديد بعد رحيل نقيبهم الذي خدم قضيتهم حتى في وفاته لوصل الجميع إلى الاستنتاج الذي يقول بأن الدوار الرابع ينهي عملياً بعد عام وثلاثة أشهر التقويض الممنوح للرئيس الرزاز وحكومته. ذلك يحصل طبعاً أو قد يحصل بعد خطف المعلمين للاسم الرسمي للدوار الرابع في حادثة نادرة. ومهم جداً في السياق الإشارة إلى أن اعتصام طبقة المعلمين في الدوار الرابع، إذا ما حصل الاعتصام فعلاً، سيجذب الإعلام المحلي والدولي مجدداً وسيتحول إلى نقطة جذب للحراكيين من غير المعلمين وللفضوليين ولكل من له ثأر إداري محتمل من بقية الشرائح، وهم كثر في الواقع. لذلك، وبالخلاصة، يمكن القول إن الحكومة ومعها السلطة في الأردن تسابق الزمن الآن لإيجاد طريقة تحول دون عودة الدوار الرابع.