الأتراك مثل العرب مهتمون بمتابعة “الجريمة السعودية”… “أبو المناهل” الأردني و”أبو البناشر” الفلسطيني تزهو بكم المناصب
رغم بعض الكوارث البسيطة في مخارج الحروف والنطق وفي بعض الأحيان في اللغة إلا أن الشبكة الناطقة بالعربية من الفضائيات التركية في “إيه أر تي” أو غيرها لديها متسع من الوقت للتحدث باسهاب عن كل التفاصيل المعنية بقضية الصحافي الراحل جمال خاشقجي.
ينفي ذلك التهمة عن قناة “الجزيرة” في أنها تركت كل شيء وركزت حصريا على هذا الموضوع مع أن رجل أعمال بنغاليا قابلته في اسطنبول مؤخرا سالني: الشخص الذي أمر بقتل خاشقجي: ألم يقرأ القرآن الكريم؟
يسأل المواطن التركي كل من له ملامح عربية عن جذر قصة خاشقجي .
حتى محطة محلية فرعية صغيرة معنية فقط بمحافظة آضنا حاولت تحليل ذوق المرحوم في لون الملابس، التي يرتديها .
الرئيس أردوغان بدوره يظهر على ثلثي الشاشات ويتحدث عن خاشقجي كلما تطرق لأي موضوع أو ملف بما في ذلك القضايا التركية المحلية .
ليس وحدنا في الشارع العربي مهتمون ونبحث عن إجابات على أسئلة.. الشعب التركي أيضا حيث لا جواب إطلاقا من أي نوع يمكن أن يقنع تلميذا في المدرسة الابتدائية لا بمقتل زميلنا المرحوم ولا بالطريقة الوحشية التي تمت فيها الجريمة .
للأسف الشديد كان المسلمون يسألوننا عن فلسطين وعن جرائم العدو الاسرائيلي واليوم السؤال عن جريمة سعودية!
أبو “المناهل والبناشر”
بدلا من “تشمير المواطن الأردني” عن ساعديه للمشاركة في حفلة موسمية جديدة باسم “مشروع نهضة وطني” يمكن أن نقترح على الحكومة – ما دامت قد اعترفت بضعف البنية التحتية – تزويد الشعب برادار خاص وظيفته الصياح في عمق دماغ المواطن: “إحذر أمامك حفرة أو سيل أو فيضان”.
أشبعنا تلفزيون الحكومة تصفيقا لمشروع النهضة الوطني وتولى تلفزيون المملكة “التصفير والزغاريد”.
الحكومة في “المطب القديم” نفسه، إذا لم تركز على الأولويات الأهم فقد ابتلعت السيول والحفر الامتصاصية والسدود الخالية من الجدران 37 مواطنا عدا ونقدا، ولم يبدأ بعد موسم الشتاء.
لا بد من تركيب جهاز رادار صوتي على رأس كل مواطن يحذره من “حفرة تركها عمال بلدية العاصمة إهمالا بلا غطاء” أو سيل جارف بطريقه لإبتلاعه أو طلقة شاردة في حفلة عرس أو “صخرة” تلحق بزجاج سيارته من مراهق غاضب يعتقد أن عشيرته هي التي فتحت الأندلس.
قبل الحديث عن “نهضة وطنية شاملة” وعن “عاصمة خالية من الكربون” يمكن الإنشغال مؤقتا ببناء جدران استنادية حول السدود أو زرع لافتات في المناطق الخطرة أو – وذلك أضعف الإيمان – تغطية بلدية العاصمة للمناهل والحفر، حتى لا يغرق فيها من يدفعون الرسوم والضرائب لها.
“أبو المناهل” الأردني باق ويتمدد، ولا ينافسه إطلاقا، حسب التعليقات الساخرة على منصة “الجزيرة” الالكترونية إلا “أبو البناشر الفلسطيني”.
هل تذكرونه؟ صاحبنا العقيد ومعه أمين سر حركة فتح في يطا قدما خدمات “الصيانة” لجيب إسرائيلي.
لم يثرنا المشهد العاصف، كما فعل مع الشارع العربي، وما استفزنا جدا هو الإضافة التي لا لزوم لها في توضيح السيد أمين السر عندما قال”ونجح الأخ فلان في تركيب دولاب الجيب الإسرائيلي المعطل”.
عموما، قد يستفيد “أبوالمناهل” من مشهد “أبو البناشر”، فالوحدة الوطنية حول ضفتي نهر الأردن من عمق عمان الصامدة إلى جبل الخليل الاشم يمكنه أن يردد بصوت واحد متحشرج “تزهو بكم المناصب”.
صاحبنا النجم الدكتور يونس قنديل، الذي حفر إبن شقيقته على لحمه عبارة “مسلمون بلا حدود”، طلبا للعلم أو الشهرة أو “ألله أعلم” تحول فجأة من نجم بلا منازع للحريات والمفكرين إلى سجين برقم في طريقه لتهمة البلاغ الكاذب وإيذاء النفس.
صاحبنا ظهر متعافيا ويتحدث بطلاقة في أخر حوار متلفز تم بثه عبر فناء “سواليف”.
قبل ذلك وفي محطة “المملكة” تحديدا كان الرجل، حسب الصورة والصوت محطما تماما بعد كل الجدل، الذي أثارته ندوة “ميلاد الله”.
الأهم هو الفرصة المتاحة الآن للتفكير بعمق أكثر ودون ضوضاء في مسألة الهامش بين “دور المفكر المستنير” وبين احترام اتجاهات المجتمع، التي أضاف عليها التاريخ والتراث “قداسة” واحتراما، من العبث التام مناجزته أو تحديه.
نفهم قصة “مناشقة السرديات” وجلسة “ميلاد الله”، ولاحقا فيلم الاختطاف الهندي كمحاولة لتفكيك تراث الاخوان المسلمين فكريا وفلسفيا.
حسنا، نحن مع هذه المحاولة، لكن ضد الأدوات والأسلوب، لأن بين أي محاور متذاكي هنا وتنظيم الإخوان، الناس وعقائدهم وقناعاتهم.
باختصار، رسالتي لمن يمولون ويوجهون جماعة “مؤمنون بلا حدود”: إرتاحوا.. لا يمكن هزيمة الاخوان المسلمين بهذه الطريقة البائسة وإذا أردتم هزيمتهم، عليكم تقديم “بديل بسيط” للناس البسطاء عنهم وعن تراثهم.